كانت جلسة عاصفة، وصفها المشاركون بأنها «ساخنة» بينما قال عنها جمال مبارك، رئيس الجلسة، بأنها «حميمية». قاعة كبيرة بمركز المؤتمرات بمدينة نصر، شهدت أكبر عدد من أعضاء الوطنى فى اليوم الأول من مؤتمرهم السنوى أو ما يعرفه قيادات الوطنى بيوم «اللجان المتخصصة». واللجنة هى «الأمن الغذائى والتنمية الزراعية». «لولا عزة النفس عند الفلاح المصرى لقال لله يا محسنين»، أطلقها محمد عويطة القادم من دمياط فى وجه «المنصة الكريمة»: وزراء الزراعة والرى والاستثمار والتجارة ورئيسة لجنة الزراعة وأمين السياسات. عويطة كان يحاول أن يرسم صورة لوضع الفلاح المصرى الراهن بعد أن عرض أقرانه فى الحزب خلال الجلسة مشكلات «بالجملة» واتهموا الحكومة بأنها «سادة عنيها وودانها» عن أزمة الفلاح. فلاحو ومزارعو «الوطنى» انتقدوا بالأساس غياب سياسة زراعية ثابتة وطالبوا بسياسات «لا تتحرك برحيل س أو ص من الوزراء». عبدالفتاح أمين شرح هذا التذبذب فى السياسات الزراعية قائلا «أمين أباظة قال مش عايز قطن، اتكوم المحصول، رشيد قال هاستورد قمح، أكلنا القمح للمواشى، المصيلحى قال ازرعوا ذرة وهانشتريه منكم نخلطه مع دقيق العيش، الذرة دلوقتى متخزنة فى البيوت»، تفاصيل جعلت عبدالفتاح يطلب تدخل الرئيس مبارك «لدى الحكومة لفك الاختناق الذى تفرضه على الفلاح». وعند الحديث عن الأرز والمخالفات التى تفرضها الدولة على زارعيه ارتفعت الأصوات داخل القاعة ولم تفلح محاولات جمال مبارك أمين السياسات فى تطمينهم أو هدوء أعصاب أمين أباظة الشديد جدا فى التقليل من حدة الاتهامات التى كالها الفلاحون للحكومة. قال مبارك الابن إن «الفلاح المصرى نصب عين الحزب الوطنى وحكومته» وإن الحزب على دراية «بجميع المشكلات التى يعانى منها الفلاح وقضايا الزراعة بوجه خاص»، قبل أن يضيف أنه «تم وضع معايير واضحة لمعالجة هذه المشكلات». ويحاول الوطنى أن يجعل من «الفلاح» الفرس الأسود لمؤتمره هذا العام، وتروج قيادته منذ عدة أسابيع وفى تصريحات مختلفة لما سموه «استراتيجية جديدة تهدف إلى خروج الفلاح من معاناته» واعدين بعدد من الإجراءات «العاجلة لمساندة الفلاح وحمايته من تذبذب الأسعار». جزء منه ربما ما أعلنه نجل الرئيس مبارك خلال الجلسة عن «التفكير فى التفاوض حول أسعار المحاصيل للإعلان عنها قبل زراعتها» قائلا: «محدش فى الحكومة ولا الحزب عايز يعكنن على الفلاح». اللافت فى الأمر أن مبارك الابن ترك هذا العام الحديث عن الإصلاح الاقتصادى أو الديمقراطية والمواطنة للحديث عما يسمى «القضايا الجماهيرية». فقد أدار بالإضافة إلى جلسة الزراعة، «جلسة التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر» وطالب بزيادة حصة وزارتى الرى والزراعة فى الموازنة العامة للدولة. نجل الرئيس مبارك تحدث عن «ورقة الزراعة» التى أعدها الحزب الوطنى وهى تتضمن حسب قوله وضمن أفكار أخرى أن يتم فتح باب التصدير للأرز على ألا يؤثر ذلك على موضوع المياه. فى حين أرجع محمد نصر الدين علام وزير الرى مشكلة المياه إلى «زراعة الأرز والمزارع السمكية» وطالب الوزير بتطوير التشريع لمواجهة المخالفات فى مجال الرى». «نرجع بلدنا نقولهم إيه بعد الجلسة دى؟» تساءل أحمد أبوعقرب موجها كلامة لجمال مبارك «مش عايزنها مكلمة وخلاص». فأعلن محمود محيى الدين وزير الاستثمار أنه لا زيادة بأى شكل من الأشكال فى الضريبة على الأطيان الزراعية، «إن شاء الله كل واحد يرجع مكروم الخاطر، قمحا وقصبا وبنجرا». أما أمين أباظة فقد اكتفى بالصمت معظم الوقت.