قال المدعى العام لمدينة دريسدن كريستيان أفيناريوس إن الملامح العامة للقضية اتضحت تماما، وبات من المستحيل التماس الأعذار للمتهم، وفشلت محاولة دفاعه العثور على ثغرات مثل الادعاء بأنه كان مريضا نفسيا وأسقط عنه واجب الخدمة العسكرية فى روسيا عام 1999. وأضاف أفيناريوس ل«الشروق» أن روسيا لم ترسل حتى الآن تقريرا بحالة المتهم النفسية، علما بأن قانون التجنيد الروسى تغير عام 2003، كما أنه من الصعب قبول مثل هذه الشهادة عن حالة المتهم منذ 10 سنوات، فالأهم للمحكمة هو حالة المتهم النفسية وقت ارتكاب الجريمة. وأشار أفيناريوس إلى أن تقرير الطبيب النفسى بمسئولية القاتل عن جميع أفعاله تخرجه من دائرة تخفيف العقوبة المنصوص عليها فى المادتين 20 و21 من قانون العقوبات الألمانى، حيث تنص المادة 20 على إسقاط التهمة نهائيا عن المتهم الذى يثبت أنه ارتكب الجريمة وهو يعانى من خلل عقلى بسيط أو مرض نفسى مزمن، وكذلك المتهم الذى لا يكون مدركا وقت ارتكاب جريمته لخطورة تصرفاته وعدم مشروعيتها. وتنص المادة 21 على تخفيف العقوبة بنص الفقرة الأولى من المادة 49، بأن يحكم عليه بالسجن 3 سنوات بدلا من السجن مدى الحياة، أو بالسجن عامين بدلا من السجن 10 أو 5 سنوات، إذا كان المتهم وقت ارتكابه الجريمة غير قادر على التمييز أو استشعار خطورة جرمه. وأكد أفيناريوس أن المحكمة خلال جلساتها الماضية لم تخف أى تفاصيل عن الصحفيين ووسائل الإعلام، إمعانا فى الشفافية، وباعتبار القضية حساسة للرأى العام فى ألمانيا والعالم العربى، كما حاولت الموازنة بين طلبات الدفاع والنيابة وأسرة الضحية، وأن قرارات المحكمة بقبول إدلاء المتهم بأقواله كتابة، وعقد جلسة مغلقة لمناقشة تقرير الطبيب النفسى، هى قرارات قانونية تماما. وأوضح المدعى العام أن «توافر أركان الجريمة أمام المحكمة يحتم معاقبة القاتل بالسجن المؤبد، لكن الأمر ما زال أمام القضاء ولا داعى للتكهن به». ويعد المدعى العام بدريسدن من أكثر الشخصيات القضائية تعاونا مع وسائل الإعلام، وهو يحضر جميع الجلسات من مقاعد الصحفيين ويوضح لهم ما يغمض عليهم فهمه فى القانون، بينما يتولى أحد مساعديه مسئولية النيابة فى القضية، وهو شقيق الصحفى والمحلل السياسى المعروف توماس أفيناريوس، مسئول ملف الشرق الأوسط وإيران فى صحيفة زودّويتشه تسايتونج. محاميه اعترف بصعوبة المهمة وكما توقعت «الشروق» الأسبوع الماضى.. تساقطت خطوط الدفاع عن المتهم بقتل مروة الشربينى واحدا بعد آخر، لم تكن هناك فرصة للاستمرار فى البحث عن ثغرات فى ملف القضية للنفاذ منها وزعزعة عقيدة المحكمة بشأن مسئولية أليكس فينس عن جميع أفعاله. دفاع المتهم أثار استغراب الحضور خلال الجلسات الأربع الماضية، فتحديدا بعد إعلان تقرير المعمل الجنائى الذى أثبت تخطيط المتهم لجريمته وخلو منزله من المخدرات، فقد المحاميان ميشائيل شتورم وفايكو بارتل نشاطهما المعتاد، وحيويتهما فى الدفاع عن القاتل. شتورم محام شهير من دريسدن، عرف بدفاعه من قبل عن الأجانب ومنهم عرب فى العديد من القضايا، وانتدبته المحكمة للدفاع عن المتهم، ويبدو أنه قبل المهمة كنوع من التحدى. أما بارتل فهو محام غير معروف من مدينة بوتسدام، وكله عدد من الروس المتعاطفين مع أليكس، لكنه فى الآونة الأخيرة بدا خارج تركيز القضية تماما، لدرجة أنه لم يحضر جلستى الثلاثاء والخميس رغم أهميتهما، بحجة أن لديه مشاغل أخرى! الدفاع فى بداية المحاكمة حاول إلصاق التهمة بأحداث 11 سبتمبر وبالإعلام الأوروبى الذى صور المسلمين على أنهم خطر داهم يجب محاربته، وبعدما لفظ الجميع هذه الحجة وسخرت منها الصحافة الألمانية، حاول الدفاع إلصاق التهمة بالمحكمة بحجة أنها لم تقدر ظروف المتهم النفسية والاقتصادية وعاقبته بغرامة يعجز عن دفعها، مما دفعه لارتكاب جريمته. ثم كانت مسألة إصابة المتهم بنوبات تشنج، أثبت الطب كذبها، وفيما بعد كان التركيز على إثبات مرضه النفسى وهو ما انتهى إلى طريق مسدود أمس الأول. الطريف أن العديد من العبارات التى قالها محاميا المتهم كانت تثير ضحك الحضور لشدة انفصالها عن الواقع وتناقضها مع جميع التقارير الطبية، مثل الادعاء بأن المتهم يصاب بين الحين والآخر بلوثات عقلية لا تجعله متحكما فى أفعاله لدرجة عدم تمييزه بين الأشخاص وتحديد ملامحهم. والأكثر طرافة أن الدفاع حاول استغلال عبارة وردت على لسان أحد زملاء المتهم حيث قال إنه «كان يربى فأرا منزليا وعندما مات.. عاد إلى روسيا لدفنه هناك»! المحامى شتورم قال ل«الشروق» إنه يدرك مدى صعوبة المهمة منذ البداية، نظرا لأهمية القضية والضغط الإعلامى الكبير على جميع أطرافها، لكن عمله يحتم عليه أن يبقى متفائلا لآخر لحظة.. رافضا التعليق على نتيجة التقرير الطبى الذى أثبت سلامة موكله العقلية ومسئوليته عن جميع أفعاله. وأضاف شتورم أنه طلب منع الصحفيين والجمهور من حضور جلسة مناقشة التقرير بسبب تضمن التقرير عدة أسرار عن حياة المتهم، غاية فى الخصوصية، وغير صالحة للتداول الإعلامى.