اليوم.. الإعلان عن الحركة الداخلية للمحاكم الإدارية العليا بمجلس الدولة    التزام طلاب المعاهد الأزهرية بالغربية بالزي الأزهري الموحد    2253 مدرسة في الفيوم تستقبل الطلاب اليوم    أجراس طابور الصباح تدق والفصول تتزين بمدارس الغربية مع انطلاق العام الدراسي    بعد مكاسب 70 جنيها.. ننشر أسعار الذهب اليوم الأحد 22 سبتمبر    خبير يوضح جهود الدولة في زيادة صادرات المنتجات الزراعية    بمقدم 150 الف جنيه .. الإسكان تطرح وحدات بمشروع صبا "Saba" بأكتوبر    وزير الخارجية: مصر تواصل جهودها للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل    ارتفاع حصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت إلى 45 شهيدا    الأهلي يطير إلى السعودية الأربعاء استعدادًا للسوبر الإفريقى    مواعيد مباريات اليوم الأحد 22-9- 2024 والقنوات الناقلة لها    مفاجأة| محمد صلاح كان قريبًا من الأهلي بعمر ال16 عامًا .. عبدالحفيظ يكشف الكواليس    معلومات تغير المناخ يؤكد "اليوم بداية فصل الخريف"    بمختلف المحافظات.. رفع 54 سيارة ودراجة نارية متهالكة    جامعة قناة السويس تشارك فى منتدى بكين الثقافي بالصين    بالأسماء.. حركة تغييرات واسعة ب«ديوان الإسكندرية» تشمل 10 قيادات بينهم 6 سيدات    وكيل تعليم مطروح يتابع انطلاق العام الدراسي الجديد.. صور    «منافس الأهلي».. موعد مباراة العين ضد أوكلاند سيتي في كأس إنتر كونتينتتال والقنوات الناقلة    في ذكرى وفاته.. تعرف على أبرز المحطات الفنية في حياة هشام سليم    أفلام معهد السينما في برنامج ندوات مهرجان الغردقة.. اليوم    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    طبيبة: مزاج الشخص يسوء بعد تناوله أطعمة معينة    4745 مدرسة تستقبل طلاب الشرقية في بداية العام الدراسي الجديد    "قصات الشعر الغريبة والبناطيل المقطعة"، التعليم تحذر الطلاب في ثاني أيام الدراسة    رفع درجة الاستعداد بالموانئ بسبب ارتفاع الأمواج    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    عبد العاطي يلتقي السكرتيرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة إسكوا    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    أحداث الحلقة 1 من مسلسل «تيتا زوزو».. إسعاد يونس تتعرض لحادث سير مُدبَّر    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    اليوم.. محاكمة 9 طلاب في قضية «ولاية الدلتا الإرهابية»    صحيفة: هجمات ترامب على تايلور سويفت تثير قلق مستشاريه    النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم يضر بالكل.. وطرح مليون وحدة مغلقة سيخفض الإيجارات    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    نيكول سابا ومصطفى حجاج يتألقان في حفلهما الجديد    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    لماذا ارتفعت أسعار البيض للضعف بعد انتهاء أزمة الأعلاف؟ رئيس الشعبة يجيب    سعر الذهب الآن في السودان وعيار 21 اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري وموعد انطلاق الموسم الجديد    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمن العالم العربي.. خطأ التقدير
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 09 - 2009

لقد اعتدنا فى المشرق العربى التفكير بأن أمن المنطقة العربية شأن نختص به على المستوى الوطنى، وبأن نجاحه متصل بالتحالفات التى يمكن أن تعقد بين بعض دول المشرق ببعض دول الخليج تحت إشراف الدول الغربية المهيمنة.
ولم يتم وضع تصور لمعادلات إقليمية أوسع مستمدة من مصالح الدول العربية الحقيقية بمعزل عن التدخل الغربى الذى يشمل دول غرب آسيا والشمال الأفريقى. ولذلك تظهر بين الفينة والأخرى محاور استراتيجية مثل محور مصر الوفدية والمملكة العربية السعودية وسوريا الجمهورية، الذى شغل حيزا سياسيا واسعا قبيل الحرب العالمية الثانية.
