مميزات معهد فني صحي لطلاب الدبلومات الفنية 2024 والمناهج التعليمية (تفاصيل)    «عاشور»: البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في مصر    اعتماد تراكمي بكالوريوس اقتصاد منزلي المنوفية بنسبة نجاح 80,61%    أبرزهم أحمد السقا.. نجوم الفن يتوافدون على جنازة المنتج تامر فتحي    ماذا يعني تحويل ودائع السعودية في مصر إلى استثمارات؟    مسئولو الإسكان يتفقدون سير العمل بالمشروعات القومية بمدينة العبور الجديدة    وزير البترول يتفقد تسهيلات ميناء الحمراء البترولي    نائب وزير الإسكان يستقبل المدير الإقليمى للوكالة الفرنسية لبحث التعاون    حضور أمير قطر ووالده الأبرز، مشاهد من تشييع جثمان إسماعيل هنية في الدوحة (صور)    خطة أمنية لتأمين مباراة الزمالك والجونة باستاد القاهرة.. الليلة    مدرب سلاح الشيش: لم نوفق في منافسات الفردي وهدفنا ميدالية في الفرق    حيلة شيطانية.. ماذا وجدت الشرطة في حقائب مُهرب بالمطار؟| صورة    تعليم القاهرة تستعد لاستقبال امتحانات الدور الثانى للدبلومات الفنية غدا    امتدت لمصنع أسلاك كهرباء.. حريق ورشة أخشاب في الهرم    الوداع الأخير.. صلاة الجنازة على المنتج تامر فتحي بمسجد الشرطة    الحياة تستعرض آراء زوار مهرجان العلمين.. أجمل المدن وبها وسائل الراحة للكبار والصغار    بشرى في سهرة خاصة مع إيمان الحصري من العلمين على dmc    وزير الثقافة يهنئ فريق عمل "فريدة" على حصد جائزتي الإخراج والتمثيل    محافظ أسيوط يسلم مديرية الصحة شحنة مستلزمات طبية وأدوية (صور)    شروق فؤاد بعد انضمامها للزمالك: بداية وتحدى جديد والخيرة فيما اختاره الله    الصحف الأوروبية صباح اليوم.. لاجازيتا: أستون فيلا يضم لوكاكو من تشيلسي وميرور: أرسنال قريب من نجم إسبانيا    محافظ البحر الأحمر: الاقتصاد الأزرق أحد السبل لمواجهة التغيرات المناخية    «عبد الغفار» يستقبل سفير تنزانيا لبحث التعاون في دعم القطاع الصحي    التعليم تبحث مع مديريات مدن القناة مواجهة الكثافة الطلابية (صور)    ضبط 3 أطنان لحوم ودواجن وأسماك فاسدة وتحرير 22 محضرًا بالمنوفية    أحكام الأسبوع الماضي| إحالة أوراق المتهم بقتل زوجته للمفتي.. الأبرز    الاحتلال الإسرائيلي يجرف أراضي زراعية على مدخل «رامين» بالضفة| صور    «بيسكوف»: روسيا منفتحة على المفاوضات بشأن أوكرانيا    ترامب يشكك في أصول هاريس مع تقدّمها في استطلاعات الرأي    جامعة عين شمس راعي بلاتيني بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي| صور    مِنْ أَسْبَابِ الرِّزْقِ الخَفِيَّةِ 2 "التقوى".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    الزراعة: حملات لمتابعة البرامج البحثية لاختيار الأصناف المقاومة لامراض النباتات بالغربية    فحص 1714 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    يعزز مناعتك الأبرز.. 