وسط ما يزيد على 15 سائق حنطور بموقف «أطلس» بأسوان وقف محمد حجاج يهتف بزملائه: اللى لسه ما دفعش فلوس الاشتراك يدفعهم يا رجالة». لقد بدأ السائقون منذ الخميس الماضى فى جمع 500 جنيه من كل سائق، لتشكيل «رابطة سائقى الحنطور»، ودفع إيجار المقر وإنهاء الإجراءات القانونية، ثم توكيل محام لرفع قضية ضد محافظة أسوان. إنها الحرب إذن، فبعد أيام تنتهى المهلة التى حددتها المحافظة بإلزامهم بزى موحد، والموعد منتصف نوفمبر. المنشور وصل إلى سائقى الحنطور بعنوان «إعلان هام جدا»، قبل أسبوعين، وحدد الزى بجلباب أزرق اللون وصديرى أصفر وطاقية يصفها السائق عبدالحليم سيد بأنها «طرطور»، ويتساءل فى انفعال شديد «هو احنا عمال نظافة». أكثر ما أثار غضب السائقين هو ارتفاع سعر الزى الموحد، «رحنا نسأل عن الزى، لقيناه ب200 جنيه، وده مبلغ فوق طاقتنا»، ويضيف محمود سائق آخر أنه حسن المظهر ويعتنى بنظافته الشخصية، وهو أمر يلتزم به جميع سائقى الحناطير لطبيعة عملهم مع السياح، ويرى أنه وزملاءه «مش محتاجين زى المحافظة ردىء الذوق». يتعجب مصطفى السيد محافظ أسوان من موقف سائقى الحنطور، فقد «اجتمع بهم مصطفى عبدالمحسن رئيس مدينة أسوان وطرح عليهم فكرة الزى الموحد قبل إقراره، والسواقين هم اللى اختاروا الزى: جلباب بلدى أزرق اللون وصديرى أصفر وطاقية نوبى وشال وحذاء أسود. يضيف المحافظ أن المحافظة وجهت إحدى الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى لتجهيز طاقمين لكل سائق مقابل 200 جنيه، يقوم السائق بسدادهم «بالتقسيط المريح حسب إمكانياته». لكن الأمر تجاوز الغضب إلى الاحتجاج. يجهز السائقون الآن لرفع قضية ضد المحافظة، وتنظيم رابطة «سائقى الحناطير» لترفع صوتهم للمسئولين، وقالوا ل«الشروق» إن فكرة الرابطة قد ترددت على ألسنتهم كثيرا دون فعل، لكن قرار الزى الموحد هو ما أحيى الفكرة مرة أخرى. لكن قرار الزى الموحد هو قليل من كثير يعانى منه سائقو الحناطير فى أسوان، يتحدث إبراهيم طه سائق حنطور فى ضيق «منعونا تماما من انتظار الزباين على الكورنيش»، وطبقا لبيان صادر عن محافظة أسوان عام 1999، فإن هناك 10 مواقف رسمية للحناطير، اختفت خلال العشر سنوات الأخيرة تدريجيا، وتم بيع أرض أكبر موقف للحناطير لمستثمر قام بتحويله إلى «ملاهى بكار». ويرى مصطفى السيد محافظ أسوان أن قرار نقل الحناطير جاء بسبب الشكاوى من سوء مظهر عربات الحنطور التى تقدمت بها السفارات الأجنبية والشركات السياحية الخاصة، هذا بجانب سوء معاملتهم للأفواج السياحية المتوافدة على مدينة أسوان. «دلوقتى كل مواقفنا عشوائية، وفى شوارع جانبية»، يعلق إبراهيم فى تذمر شديد واصفا عجز السائقين عن جذب السياح إليهم بسهولة، «لأنى ممنوع أوقف الحنطور على الكورنيش، بروح للسياح هناك أقولهم إنى سواق حنطور»، وبالطبع يتشكك السياح فى مدى صدقه، ويظنون أنه لص أو نصاب، وفى رأيه «عندهم حق، ما هم بيٍسألونى فين الحنطور، بقولهم تعالوا ورايا، وكتير منهم بيخاف وبيرفض». يدفع سائقو الحنطور حوالى 600 جنيه سنويا لتجديد الرخصة، والقومسيون الطبى للكشف على النظر، والتأمين على السائق وعلى العربة، فضلا عن رسوم نظافة وغيرها من الرسوم الإدارية، وجاء قرار الزى الموحد ليزيد من هذه الرسوم، إلا أن الشكوى الأكبر لهم هى غرامات الحكومة بمختلف أجهزتها. يروى حجاج سيد سائق آخر وهو يخرج إيصالا متهرئا من جيب جلبابه «ده وصل غرامة ب11 جنيه، دفعتهم فورى لأن حصانى تبول فى الشارع غصب عنى، لكن يا ريتها تيجى على كدة»، ويضيف سيد ويوافقه فى الرأى كل من حوله من سائقى الموقف، أن السائقين يحصلون على إيصالات رسمية بالغرامات الصغيرة فقط، أما الغرامات الكبيرة التى تزيد على 100 جنيها، فلا يحصلون على أى أوراق تثبت إنها تذهب إلى خزانة المحافظة. ويعبر حجاج بيأس «ياما حاولنا نوصل للمحافظ، لكن ما بيسمحوش لينا ندخل حتى من الباب»، ويأمل السائقون أن توفر لهم الجمعية حماية قانونية مما يصفوه ببطش المسئولين. ويضيف محمد حسن مدير الإعلام بالمحافظة أنه يوجد 330 عربة حنطور بأسوان، منها 230 عربة مرخصة ومائة عربة بدون ترخيص ومن المفترض أن يتم ترخيصها خلال هذا الشهر ومن يتخلف سيتم وقفه لمدة شهر، وإذا لم يلتزم ستمتد العقوبة لمدة عام.