أما المحور الأساسى الذى بقى فاعلا منذ منتصف الخمسينيات حتى قيام الثورة الإسلامية فى إيران سنة (1979) فهو محور حلف بغداد. وتتابعت بعد ذلك المحاور غير الفاعلة التى سرعان ما تضمحل وتختفى. وكنا فى المقال السابق قد ذكرنا ثلاثة اعتقادات خاطئة فى مفهوم الأمن العربى، وهى: الاعتقاد بأن الولايات المتحدة والغرب بسبب حاجته للعالم العربى كمصدر للطاقة سوف يدافع عن بقاء الحكم السلالى قائما فيه إلى الأبد أو إلى المستقبل المنظور، الاعتقاد الراسخ بقوة الرأسمالية الليبرالية/الافتراسية الغربية، والاعتقاد بأن الصداقة مع الغرب تعنى الخضوع لرغباته (وأحيانا لأهوائه) دون اعتبار للمصالح العربية العليا على المستويين الوطنى والقومى.
رابعا: وهذا يقودنا إلى الاعتقاد الرابع الخاطئ الذى تبنى عليه السياسة الخارجية العربية أن بمقدور المحور الجديد الفاعل الآن فى المنطقة والمكون من مصر الساداتية (فى زمن الرئيس مبارك) والمملكة العربية السعودية والأردن الهاشمية قادرة على قيادة سياسات دول المنطقة. وهذا الاعتقاد الخاطئ ينبع خطؤه من الترويج للخطر الشيعى القادم من إيران. وأزعم أن هذا الخطر فيه كثير من المبالغة، ولا يستند إلى تقدير موضوعى. فقد جاء حلف بغداد لحصار العرب وحصرهم فى منطقة المشرق العربى وعزلهم عن امتدادهم الاستراتيجى فى غرب وشرق آسيا. وقد خرقت مصر الناصرية هذا الحصار وأضعفه انقلاب يوليو 1958 فى العراق.
ولكن الاختراق الأساسى الذى قضى على حصار المشرق هو الثورة الإسلامية فى إيران. وتعلمون أن حلف بغداد كان مكونا من باكستان (التى كانت تحت حكم العسكر) وإيران الشاه (التى كانت مستعمرة غربية)، وتركيا وكانت تحت حكم العسكر أيضا، بالإضافة إلى العراق والأردن ودول الخليج وجميعها كانت تحت الاحتلال البريطانى والهيمنة الأمريكية. فقد كان من المفترض أن تستغل الدول العربية هذا الاختراق الإيرانى لكسر الحصار الاستراتيجى على المنطقة، بخاصة أن تركيا وقعت فى التسعينيات تحت حكم مدنى متوازن بالرغم من كونها دولة أطلسية.
فبدلا من محاولة كسر الحصار المفروض على إيران الذى يمثل السياسة الغربية الحالية أصبح المطلوب هو مساعدة إيران فى التغلب على مصاعب الحصار الغربى المفروض عليها.
إنه لأمر طبيعى أن تكون لإيران مصالح خاصة بها، ولكن كان بإمكاننا أن نتجاوب مع رغبة إيران فى تبنى القضايا العربية دون خوف من أن تحول إيران دول المشرق إلى المذهب الشيعى، طالما أن هناك مصلحة مشتركة فى مقاومة الهيمنة الغربية. إن الهدف الأساسى للسياسة الغربية فى الوقت الحاضر هو تحييد إيران وإضعافها، لإعادة الحصار الاستراتيجى المفروض على المشرق. وسياسات المحور المصرى السعودى الأردنى يساعد خلافا لمصالحنا الاستراتيجية مع الأسف، فى تحقيق الهدف الغربى.
خامسا: أما الاعتقاد الخامس الذى لا تقل نتائجه فداحة هو الاعتقاد بأن المعادلات الاقليمية القائمة الآن لن تتغير فى غير صالح الدول العربية. وهكذا فقد أصبحنا متفرجين سلبيين على الجهود الغربية لتحييد إيران ولم تقابل الدول العربية الجهود التركية للخروج بمعادلة إقليمية جديدة فى حدود ما تسمح به عضويتها فى حلف الأطلسى واعترافها بإسرائيل. كما أن باكستان قد خرجت فعليا عن المعادلة الإقليمية والتوازنات الاستراتيجية فى المنطقة. والشىء نفسه ينطبق على أفغانستان دون أن يكون للدول العربية دور فاعلا فى وضع معادلة إقليمية لصالحها. بل على العكس تركت الدول العربية دول الحلف الأطلسى تتخبط فى هذين البلدين الأخيرين دون اشتراط تقديم هذه الدول حلولا سياسية لإنهاء الصراع فى تلك المنطقة. ليس بحكم كون أفغانستان وباكستان دولتين إسلاميتين وإنما بحكم تأثر مصالح الدول العربية بما يجرى فيهما، منعا لعودتهما لعب دورهما فى الحصار الاستراتيجى المفروض على دول المشرق.