7 فوائد مذهلة عند تناول العنب    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الاحتكار من أنواع أكل أموال الناس بالباطل    محافظ بيت لحم: الهجمة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر لم تتوقف بالضفة الغربية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي التصعيد الإقليمي الخطير نتيجة السياسات الإسرائيلية المتطرفة    دعاء يوم الجمعة.. مستجاب    التعاون الإسلامي تدعو لتحقيق دولي في الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين    ب"جلباب صعيدي وشال فلسطين"..ويجز يشعل حفل مهرجان صيف بنغازي بأغانيه (صور)    وزيرة التخطيط تعرض خبرات مصر العملية في تدشين منصة برنامج «نُوَفّي» في لقاء مع الحكومة التنزانية    ضبط عصابة سرقة العلامات الارشادية بطريق الضبعة    خدمات وفعاليات مهرجان العلمين لذوي الهمم.. دمج ورياضة وترفيه    اليونان تستعد بعد تحذيرات بضرب أهداف إسرائيلية في البلاد    حركة تنقلات الجيزة.. من هم مديرو الإدارات النوعية الجدد؟ (أسماء ومناصب)    باريس 2024| مصر تواجه باراجواي في ربع النهائي لمواصلة مشوار الحلم الأولمبي    «مجوش يعزوني».. مرتضى منصور يهاجم مدرب الزمالك وعبد الواحد السيد    بالرقصة الشهيرة، الآلاف يتفاعلون مع تواشيح الشيخ محمد ياسين التهامي بمولد الفرغل بأسيوط (فيديو)    " تصنيع الدواء": زيادة 30% في سعر أدوية الأمراض المزمنة الفترة المقبلة    أمين الفتوى: "أنتى هتبقى مراتي" تجر إلى الحرام بين المخطوبين    «يلعب في 3 مراكز».. أحمد عيد يعدد مزايا بيكهام بعد حسم الزمالك ضمه    دعاء الاستغفار والتوبة.. ردده كثيرا لمحو الذنوب    الأوقاف تفتتح 17 مسجدًا جديدا اليوم الجمعة    بالاسم فقط.. نتيجة الثانوية العامة 2024 علمي وأدبي وخطوة لتحويلها لنسبة مئوية    رئيس الزمالك السابق: مجلس إدارة القلعة البيضاء الحالي يضم كوادر إدارية مميزة.. وقادرون على النجاح    «وداعا للأنسولين».. بشرى سارة لمرضى السكري وبدون آثار جانبية (فيديو)    المطربة بوسي تكشف رأيها حول لقب "صوت مصر".. ماذا قالت؟    حظك اليوم برج الأسد الجمعة 2-8-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عماد الدين أديب : الطريق إلى الرئاسة القادمة يقرره الرئيس مبارك أو (القوة الصلبة)
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 10 - 2009

لماذا تحدث الآن، ولماذا قال ما قال؟ وهل كان ليقدم أطروحات جريئة إلى هذه الدرجة حول تعديلات دستورية وضمانات بالحصانة لرئيس الجمهورية بدون أن يكون متوافقا، إن لم يكن ممثلا، لدائرة ما من دوائر السلطة التى يردد الكثيرون أنها متصارعة على تقرير مستقبل الحكم فى وطن انسحب أغلب مواطنيه للبحث الصعب عن الحياة الكريمة وانشغلت فيه النخبة على تنوعها بحديث توريث السلطة بصورة أو أخرى من رئيس إلى نجل، أو بطرح أسماء بديلة لها صدى قوى فى الشارع المصرى دون أن تكون لها الرغبة أو الصلاحية الدستورية للترشح لمنصب شغله الرئيس حسنى مبارك لثمانية وعشرين عاما متواصلة مرات عن طريق الاستفتاء وأخيرا عن طريق انتخابات تعددية منحته مدة حكم ست سنوات تنفذ صلاحيتها فى نهاية 2011.
