«هل تنطوى صفحة أزمة الكرتون الدانماركى إلى الأبد؟» هذا السؤال أصبح يمكن الإجابة عنه فى الوقت الحالى «بنعم»، فيمكن لأى مراقب حصر عدد من المشاهدات التى حدثت أخيرا ليدرك أن الدانمارك تحاول التقرب إلى الدول العربية ومصر على رأس هذه الدول ليس فقط عبر تنظيمها أول احتفالية «القدس عاصمة الثقافة العربية» منذ أيام قليلة بناء على دعوة من عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية وإنما يظهر هذا بوضوح فى مجموعة من القرارات المهمة التى اتخذتها الحكومة الدانماركية أخيرا لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع مصر، وقد أكد هذا السفير المصرى فى الدانمارك نبيل حبشى فى أول حوار معه بعد أن تولى المنصب فى شهر يوليو الماضى. يقول حبشى إن وزارة الخارجية الدانماركية قررت من طرف واحد إلغاء التأشيرات الدبلوماسية والخاصة بالنسبة للجانب المصرى ابتداء من سبتمبر الحالى وبهذا تصبح مصر أول دولة عربية من خارج الاتحاد الأوروبى يتم منحها هذه الميزة، هذا بخلاف ما أكده حبشى حول وجود أخبار مؤكدة عن إعادة خط الطيران المباشر بين مصر والدانمارك وفى هذا الإطار يذكر حبشى «نأمل الصيف القادم بعودة مصر الطيران إلى الدانمارك» ويستطرد «السفارة بذلت مجهودات كبيرة لإعادة خط طيران كوبنهاجن القاهرة مما يؤدى إلى التدفق السياحى مشيرا إلى أن أهمية الدانمارك لما لها من تأثير ونفوذ كبير سياسيا واقتصاديا على العالم وقال على سبيل المثال الدانمارك تصدر 80% من الأنسولين لمرضى السكر إلى العالم كله فضلا عن تصدير الألبان ومن المعروف أن اقتصادها قوى وتأثيرها واضح على دول الاتحاد كما أن لها صوتا مسموعا من الدول الاسكندنافية. ويوضح حبشى أن أحمد أبوالغيط وزير الخارجية كلفه بأمرين مهمين عند تعيينه سفيرا: الأول يتعلق بعودة العلاقات بشكل طبيعى مع الدانمارك وتنمية العلاقات بين مصر والدانمارك ثم إعادة فتح صفحة جديدة على جميع المستويات فضلا عن رعاية الجالية المصرية هنا وحل جميع مشاكلهم. هل تخطينا أزمة الرسوم الكرتونية المسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون أى مقابل؟ رد الحبشى قائلا «لم يحدث هذا إلا بعد أن أيقن الدانماركيون أنهم على خطأ ولم يعودوا يتشدقوا بنغمة حرية الرأى والتعبير بعد علم الجميع أن الأمر لم يكن سوى عملية تجارية يقف وراءها الأحزاب اليمينية المتطرفة، ولقد دفعوا الثمن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا بعد أن تم تفجير سفارتهم فى باكستان. ولكن هل صدر عن الدانمارك اعتذار على المستوى السياسى أوضح الحبشى قائلا «رئيس الوزراء الذى تسبب فى الأزمة الأولى اعترف فى تصريح له عندما أصبح سكرتيرا عاما لحلف الأطلنطى أخيرا على هامش زيارة إلى تركيا أن الدين الإسلامى دين تسامح ومحبة وهى التصريحات التى لم يقلها من قبل وكان لهذه التصريحات انعكاس على المجتمع الدانماركى ولم تمر هذه التصريحات مرور الكرام طبقا للحبشى. ويضيف حبشى أن الدستور الدانماركى ينص صراحة على حرية التعبير بالرأى مؤكدا أن الأمر يتشايه كثيرا مع السويد التى واجهت أزمة مع إسرائيل أخيرا بسبب نشر الصحف السويدية خبرا عن نقل أعضاء الفلسطينيين وقد حاول الإسرائيليون الحصول على اعتذار رسمى وهو ما رفضته السويد بشدة. وفى إطار تنفيذ توجيهات أبوالغيط فإن الحبشى بدأ بالفعل فى حملة دعائية سياحية لمصر، كما أن السفارة تلعب أيضا دورا كبيرا فى إطار المؤتمر الدولى COP15 المعنى بقضية تغيير المناخ الذى سيشارك فيه وفد مصرى بتشكيل كبير برئاسة د.ماجد جورج وزير البيئة ويضم ممثلين من وزرة الطاقة والصناعة والاستثمار والبترول والزراعة والخارجية وأعضاء الوفد الدائم للخارجية فى نيويورك وعدد من الكتاب والصحفيين لن يقل عن 20 مشاركا مصريا على حد قول حبشى. وستركز مصر على مبدأ أن الدول النامية ليست مسئولة عن الانبعاث الحرارى إنما دول العالم الأول وعلى تلك الدول تحمل مسئولية ذلك عبر توفير الالتزامات المالية الكافية لجميع دول العالم الفقيرة والمتضررة، وأكد الحبشى أن هناك اتفاقا على أن تفصل دول العالم الأول بين المساعدات والمعونات التى كانت تقدمها فى الأصل إلى الدول النامية وبين تلك الأموال التى يجرى بحث تخصيصها إلى الدول النامية والفقيرة علاوة على عدم السماح بتعيين مراقبين على الدول الأخيرة وقال «مصر من الدول المتضررة من ظاهرة الاحتباس الحرارى ولن نقبل بتعيين شاويش أجنبى على مصر لمراقبة الأموال التى سيجرى اعتمادها لمواجهة تأثير تغيير المناخ على مواردها».