على غير العادة، فى مهرجاناتنا العربية، لم تصدر نشرة يومية. فقط ورقة واحدة، من الحجم الصغير، صفحة منها باللغة العربية، والأخرى باللغة الإنجليزية، تتضمن بيانا بالأفلام التى ستعرض خلال اليوم، مع سطور قليلة عن بعض هذه الأعمال، أوكل المهرجان مسألة النشرة لجريدة الاتحاد الإماراتية التى خصصت ملحقا يوزع مجانا مع الصحيفة، بعنوان «الثقافى»، يشتمل على مقالات نقدية، ومقابلات مع المخرجين والنجوم. الملحق يتسم باحترافية عالية، سواء على مستوى المواد المنشورة أو الإخراج الصحفى. على العكس من الدورات السابقة، لم يصدر المهرجان أى كتب، ولم ينظم حلقة أبحاث، وبالتالى افتقر لملمح مهم كان يتميز به. عروض الأفلام جاءت متوافقة تماما مع الجداول المعلنة، فلم يحدث أى تغيير فى مواعيد أو أماكن عرضها، إلا مرة واحدة، تتعلق بفيلم «بالألوان الطبيعية» الذى انتظره الجمهور بشغف، لكن قبل الموعد أعلن أن الفيلم لم يصل، وتم تحديد موعد آخر، وبعد أن حجزت جميع تذاكره، أعلن أنه لن يعرض، لأن مخرجه، أسامة فوزى، وجد عيوبا فنية فى نسخة الفيلم، ففضل عدم العرض. المتطوعون، أو العمالة المؤقتة، عددها أكبر من الطاقة التى يتطلبها المهرجان، وحماسهم أكبر من المهمات التى لا أهمية لها الموكولة لهم. ثلاثة منهم تجدهم عند بوابة مجموعة السينمات، فى «المول» الذى يشتمل على عدة دور عرض، يشيرون لك بأدب نحو مدخل الصالات، وثلاثة غيرهم يقومون بتوجيهك نحو الممر، وثلاثة للتأكد أن معك تذكرة، ثم ثلاثة للاطمئنان على دقة تاريخ التذكرة وموعد الحفل، ثم ثلاثة لقطع الجزء «المشرشر» من التذكرة، وبعد المرور على كل هذه الحواجز، تصل إلى الصالة فتفاجأ بثلاثة يشيرون لك نحو المقاعد التى بالتأكيد، تراها. ملخصات الأفلام فى الدليل كتالوج المهرجان لم تسند كتابتها إلى موظفين أو إداريين، ولكن كتبها بعض المتخصصين من النقاد والباحثين، لذا جاءت متمتعة بأسلوب يجمع بين الجمال والدقة، لا تسرد ولا تشير لأحداث الأفلام بقدر ما تتلمس روحها، لذا كان من المنطقى أن يأتى كل تعليق باسم كاتبه. غلاف أحد أعداد ملحق «الثقافى» يحمل صورة كاملة لهند صبرى وعنوانه «حرب الفساتين»، وداخل العدد، الموضوع الذى كتبته محررة ذكية اسمها «كبيرة التونسى»، بعنوانين، أولهما «حرب غير معلنة تدور رحاها على السجادة الحمراء»، الثانى «إجماع على البساطة.. والأسود ملك». لاحظت المحررة أن فساتين النجمات اتسمت بالبساطة المغلفة بكثير من الإبداع والابتكار، والألوان تراوحت بين البيج والبرونزى، الأزرق، الأخضر، والأسود، وتكسرت حدة بعض الألوان بأخرى لتزعزع بعض الثوابت فى مجال الموضة. أما اللون الأسود، سيد السهرات، فظل الملك المفضل لغالبية الفنانات، واتجهن نحو عدم الغلو فى التسريحات والتزين بالاكسسورات، بل اكتفت معظمهن بعقود ناعمة من اللؤلؤ والألماس، وبعضهن اكتفين بأقراط فقط.. لاحقا، قال لى أحد المحررين بالجريدة إن هذا الموضوع