عماد الدين أديب، الإعلامى اللامع، أجرى اتصالا هاتفيا ببرنامج القاهرة اليوم مساء الثلاثاء لمداخلة موجزة ولافتة حول مستقبل الحكم فى مصر، فيما بعد 2011. أديب، الذى أجرى حديثا تليفزيونيا مطولا تمت إذاعته على التليفزيون الرسمى المصرى فى إطار الحملة الانتخابية للرئيس مبارك، لم يخف يوما قرب صلته بالرئيس مبارك وبنجله الأصغر جمال مبارك، الأمين العام المساعد للحزب الوطنى ورئيس لجنة السياسات بالحزب نفسه، والأهم من ذلك أنه الرجل الذى تتعامل معه دوائر عديدة فى مصر وخارجها بما فى ذلك واشنطن أنه رئيس مصر القادم ويكاد البعض يضيف شاء من شاء وأبى من أبى.
تحدث أديب فى مداخلته فى برنامج القاهرة اليوم بما لهذا البرنامج من مشاهدة واسعة فى مصر وفى العالم العربى بما يوحى أو يوشى بأن مبارك أصبح ربما مستعدا للانفتاح على تداول محسوب للسلطة فى مصر بعيدا عن سيناريو نقل السلطة إلى جمال مبارك بصورة مجملة من خلال انتخابات تعددية تدار حسب قواعد دستورية وصفها أديب بأنها تمثل «نظاما مقيدا» «ليس من صالح (مبارك) أو صالح حزبه». وذهب أديب أبعد من ذلك عندما قال «إن فهمى العميق جدا» أن الرئيس ليس رافضا لنقاش حول عقد سياسى جديد وعقد اجتماعى جديد.
وبلغ أديب مدى بعيدا، على حد تعبير العديد من المشاهدين، عندما طالب بصياغات دستورية تسمح بتحقيق «خروج مطمئن» لرؤساء مصر، ليكون هناك رؤساء سابقون وليس فقط رؤساء راحلون.
فكيف قال ما قال وهو من أعلن غير ذات مرة، بما فى ذلك فى برنامج القاهرة اليوم ذاته، أنه مع جيل جمال مبارك، بل وربما جمال مبارك نفسه؟ وأى ردة فعل أتت له لما قال؟ هل تلقى اتصالات تثنى على ما قال أو تحذره من تبعات ما أتى به؟ هل اتصل به الرئيس مبارك؟ أو ربما جمال مبارك؟ أو ربما بعض من رجال الرئيس المقربين الذى يقول البعض أن لأديب علاقات طيبة بهم وعلاقات تنافر مع بعضهم الآخر.
يجيب أديب على أسئلة طرحتها عليه «الشروق» فى صالون منزله بالجيزة حيث يتابع قنوات التليفزيون وما تنشره الصحافة. فقال «لست فى حل لأن أذكر من اتصل بى وماذا قال لى».
هل التعديلات الدستورية مقبلة؟
ولكن إصرار أديب على تأكيد طرحه والإضافة إليه بالتفصيل توحى وببساطة أن أديب ما كان ليقول ما قال دون أن تكون لديه ثقة عميقة تنبعث ربما من فهمه العميق واتصالاته الوثيقة بأن ما قاله لا يلقى معارضة من قيادات بارزة فى الحكم وفى الحزب الوطنى الديمقراطى.
ولكن هل هذه «الأفكار» ستكون محل نقاش فى مؤتمر الحزب الوطنى الديمقراطى الذى سيلتئم نهاية الشهر الحالى؟ أم هى مصادفة يصعب تصديقها أن يقرر أديب، الذى من الصعوبة بمكان وصفه بأنه غير متحسب، أن يلقى بهذه الجملة من المقترحات الخارجة عن المألوف على أقل تقدير.
يبتسم أديب بتفهم... ينفث دخان سيجاره... يهز رأسه ويجيب «أنا لست عضوا فى الحزب الوطنى... والقضية التى نحن بصددها هنا ليست مستقبل الحزب.. إننا نتحدث عن مستقبل مصر».