ويحاول الغرب الآن ترميم الطوق المفروض على الدول العربية فى غرب آسيا باستدراج الهند لتلعب الدور الذى كانت تلعبه باكستان. ونحن الآن شهود على المحاولات الأمريكية الإسرائيلية التقارب من الهند عبر صفقات الأسلحة والاستثمارات المباشرة. ولكن الهند مازالت فى الظاهر تتبع سياسات متوازنة نحو المنطقة، حتى الآن. وإذا ما نجح الغرب فى تحييد دور إيران، وربما إسقاط الثورة الإسلامية والمجىء بالإصلاحيين القريبين من الغرب (من المؤسسة الدينية ومن خارجها) فإننا سنشهد حصارا جديدا، أو محورا جديدا يشارك فيه هذه المرة العراق «الجديد» المحتل، المكون من شيعة وكرد كحلفاء استراتيجيين جدد للولايات المتحدة.
ولا يجد المحللون الغربيون ولا بعض أبناء المنطقة من التحرج عن الكلام عن «إعادة رسم خريطة المنطقة وكأن هذه الخريطة لم تستقر بعد». وإعادة رسم خريطة المنطقة وتوزيع وإعادة توزيع الدول العربية جغرافيا أصبح هواية مقبولة من السياسيين الغربيين والمشارقة على حد سواء من معاهدة فرساى، والليدى بل، وصولا إلى جو بايدن ومارتن أنديك وبعض الصحفيين العرب. وما هذه المشروعات الوهمية إلا جزءا من سياسات الزعزعة والاحتواء الغربيين، واستمرار الحرب النفسية على العرب ومشاغلتهم فى ديارهم.
سادسا: هناك قناعة راسخة لدى الطبقة المهيمنة على القطاع الخاص فى الدول العربية أن بإمكانها اللحاق بالغرب إذا اتبعت أساليبه، ولذلك هى تطالب بالخصخصة الراديكالية (بيع القطاع العام بالجملة لها) وتنادى بأن تتحول الدول العربية الثرية إلى مراكز مالية عالمية، وبأن تفتح أسواقها للاستثمارات الغربية المباشرة. وقد أثبتت تجاربه عدة دول فى جنوب شرق آسيا وفى أمريكا الجنوبية، خطأ هذا الرأى، إذ لابد من سياسات حمائية إقليمية ووطنية لحجب الاقتصادات المحلية عن تقلبات الأسواق العالمية وعن المضاربات غير المسئولة والجشعة. وحتى الدول الغربية فى سياساتها الحمائية، وفى التضييق على الاستثمار والاستيراد من دول العالم الثالث تتبع سياسات صارمة مبنية على هذا المبدأ.
وحسب إيفادة باتينا وايسنر (فى IHT 1/7/2009) فإن سياسات فك الارتباط مع الغرب فى ظل العولمة (Decupling) هى سياسات حكيمة، ونجحت بعض الدول الآسيوية والأمريكية فى إعادة الاعتبار لهذه النظرية عندما طرحت بقوة فى السبعينيات من القرن الماضى. والدليل على ذلك أن اقتصادات منطقة اليورو والولايات المتحدة سوف ينخفض نموها بنسبة 4.5 و٪3 على التوالى بينما سيزداد نمو كل من الصين والهند بنسبة 7.2 و٪5.1، علما بأن ديون الشركات الآسيوية أقل كثيرا من مثيلاتها الأوروبية والأمريكية.
إن سياسات فك الارتباط تكون أكثر فاعلية لو أنها فى حالة دول غرب آسيا قد وضعت على أساس إقليمى. ولذلك فالمطلوب هو عكس الاعتقاد السائد فى دول المشرق والخليج، تهيئة الظروف السياسية لتعاون إقليمى يعتمد على فكرة فك الارتباط بدلا من التبعية للسياسات الغربية والإيمان بقوة الدولار وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الغربية المباشرة المحفوفة بالمخاطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.