نال استحسان القراء. بلغ عدد الأفلام التى عرضت فى المهرجان «129» فيلما بيانها كالتالى: «72» فيلما طويلا من «40» دولة. «57» فيلما قصيرا من «29» دولة. «9» أفلام تمثل دول الشرق الأوسط. «روائية طويلة». «8» أفلام تمثل دول الشرق الأوسط. «تسجيلية طويلة». «11» فيلما من إخراج مخرجين جدد. «21» فيلما من إخراج نساء. جوائز الأفلام جاءت كالتالى: أفضل فيلم روائى طويل «100 ألف دولار» «عشاق الصرعات» روسيا. أفضل مخرج روائى جديد «50 ألف دولار» غلندين أيفين عن فيلم «الجولة الأخيرة» استراليا. أفضل فيلم روائى من الشرق الأوسط «100 ألف دولار» «الزمن الباقى» فلسطين. أفضل مخرج روائى جديد من الشرق الأوسط «50 ألف دولار» بيلين أسمر عن فيلم «10 حتى 11» تركيا. أفضل ممثل «25 ألف دولار» حامد بهداد عن فيلم «لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية» إيران. أفضل ممثلة «25 ألف دولار» مناصفة بين الممثلتين المكسيكيتين إليشا لاجوتا وسونيا كووه. أما جائزة الأفلام الوثائقية الطويلة فكانت كالتالى: أفضل فيلم تسجيلى «100 ألف دولار» «غاندى الحدود» إنتاج مشترك بين الهند وباكستان وأفغانستان والولايات المتحدة. أفضل مخرج تسجيلى جديد «50 ألف دولار» يوهان غريمو نبرير عن فيلم «اللقطة المزدوجة». أفضل فيلم تسجيلى من الشرق الأوسط «100 ألف دولار» «فى الطريق إلى المدرسة» تركيا. أفضل مخرج تسجيلى جديد من الشرق الأوسط «50 ألف دولار» محمد زرن عن فيلم «زرزيس» تونس وفى مجال الأفلام القصيرة فازت الأفلام التالية: أفضل فيلم روائى قصير «25 ألف دولار» «رجل ب6.30 دولار» نيوزيلندا. أفضل فيلم قصير وثائقى شرق أوسطى «طرابلس علعهد» لبنان. وكان نصيب أفلام الطلبة ثلاث جوائز هى: أفضل فيلم قصير «15000 دولار» «آنا»، من إخراج رونارسون. الجائزة الثانية لأفضل فيلم قصير «10000 دولار» «كاسيا» للمخرجة ليادو. الجائزة الثالثة «5000 دولار» «شوتاغ» من إخراج مارفن كلين. فى حفل الختام كانت اللغة الإنجليزية هى سيدة الموقف، سواء فى الكلمة الافتتاحية، التى ألقاها بيتر سكارليت، المدير التنفيذى للمهرجان، أو بالعبارات التى تسبق تقديم كل جائزة، لكن سوسن بدر، ومنة شلبى، وهند صبرى، تحدثن باللغة العربية. فى معظم المهرجانات، يحتدم الجدل حول الأفلام المتسابقة، وقد تستمر المناقشات حتى لحظة إعلان النتائج، لكن هذه المرة، بعد دفاع البعض وتحفظات البعض الآخر، بشأن الفيلم العراقى «ابن بابل»، والفيلمين المصريين «المسافر» و«هليوبوليس»، عرض «الزمن الباقى» لإليا سليمان. عندئذ خفت الجدل وتحولت المناقشات إلى تأملات، فعلى الرغم من قوة تأثير «ابن بابل» والآفاق الرحبة ل«المسافر» ونفحة الحداثة المتوافرة فى «هليوبوليس» فإن «الزمن الباقى» الذى لا ينتمى إلا لصاحبه إليا سليمان، بأسلوبه الذى يجمع بين «التراجيديا» و«الكوميديا»، بدا متجها لنيل جائزة أفضل مخرج، كما بدت الجائزة ساعية نحوه.