إيمان أديب، كما يقول فى حديث مع الشروق، بأن الوطن «فى منعطف تاريخى تتحدد فيه شكل الاختيارات السياسية لمدة ربع قرن مقبل». السبب، حسبما يضيف هو أن «رئيس مصر المقبل سواء كان مدنيا أم عسكريا، سواء كان من الشباب أو من الحرس القديم سواء كان يؤمن بالاقتصاد الحر أو الموجه، سواء إذا كان إصلاحيا أو محافظا سيرسم خارطة مصر السياسية لهذه الفترة المقبلة».
وفى ضوء هذا الاعتقاد فإن أديب يرى أن السؤال الجدير بانشغال المجتمع، قرابة عامين قبل انعقاد الانتخابات الرئاسية المقبلة وفى ظل جدل سياسى محتدم حول مستقبل الحكم فى مصر، «ليس من» سيكون رئيس مصر القادم ولكن «كيف سيأتى».
حديث الأسماء مضلل
وبحسب أديب فإن الاقتصار على التكهن وهو مؤمن كما يردد أكثر من مرة أن كل ما يطرح حاليا من أسماء هى تكهنات محضة، بما فى ذلك اسم جمال مبارك نفسه تعبر عن أزمة فى الذهنية المصرية التى تميل إلى «الشخصنة».
والسؤال الأجدر بالتدبر فى هذه المرحلة، كما يضيف، هى «كيف سيأتى الرئيس القادم» فى ظل النظام الدستورى المقيد وفى ظل عدم اتفاق المعارضة على اسم مرشح تنطبق عليه المطالب الدستورية وفى ظل تباين فى الرأى داخل الحزب ليس بخاف على أحد ولا يعنى أديب نفسه بنفيه.
ويقول أديب الذى وإن توقف عن تقديم برنامجه الشهير «على الهواء»، لم يتوقف عن جمع دءوب للمعلومات وتواصل مستمر مع دوائر صنع القرار ورموزها «الذين يطرحون أسماء الرؤساء من زويل إلى موسى دون أن يسألوا كيف سيأتى هؤلاء (يتجاهلون) واقع مصر السياسى والشروط المقيدة التى تطرحها المادة 76» فيمن له الحق فى الترشح.
المادة المثيرة للجدل والتى تم تعديلها منذ نحو عامين وسط عاصفة لا يمكن إغفالها من المعارضة المصرية التى رأت فى التعديلات محاولة لتعبيد الطريق لوصول جمال مبارك إلى الحكم عبر صندوق اقتراع صورى تنص على أنه «يلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبى محلى للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل» وهذا تأييد يكاد يستحيل الحصول عليه بعيدا عن أغلبية الحزب الوطنى الديمقراطى التى تسيطر على البرلمان الحالى ومن المتوقع أن تسيطر على البرلمان المقبل الذى سيتم انتخابه فى 2010.
إضافة إلى ذلك تنص المادة نفسها على أنه «حزب من الأحزاب السياسية التى مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح، واستمرت طوال هذه المدة فى ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها فى آخر انتخابات على نسبة (3%) على الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى، أو ما يساوى ذلك فى أحد المجلسين، أن يرشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسى متى مضت على عضويته فى هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل».
ولا تنطبق هذه الشروط على أى من الأسماء على ساحة «بورصة الرئاسة» أو «المزاد الرئاسى»، على حد وصف بعض المعلقين. ويقول أديب، وهو فى هذا الرأى ليس وحيدا، إن سيناريو «استئجار شخصيات» لغرض الترشح الرئاسى من قبل الأحزاب لا تخدم صورة الأحزاب ولا تعضد من مصداقية أى مرشح لأن ذلك يقع وبصورة مباشرة تحت مظلة «الانتهازية السياسية».
