اختار الكاتب بهاء طاهر أن يبدأ السهرة الأدبية بقراءة جزء من القصة الأقرب إلى قلبه وهى «الحفيد»، لحظة تأمل وكتابة ترصد تفصيلة صغيرة ومؤثرة فى العلاقة بحفيده. احتفلت مكتبة الكتب خان مساء أمس الأول بتوقيع المجموعة القصصية الجديدة « لم أكن أعرف أن الطواويس تطير» الصادرة عن دار الشروق، وسط مجموعة كبيرة من محبيه من الكتاب الجدد ومنهم محمد فتحى، محمد علاء الدين، بهاء عبدالمجيد، مكاوى سعيد، منصورة عز الدين. مع عدد من سكان ضاحية المعادى المحبين لطاهر والمحتفين به. وطوال ساعتين ونصف الساعة لم يكف الحضور عن طرح الأسئلة عن رؤية بهاء طاهر للكتابة الجديدة، علما بأن طاهر معروف بأنه من أكثر المشجعين للتجديد، «إلا أننى أعترض على البعض الذى يقول إنه لا يملك سوى جسده للكتابة عنه وعندما يتناول الجسد بهذا الشكل المقزز أعتبره قبحا نابعا من ذات الكاتب، ولكن ذلك النوع من الكتابة سيندثر، أى ليس له عمر، وهذه ليست ظاهرة جديدة، وهناك أسماء قليلة جدا اختفت، مثل عزيز أرمان، محمد القصاص، وهؤلاء نشرت وباعت كتاباتهم مايفوق ما وزعته كتب نجيب محفوظ، أو يوسف إدريس». ورغم عدم وجود سلطة أدبية، «فإن هناك وعيا نقديا وجدلا خصبا يخلق هذه السلطة وينعش الذوق العام، والدليل على ذلك أن الناقد محمد مندور كان يقدم تحليله اليسارى للنص، ويليه رشاد رشدى بتحليله اليمينى، وذلك لم يعد له وجود الآن». وعن زمن الرواية أو مستقبل القصة القصير قال طاهر: إن «مصر هى جنة القصة القصيرة، لأن هناك أزمة حقيقية فى نشر القصة القصيرة فى العالم، وعادة ما يرفضها الناشرون لصالح نشر الرواية، ولكن فى مصر هناك أسماء كثيرة لمعت وكتب ومجموعات عديدة تم نشرها». كان الناقد سمير ندا هو ضيف مكتبة الكتب خان لمناقشة مجموعة «لم أكن أعرف أن الطواويس تطير» وعنها قال: إن من جديدها تغير صوت الراوى عند بهاء طاهر، ذلك الراوى الذى يعطى معه نوعا من الأمل، حيث تعودنا مع طاهر فى كتاباته أنه يطرح الأفكار والتساؤلات الوجودية، ودائما هناك شىء غير مكتمل، ويتجلى ذلك فى قصة «الجارة» مع المرأة العجوز التى نراها تمتلك حرارة الحياة والإيمان بها، أما جارها الشاب الفاقد للإيمان بهذه الحياة يجعله طاهر يتعلم من هذه الجارة العجوز كيف يستطيع الإنسان أن يعيش فى هذا العالم المتقلب، فيتبادل الشاب المواقع مع هذه الجارة، فهو عجوز فى شبابه، وهى شابة فى شيخوختها. ويكمل «ندا» أن ما يتميز به إبداع بهاء طاهر هو مزجه المستمر ما بين اللذة والألم، فهو دائما ما ينعش الذاكرة بطرح التساؤلات ونبش الجروح دون تقديم الحلول، وكذلك لم نشعر مع بهاء طاهر أبدا أنه شاخ أو انفصل عن واقعه. «إنها قراءة ذكية»، هكذا جاء تعليق بهاء طاهر على رؤية سمير ندا. «لست متفائلا على المدى القصير، لكننى متفائل تاريخيا، لأن سوء الواقع نفسه ضد المنطق، ولابد أن يأتى التغير لتستمر الحياة، كان ذلك رد بهاء طاهر على سؤال من أحد الحاضرين عن رؤيته للواقع الذى تعيشه مصر هذه الأيام.