قد يبدو العنوان غريبا، وربما يتساءل البعض «وهل للهو فقه»؟، أو يكون السؤال الأهم وهل الإسلام يعترف أساسا باللهو، خاصة أننا نرى كثيرا من المتدينين عابثى الوجه، وإن أدوا أى رياضة بدنية قالوا إنها للجهاد والأعمال العسكرية فقط، مما يجعلنا نسأل عن ثقافة اللهو فى الإسلام وهل اعترف بها؟ العلامة الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين: إن الإسلام لم يفرض على الناس، ولم يفترض فيهم، أن يكون كل كلامهم ذِكْرا، وكل صمتهم فكرا، وكل سماعهم قرآنا، وكل فراغهم فى المسجد، وإنما اعترف بهم وبفطرتهم وغرائزهم التى خلقهم الله عليها، وقد خلقهم سبحانه يفرحون ويمرحون، ويضحكون ويلعبون، كما خلقهم يأكلون ويشربون. وبلغ السمو الروحى ببعض أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يديروا ظهورهم لكل متع الحياة، فلا يلهون ولا يلعبون، بل تظل أبصارهم مشدودة إلى السماء، وأفكارهم متجهة إلى الآخرة ومعانيها، بعيدة عن الحياة ولهوها. وتظل أعينهم من خشية الله دامعة، وقلوبهم من ذكر الله خاشعة، وأكفهم إلى الله ضارعة، فإذا تخلوا عن هذه الحال الربانية الراقية بعض الأوقات اتهموا أنفسهم بالنفاق. ويضيف «إن الرسول الخاتم محمد، كانت حياته (صلى الله عليه وسلم) مثالا رائعا للحياة الإنسانية المتكاملة: فهو فى خلوته يصلى ويطيل الخشوع والبكاء حتى تتورم قدماه، وهو فى الحق لا يبالى بأحد فى جنب الله، ولكنه مع الحياة والناس بشر سوِىّ، يحب الطيبات، ويبش ويبتسم، ويداعب ويمزح، ولا يقول إلا حقا. وكان (صلى الله عليه وسلم) يحب السرور وما يجلبه، ويكره الحزن وما يدفع إليه من ديون ومتاعب، ويستعيذ بالله من شره، ويقول: «اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن»، وقال على بن أبى طالب (كرم الله وجهه): روحوا عن القلوب وابتغوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان». وقال القرضاوى إن مسابقات الخيل وغيرها مشروعة لكن بضوابط معينة، وأشار إلى أن النظرة الأساسية لهذه المسابقات تعتمد على أنه إعانة على الجهاد، ويفضل عدم حصرها فى زاوية الجهاد والإعانة عليه فقط، ولكن فى زاوية اللهو واللعب والترويح، فليس كل من يزاول هذه الرياضات والمسابقات ينوى بها التقوّى على الجهاد، وإعداد العدة له بممارسة كل ما يؤدى إلى القوة البدنية، والقوة العسكرية، والقوة المادية. وقد يقصد كما يقول القرضاوى مجرد التلهى والتسلى واللعب، وكانت فى حدود الاعتدال والتكامل، وصحبتها مفاهيم وتعاليم تربوية نافعة، تمزجها بمعانى الإيمان، وتربطها بالأهداف الكبرى للأمة، ويمارسها الكثيرون بنية صالحة، تتحول حينئذ إلى عبادة وقربة إلى الله سبحانه،كما تتحول كل المباحات إلى قربات. ويؤكد القرضاوى أن مشروعية الضحك والمرح والمزاح لا شك فيها، ولكنها مقيدة بقيود وشروط لابد أن تراعى، منها ألا يكون الكذب والاختلاق أداة لإضحاك الناس، كما يفعل بعض الناس فى أول أبريل، وألا يشتمل على تحقير لإنسان آخر، أو استهزاء به وسخرية منه، إلا إذا أذن بذلك ورضى، وألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم، وأن يكون ذلك بقدر معقول، وفى حدود الاعتدال والتوازن، الذى تقبله الفطرة السليمة، ويرضاه العقل الرشيد، ويلائم المجتمع الإيجابى العامل، ولا يطغى على الحقوق المفروضة لله وللناس. وخلص إلى أن الضحك والمرح والمزاح.. أمر مشروع فى الإسلام، لحاجة الفطرة الإنسانية إلى شىء من الترويح يخفف عنها قسوة الحياة، وتشعب همومها وأعبائها.