صيغة تعاقدية مختلفة لكيفية اختيار الرئيس
الحل إذن كما يردد أديب مجددا، وبثقة أكبر من تلك التى تحدث بها فى مداخلته اللافتة فى برنامج القاهرة اليوم، فى أن يلتقى الحزب الحاكم والمعارضة الرسمية المتمثلة فى الأحزاب الحاصلة على الشرعية والمعارضة غير الرسمية، المترواحة بين اليسار والإخوان المسلمين، والأغلبية الصامتة فى المجتمع المصرى والنخبة السياسية للنظر فى كيفية الوصول بالقواعد الحاكمة للانتخابات الرئاسية القادمة إلى الدرجة التى تجعلها فعلا تعددية والتى تجعل اختصاصات الرئيس فعلا مؤطرة بمقتضيات الديمقراطية والتى تجعل من تداول السلطة فعلا قائما من خلال تحديد محدد الحكم المستحقة لأى رئيس بما لا يزيد على مدتين.
ويشدد أديب مكررا أن مبارك كان حاكما «استثنائيا» عبر بمصر من مرحلة من الاضطراب السياسى فى أعقاب اغتيال سابقه الرئيس محمد أنور السادات وفى ظل تحديات اقتصادية وسياسية بل ومجتمعية جسيمة إلى مرحلة من الاستقرار يمكن معها الانتقال عبر جسر التعددية بكل مقتضياتها ومكوناتها أو أغلبها.
ويقول «نحتاج لصيغة تعاقدية مختلفة لكيفية اختيار الرئيس وسلطات الرئيس ومدة الحكم وبرنامج الرئيس فى الحكم». ويضيف أن الوصول إلى هذا الأمر هو «مسئولية تاريخية» وإن ما تحتاجه مصر الآن ليس الجدل حول «جمال يأتى أو جمال لا يأتى... يحكم أو مايحكمش» وإنما إعلان عن مشروع سياسى والاضطلاع بمسئولياته.
ومن سيقوم على التنفيذ؟ هل الرئيس مستعد؟ هل جمال قابل؟ هل مؤيدو جمال ومن دفع ويدفع به إلى مشروع سياسى لا متناه مستعد؟ هل دوائر النفوذ سترضى وترضخ؟ وإذا كان ذلك ممكنا الآن قبل عامين من الانتخابات الرئاسية لماذا لم يتم عندما تم تعديل المادة الدستورية بما صرخت المعارضة أنت برفضه؟ ألم يكن الأجدر أن يتم ذلك عندما عدلت المادة 76؟ وهل جد ما يستدعى الرجوع؟ هل يصدق ما يتردد أن الرئيس كان داعما لمشروع سياسى طموح لجمال مبارك ثم رجع عن هذا الدعم؟ ولماذا؟
مبارك، كما يرى أديب لأسباب لم يشأ التصريح بها، منفتح وإن لم يتحدث..
وجمال، لأسباب اختار أديب أن يحتفظ بها لنفسه، غير معارض.. وهذا هو، فيما يبدو، منبع إصرار أديب على طرحه ومجاهرته به.
أديب فى روايته يقول إن ما أتت به المادة 76 لدى تعديلها قبل عامين «لم تعبر بالضبط على ما كان فى ذهن الرئيس مبارك من رؤية لفتح آفاق التعددية.. ولا يلام الرئيس على ذلك لأنه ليس من قام بالصياغة الدستورية»، ولأن ليس كل رجال الرئيس قادرين على فهم ما يود طرحه ولأن «مشكلة الرئيس ليست فى التعامل مع منتقديه ولكن فى التعامل مع (بعض) المحيطين به... وعلى عكس الحال فى أمريكا مثلا حيث يقوم رجال الرئيس بتهيئة الوضع ليكون الرئيس باديا لشعبه فى أفضل صورة فإن الرئيس يواجه بالمشكلة العكسية حيث هناك من بين مساعديه من يكون أحيانا عبئا عليه». ويضيف «لا يكفى أن تكون رغبة الحاكم عازمة على تحقيق التجديد والإصلاح بل يجب أن تكون القوى المساعدة له وتلك الفاعلة فى السلطة التنفيذية متفقة على نفس ما يراه الرئيس ولا تسعى إلى الالتفات (على رغبة الإصلاح) أو الأخذ بها إلى موقع مخالف تماما لما أراده الحاكم فى الأصل».
