النمطية والتكرار احتلا مقدمة الاتهامات التى ظلت تلاحق صناع الدراما فى كل عام، غير أن رمضان الحالى جاء على نحو مغاير على الأقل بالنسبة للشخصيات إذ ضمت المسلسلات «كاركاترات» غير نمطية نالت إعجاب المشاهدين باعتبارها كسرت حاجز الملل لديهم، كما أثارت موجة من الجدل حول مبالغة الكتاب فى رسم ملامحها بدرجة كبيرة. ومن بين تلك الشخصيات، العانس التى تعيش فى عالم آخر، وهو الدور الذى تلعبه الفنانة معالى زايد فى مسلسل «ابن الأرندلى»، والمسن العاشق الذى يلعب دوره الفنان عبدالعزيز مخيون فى المسلسل نفسه، وكذلك دور ربة المنزل البدينة التى تسعى لخفض وزنها بأى وسيلة والذى لعبته الفنانة دلال عبدالعزيز، والمختل العقلى الذى يجسد دوره الفنان علاء مرسى فى «هانم بنت باشا»، وشخصية اليهودى الهادئ الذكى التى لعبها الفنان السورى باسم ياخور فى مسلسل «حرب الجواسيس». وفى هذا السياق جاءت أيضا شخصية القبطى الساذج الأهوج الذى لم نشاهده من قبل والذى جسده أحمد صيام فى «تاجر السعادة» ويحسب للفنانين الذين جسدوا هذه الأدوار نجاحهم فى تقمص هذه الشخصيات وإظهار خفاياها. الفنانة معالى زايد تفاجئ الجميع وتقول: قليل من يعلم أنه كان من المفترض أن ألعب دور «لطيفة» زوجة عبدالبديع الأردندلى ولكن منذ اللحظه الأولى التى استلمت فيها السيناريو وعينى «زاغت» على شخصية «دولت»، وأبلغت المنتج محمد فوزى برغبتى هذه لكنه كان «زعلان»، مؤكدا أنه يرانى فى «لطيفة»، لكننى كنت مصرة على «دولت» باعتبارها شخصية جديدة على لم ألعبها من قبل إلى جانب أنها مليئة بالمشاعر الرومانسية. وأضافت: دولت ولدت لأسرة ثرية قبل ثورة يوليو وترعرعت فى هذه الأجواء وشاهدت العز قبل أن تقوم الثورة ويتم مصادرة الثروة لكنها لم تستطع أن تخرج من هذه الأجواء التى انعكست على طريقة معاملاتها للآخرين وطريقة حركتها وكلامها ورغم أن قطار الزواج فاتها لكنها تتعامل على أنها «البرنسيسة» التى تهافت عليها الرجال وقسوة عمها الذى استولى على أموالها هى التى أبعدت العرسان عنها. وعن كيفية تحضيرها للشخصية، قالت: عشت داخل الشخصية لأبعد مستوى يتخيله أحد خاصة أن هناك شخصيات عاصرتهم فى حياتى بهم ملامح «دولت» وتأثرت بهم كثيرا وعليه اشتغلت على هذه الشخصية «بمزاج» واخترت لها تسريحة شعرها وطريقة ملابسها حتى «لازماتها»وجملة «مرسى شكرا» و«يا ربى» التى أرددها باستمرار حتى الضحكة الغريبة التى اخترتها لها وذهبت بالشخصية للبلاتوه وعرضتها على المخرجة رشا شربتجى، التى انبهرت بها وأكدت أن هذه هى شخصية دولت التى تريدها وقد كان بالفعل. وفى المقابل يقف الفنان عبدالعزيز مخيون، الذى يجسد دور جار دولت هذا الرجل الكبير فى السن الذى يقع فى غرامها، ولكنه «يحسبها بالورقة والقلم»، ويخشى أن يكلمها من هاتفه المحمول حتى لا يتكلف ثمن المكالمة فيرسل لها «missd call» وهى شخصية جديدة تماما عليه ولم يقدمها من قبل ويعترف عبدالعزيز مخيون بذلك، ويقول: طوال مشوارى المهنى لم أعط للفن أكثر من ربع طاقتى حيث تم سجنى فى أدوار بعينها دون محاولة للتغيير وكأن الأمر كان يحتاج منى لبذل المزيد من المجهود والحديث بلغة لا أتكلمها ولا أجيدها وهى اللغة السائدة فى الساحة الفنية حاليا. وأضاف: عندما عرضت علىّ هذه الشخصية أعجبت بها كثيرا لأن لونها مختلف و«كاراكتر» لم أقدمه من قبل ولن أتجمل وأدعى أنى حضرت لها كثيرا، وأنها أخذت وقتا طويلا معى لأفكر فى مواصفاتها بل كان انطباعى الأول عن الشخصية منذ قراءة السيناريو هو الذى حدد طريقة أدائى لها، فقد انفعلت بكل كلمة كتبها المؤلف وليد يوسف، حتى أنه أثناء قراءة المشهد اكتشفت مواقف وانفعالات عديدة ظهرت أثناء الأداء نفسه ونالت إعجاب المخرجة رشا شربتجى التى أبدت تفهما كبيرا للشخصية وكانت تنفعل معها وتضحك كثيرا