باتت المصالحة بين حركتي فتح وحماس أبعد من أي وقت مضى بعد خطابين شديدي اللهجة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم الحركة الاسلامية خالد مشعل على خلفية تداعيات سحب تقرير جولدستون التي وسعت الهوة بين الطرفين. واتهم عباس في خطابه الموجه للشعب الفلسطيني من رام الله مساء يوم الاحد حماس ب"التهرب من استحقاقات المصالحة الفلسطينية" ومحاولة "تكريس الإمارة الظلامية في قطاع غزة" مستخدمة كذريعة موافقة السلطة الفلسطينية على سحب تقرير جولدستون، الذي يتهم اسرئيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، من مداولات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. ورد عليه مشعل من دمشق مؤكدا أن سحب هذا التقرير "أفسد وسمم الأجواء وشكل حالة غضب لا يمكن في ظلها أن نعقد جلسة المصالحة" التي كانت مقررة في 25 من الشهر الجاري قبل أن تطلب حماس إرجاءها. ويستبعد استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر في غزة مخيمر أبو سعدة حصول مصالحة بين حماس وفتح في ظل محاولة كل طرف نزع شرعية الاخر، مؤكدا أن "الفجوة باتت اكبر" بين الفصيليين بعد خطابي زعيميهما. ويتفق المحلل السياسي في رام الله هاني المصري أن الأمور تتجه نحو "تباعد أكثر" بين فتح وحماس ولكنه أعتبر أنه من المبكر الجزم بعدم توقيع أتفاق المصالحة بين الفصيلين في القاهرة. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الأحد أنه "من المحتمل" تأجيل توقيع هذا الاتفاق "بضعة أسابيع" بناء على طلب حماس. ويبدي وليد المدلل استاذ التاريخ والسياسة في الجامعة الاسلامية في غزة مخاوف كبيرة إزاء اتساع الفجوة بين مواقف طرفي النزاع الداخلي الفلسطيني مشددا على أن إسرائيل حريصة على إبقاء الخلاف وأن بعض الدول العربية التي لم يسمها "مرتاحة من استمرار الانقسام الذي يعفيها من مسؤولياتها". وتساءلت صحيفة القدس كبرى الصحف الفلسطينية "لمصلحة من تأجيل المصالحة" وقالت في افتتاحيتها "لقد حان الوقت كي يدرك كل من يتحدث باسم الشعب الفلسطيني أن المواطن الفلسطيني لا يمكن أن يفهم من المماطلة في الحوار ورفض المصالحة وكل هذه التأجيلات سوى إصرار على تكريس الانقسام وهو ما لا يخدم قضية شعبنا وحقوقه العادلة". ويحذر المدلل من "فقدان الشرعية" التي تتمتع بها حاليا حماس وفتح لأنه حينها يحصل "الانقسام الحقيقي..وسيصبح المشهد معقدا وحينها سيفتح الباب لصراع على من يمثل الشعب الفلسطيني". وتعترض طريق المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية كثير من التحديات ربما أهمها استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية الذي نجح المصريون في ما يبدو على إقناع حماس وفتح بتأجيلها حتى يونيو 2010 بدلا من 25 يناير من العام نفسه. وتفتح هذه الانتخابات ، مجالا للإتهامات والطعن بنتائجها من الفصيلين الاكبر وهو ما سيخلق حالة من الفوضى تفقد جميع الأطراف الشرعية وفقا لما يقول المدلل. واعتبر إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة وأحد قادة حماس، أن خطاب عباس الذي وصفه بال "هابط" يعكس "مأزق" سلطته بسبب ما أسماه "الفضيحة والجريمة السياسية" في إشارة إلى سحب تقرير جولدستون. في المقابل اتهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد حماس ب"البحث عن ي ذريعة لعدم إنهاء الانقسام..بدلا من التوحد في مواجهة الاحتلال". ورغم الاتهامات القاسية والتشكيك بالشرعيات يرى المدلل أن عباس ومشعل لم يغلقا الباب نهائيا أمام العودة للمصالحة. وقال المدلل أن التصعيد "واضح بين الرجلين لكن يمكن أن نلمس لهجة تصالحية". أما المحلل هاني المصري فاعتبر أن "الأيام القادمة ستبين إذا ما كنا متجهين نحو الوحدة والتوقيع أو القطيعة طويلة الأمد".