ويصر أديب أنه فى كل الأحول يجب أن يحسب للرئيس إذا قرر أن يدعم بصورة أو أخرى تعديلها الآن أو لاحقا وهو التعديل الذى لا يستبعده أديب ولكن لا يراه بالضرورة فى وارد الحدوث قريبا.
الرئاسة والمؤسسة الصلبة
أى سياق يمكن أن يقدم فيه الرئيس على هكذا طرح؟ متى وكيف؟ يجيب أديب إجابة كل من خبر مبارك عن قرب أو بعد «لا أحد يعلم ما فى ذهن مبارك سوى مبارك نفسه»، ويضيف أن مبارك لن يقدم على قرار انفعالى أو سريع «فهو أبدا لا يفعل ذلك».
الرئيس فيما يقول أديب وكما هى الرواية الدائمة عنه سيأخذ الوقت ليفكر ويتدبر ثم يقرر «إذا ما رأى النقاش الحالى ليس نقاش أصحاب مصالح ولكنه تعبير حقيقى عن رغبة الناس فى الإصلاح السياسى».
ولكن لماذا سيأتى التنفيذ هذه المرة مختلفا عن سابقتها؟ وما الضمانات إلا تقدم البيروقراطية ذاتها، بل وربما الأشخاص أنفسهم، على سابق ما فعلوه؟ يجيب أديب: الآن هناك سؤال ملح «ما الذى سيحدث فى حال ما قرر الرئيس أن ينال ما هو مستحق له إنسانيا من تقاعد بعد 60 عاما أمضاها فى خدمة الوطن (جنديا فنائبا لرئيس الجمهورية فرئيسا للجمهورية فى توقيت بالغ الصعوبة)... أو لا قدر الله اختار القدر أن يفاجئنا بما لا نحب». ويضيف «أنا لا أستطيع أن أتكهن.. لكن فهمى العميق أن الرئيس لا يمكن له (بكل ما يتمتع به من حب للوطن وبعد سنوات طويلة أنفقها فى خدمه هذا الوطن ومحاولة الارتقاء به) أن يترك البلاد تسير إلى مجهول».
ولا يتردد أديب قليلا أو كثيرا فى القول بأن تدخل الرئيس الحاسم والذى «سيقوم به مبارك بحنكة لاعب الشطرنج يعلم أن تحريك قطعة بعينها على الرقعة قد يكون أخطر حركة يقوم بها وأن النجاح فى هذه الحركة من شأنه أن يجعله يفوز بالمباراة كلها وان الخطأ هو ببساطة كش ملك».
ولكن أديب لا ينكر أنه بدون تدخل الرئيس مبارك شخصيا وبدون أن يشرف هو بنفسه وخلال حكمه على تهيئة المناخ للانتقال بمصر إلى مناخ سياسى يتجاوز أى هزات متوقعة ويفتح آفاق على استكمال الديمقراطية فإن هذا التغيير سيكون أمل لا يدرك. وبحسب أديب الذى لا ينفى أنه ينفق وقتا فى المتابعة والتواصل مع من يمكن وصفهم بمصادر الخبر الأهم فى مصر فإن الفكرة المطروحة من قبل الاستاذ محمد حسنين هيكل، بما له من قدر وقامة، فيما يتعلق بتكوين مجلس أمناء ليتولى، بالتعاون مع المؤسسة العسكرية، لا تبدو قابلة للتحقق فى ظل ما يستشعره أديب من حوارات يجريها وتواصل يبقيه مستمر مع جهات لها القول فى الحل والعقد.