على تصرفاتها. واستطردت: الشخصية رغم أنها تبدو لرجل بخيل يحسبها كثيرا قبل أن يقدم على أى خطوة لكنها شخصية ثرية درامية للغاية، فبعيدا عن كونها شخصية ذات طابع كوميدى فهى تتمتع بأحاسيس جياشة فهو رجل يذوق مرارة الوحدة ويقع فى غرام جارته لكن «حساباته» تعوقه عن ترجمة مشاعره وتحول دون ارتباطه بمن يحب. من ناحيته، يؤكد المؤلف وليد يوسف أنه حرص فى مسلسله «ابن الأرندلى» على أن يقدم أكثر من «كاراكتر»، وقال: حاولت أن أقدم عددا من الشخصيات غير النمطية فى هذا العمل تمثل واقعنا فى أكثر من صورة وتضفى مذاقا خاصا على السيناريو فإلى جانب شخصية العانس والمسن الرومانسى فهناك شخصية الزوجة التى وضعت صورة لها طوال الحلقات وهى بملابس الزفاف مع زوجها. وأضاف: كما أن العمل يتضمن شخصية أخرى غير نمطية وهو الدور الذى يلعبه الفنان حسن الرداد والذى يجسد «أرندلى» صغيرا فهو لا ينادى والده باسمه، ولديه الاستعداد لفعل أى شىء مقابل المال حتى ولو على حساب أمه ومستعد أن يشهد على زيجات أبيه ويساعده فى حيله وألاعيبه مقابل المال وتقابلها شخصية الأب الذى يذعن لابنه ويساعده لكنه ينهره إذا ناداه ب«أبى» وهناك شقيقتهم التى تعيش مع جهاز الكمبيوتر ولا تهتم بأى شىء يحيط بها وتعيش فى واد خاص بها وحدها دون شريك. وبعيدا عن كاراكترات «ابن الأرندلى» فقد نجح الفنان السورى باسم ياخور فى تقديم نموذج جديد لعميل الموساد الذى اتسم بالدهاء والمكر والهدوء فى الأداء فى مسلسل «حرب الجواسيس» وعن هذا «الكاراكتر» يقول: لم اجتهد كثيرا فى رسم ملامح هذه الشخصية بعد أن ترجم أدق تفاصيلها بحرفية شديدة السيناريست بشير الديك الذى سبق وتعاونت معه هو ومخرج العمل نادر جلال وكذلك بطل العمل الفنان هشام سليم فى مسلسل «ظل محارب». ولمست على أرض الواقع قدرة السيناريست بشير الديك والمخرج نادر جلال على رسم ملامح تفاصيل الشخصيات بكل دقة وبالتالى فقد تضمن السيناريو تفاصيل شخصية «أبوسليم» بطريقة لبسها وأدائها وإيماءاتها وحركاتها وكنت أشعر أننى أراها مجسدة أمامى وأنا أقرأ السيناريو وعندما تقمصت الشخصية وذهبت إلى البلاتوه وجدت تأييدا كبيرا من كل المحيطين على شكل الشخصية وبدأنا العمل والحمد لله أنها حققت هذا النجاح. أما الفنان أحمد صيام فيقول عن شخصية القبطى «كيرلس» الرجل المتهور المستعد لاقتحام الكنيسة من أجل إيقاف زواج مطلقته فى مسلسل «تاجر السعادة»: «كيرلس» نموذج لمسيحى طيب وعفوى فى تصرفاته ولا يفكر قبل أن يقدم على شىء وهو إنسان منغلق على نفسه يشعر بالقهر وغير قادر على المواجهة. ولذا اخترت أن يرتدى نظارة تساعده على عرض رؤيته للحياة كما تعمدت أن تكون ألوان ملابسه باهتة غير زاهية لتعكس ملامح شخصيته وهو نموذج موجود ونراه كثيرا فى حياتنا وحتى الآن لا أدرى سبب غضب الكنيسة من هذه الشخصية رغم أننا نؤكد طيبة هذا الرجل وسذاجته. وحول اتهامه بأنه أدى شخصية «إيزاك» فى مسلسل «حرب الجواسيس» بطريقة نمطية، يقول الفنان أحمد صيام : عندما عرض علىّ هذا الدور حرصت على ألا يكون هذا النموذج اليهودى المتزمت الذى شاهدناه فى أكثر من عمل فى السينما والتليفزيون وعندما قرأت السيناريو اتصلت بالسيناريست بشير الديك لنصل معا إلى شكل الشخصية فلجأنا إلى الإنترنت نبحث عن صور لمواصفات الشخصية التى ألعبها فوجدنا نموذجا أصلع وآخر بلحية طويلة وسوالف وهناك من يحول لحيته إلى ضفائر وظللنا نبحث حتى وصلنا إلى الشكل النهائى. وأضاف: على الفور بدأنا البروفات وفوجئت بنفسى أؤدى الدور بنبرة صوت غريبة لكنها حظيت على إعجاب المخرج نادر جلال وبدأنا التصوير الفعلى مع التزامى الشديد بألا أقع فى الفخ وأكرر الشخصية بشكل «مسخ ملوش معنى» خاصة أنها واضحة فى أذهان الناس بعد أن لعبها كل من أسامة عباس وحسن حسنى ومصطفى فهمى وغيرهم.