ويقول أديب «إذا كان هناك أمل فى أن كون هناك رئيس لمصر لا ينتمى للمؤسسة الصلبة المتمثلة فى الجيش الذى أنقذ البلاد من الأزمة مع أحداث 1977 ومع أحداث 1986 أو من المخابرات الموكل إليها بالأساس كل قضايا الأمن القومى أو من أجهزة المباحث التى تصدت للمهددات الإرهابية والتى تتعامل مع التظاهرات والاعتصامات فى ظل عدم تمكن المؤسسات السياسية (المنوطة) بالتعاطى مع هذه الأحداث فإن هذا من الممكن أن يحدث فى ظل وجود الرئيس المبارك».
ويضيف «إنه فى حال ما دفعت الأقدار أن يكون المطروح على مؤسسات الدولة اختيار الرئيس فى ظل غياب الرئيس مبارك لأى من الأسباب الدستورية المنصوص عليها حول غياب الرئيس فإنه من المؤكد عندى أن رئيس مصر القادم سيكون من المؤسسة الصلبة».
ويقول أديب «إن القوات المسلحة كانت منذ وقت اختراع العجلة الحربية فى عهد الفراعنة حتى يومنا هذا طرف أول مرجحا فى تثبيت استقرار السلطة واختيار الحاكم، وهى قوة لا يمكن تجاهلها أو السباحة ضد تيارها أو اختيار حاكما غير متوافق مع إرادتها». «فلابد أن نذكر أن محمد حسنى مبارك لديه ثلاثة مناصب رئيسية: الأولى رئيس الجمهورية والثانية القائد الأعلى للقوات المسلحة والثالثة رئاسته للحزب الوطنى وأى قرار مقبل سيكون له علاقة بمستقبل مصر السياسى سوف يراعى بالدرجة الأولى سلطاته ومصالحه ومسئولياته تجاه هذه المناصب الثلاثة: «الرئيس... القائد الأعلى للقوات... رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى».
مستقبل الحكم وليس التوريث
ويشدد أديب الذى يرفض الإفصاح عن طبيعة تواصله مع الرئيس أو مع جمال مبارك خلال السنوات الأربعة الماضية دون أن ينفى هذا التواصل مع أحدهما أو كليهما على أنه «على علم بأن الرئيس مهتم بفكرة وضع مصر على بداية طريق لا يعرضها إلى هزات داخلية».
ويدلل أديب على ثقته فى تدخل الرئيس فى اللحظة الحاسمة بمرات سابقة تدخل فيها مبارك بنفسه على حد قول أديب «لينقذ الحكومة ويوفر حلولا لمشكلات من الأجور والمعاشات إلى إدارة الخصخصة وقراراتها وصولا إلى مشكلة عصام الحضرى» حارس مرمى الأهلى الذى ترك ناديه لينضم إلى أحد نوادى سويسرا بصورة أثارت حفيظة إدارة الأهلى وفتحت باب أسئلة حول مدى قانونية صفقة الانتقال.
ولا ينكر أديب أن مبارك لم يتدخل لوقف مشروع سياسى لجمال مبارك وأنه بالطبع مازال رئيسا للحزب الوطنى الحاكم بالرغم من إخفاقات للحزب بدت واضحة، على حد قول أديب نفسه، فى نسبة غير مرتفعة للمشاركة والتصويت فى الانتخابات التشريعية فى عام 2005 بعد شهور قليلة من نسبة مشاركة وتصويت أعلى فى الانتخابات الرئاسية التى جرت قبل التشريعية فى العام نفسه. غير أن أديب يصر، بلهجة ولغة من يعرف وليس من يقدر، على أن مبارك يضع مصلحة مصر ومستقبلها قبل مصلحة «الحزب الوطنى الحاكم والذى قد يدفعه احتكاره للأغلبية أن يتصور احتكار الصواب بالتبعية».
ويدعو أديب جميع الأطراف المعنية للتوقف عن الانشغال بقضية التوريث بصورة تستثنى التفكير فيما عداها من القضايا للتدبر فى تصور يتعامل مع سؤال «كيف يمكن أن يكون مستقبل مصر فى حال لا قدر الله انتهت الحالة الاستثنائية لحكم مبارك بما له من صفات (الجنوح الطبيعى إلى) العدل و(إعمال) الحكمة والالتزام؟»
ويدعو أديب إلى تحرك مجتمعى سريع لإنهاء «حالة اللاحوار» وإلى التواصل حول آراء تدرك الحاجة لطرح إجابات عن «مشكلات رئيسية شاخصة فى وجه الوطن الآن وأبرزها غياب تصور سياسى واضح يساعد على الانتقال السلمى السلس للسلطة فى حال الخلو المفاجئ لمنصب رئيس الجمهورية... سوء إدارة الخدمات فى مصر وعدم تمكن المواطن المصرى من ضمان حياة فى حد الستر... عدم وجود رغبة تفاعل لدى الأغلبية الصامتة وهو ما يعنى أن هناك قرابة خمسة آلاف منصب رئيسى فى مصر يتم تداولها فى نفس الدائرة أو حتى انتقالها فى نفس العائلات وهو ما يعنى أيضا أن ال80 مليون مصرى أصبحوا محبوسين فى تابوت يرفعه 5000 شخص فقط... (عدم اكتمال حالة) المواطنة المتساوية... عدم وجود مشروع سواء من الحكومة أو من الإخوان المسلمين يسمح بإعادة تأهيل (قانونى) لهذه الجماعة وتحقيق (تأطيرها) شرعيا وفق قواعد واضحة وصارمة والاكتفاء (بوصمها بأنها) محظورة وملاحقتها أمنيا (وعدم وضعها على المحك بمطالبتها) بطرح برامج للتعامل مع» المشكلات التى تواجه المجتمع.
مخرج آمن للرؤساء
ويقترح أديب، فيما يقترح، أن تخلص هذه الحالة من الحوار حول هذه المشكلات إلى جملة من المقترحات يمكن فيما يعتقد أن تؤدى إلى جملة من التعديلات الدستورية تيسر سبل الترشح للرئاسة وتنظم دور الرئيس القادم وحكمه وتسمح فى الوقت نفسه للرئيس الحالى «إذا ما رأى وإذا ما أحب» أن يختار الخروج من الحكم دون وضعه فى وجه مأزق إنسانى يتعلق بملاحقة على ما يكون قد ارتكب فى عهده دون معرفة مباشرة من قبله أو تتعلق بملاحقة لأسرته «لأن أى رئيس بصفاته الإنسانية لا يريد أن تتعرض لأسرته لما يكره».
ويقترح أديب دون مواربة وبإصرار من يظن أن الأمر ممكن أنه «فى حال عدم رغبة الرئيس (مبارك) فى الترشح (فى انتخابات) 2011 يجب أن يمنح الرئيس بموجب تشريع (ضامن) لقب زعيم الأمة ولطوال حياته وهذا لقب يستحقه عن جدارة لما له من مكانة مميزة وصفات استثنائية... فليكن مبارك زعيم الأمة كما نيلسون مانديلا بما يعنى أن تكون له صفة مميزة لكن بلا صلاحيات تنفيذية».
وبحسب نفس الاقتراح فإن هذا يعنى إعفاء الرئيس فى حياته وأسرته فى حياته وفى المستقبل من الملاحقات مادام «الأمر لا يتعلق بالخيانة العظمى أو الجريمة الجنائية وهو ما ليس بحادث أبدا».
لكن السؤال هو: هل يحصل مبارك على لقب زعيم الأمة ويحصل جمال مبارك على الرئاسة؟ بالنسبة لأديب فإن أحدا لم يجزم بعزم جمال مبارك على الترشح للرئاسة وأن أحدا لا يعلم إذا ما كان ذلك سيكون ممكنا أو إذا ما كان هذا الترشح سيؤدى بالفعل بالابن الأصغر للرئيس ليكون الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية التى تأسست مع انتهاء الحكم الملكى بثورة يوليو 1952.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.