للمرة الأولى منذ سبعة أشهر، عم الهدوء مساء الاثنين، الجبهات السورية مع بدء سريان هدنة لمدة إسبوع بموجب اتفاق أمريكي - روسي، يسعى لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس أعوام داخل الأراضي السورية، وربما يكون بحسب واشنطن «الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا». ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة السابعة مساء (16,00 تغ)، من أول أيام عيد الأضحى، وقبل دقائق من بدء سريانه، أعلنت موسكو تعليق ضرباتها الجوية على كل الأراضي السورية، باستثناء «المناطق الإرهابية»، وتلاها إعلان الجيش السوري التزامه التهدئة، في حين أبدت المعارضة المسلحة تحفظها على الاتفاق التي وصفته ب«المجحف»، إلا أنه لم ترفضه صراحة. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن «هدوءا يعم المناطق السورية كافة، وخصوصا دمشق، حلب (شمال) وأدلب (شمال غرب)، باستثناء بعض القذائف في القنيطرة ودرعا جنوبا، مع بداية التهدئة». ويستثني الاتفاق تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، ما يعني أن العمليات العسكرية ستتواصل في مناطق واسعة من البلاد. أخطط للبقاء على قيد الحياة وفي مدينة تلبيسة، الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حمص (وسط) الشمالي، قال الناشط حسان أبو نوح، «هناك هدوء حاليا اتمنى أن يستمر ذلك حتى ولو يومين اثنين، الواحد منا اشتاق لان يخرج في نزهة مع أصدقائه.. في العيد أخطط فقط للبقاء على قيد الحياة». وأعلن الجيش السوري في بيان أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، التزامه بتطبيق «نظام التهدئة على أراضي الجمهورية العربية السورية لمدة سبعة أيام اعتبارا من الساعة 19،00 (16,00 ت غ)، من الاثنين، مع الاحتفاظ بحق الرد الحاسم باستخدام جميع الوسائط النارية على أي خرق من جانب المجموعات المسلحة». وأعلنت موسكو، أحد الطرفين الراعيين للاتفاق والداعمة للنظام، مساء الاثنين، على لسان مسؤول عسكري بارز، وقف جميع الأعمال القتالية في جميع مناطق سوريا، مع التأكيد أنها «ستواصل شن الضربات ضد أهداف إرهابية». وينص الاتفاق بحسب ما ورد على لسان وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرجي لافروف، الجمعة الجمعة الماضية، على أن يتم الالتزام بوقف النار في مرحلة أولى لمدة 48 ساعة يتم تجديدها. الفرصة الاخيرة وبعد بدء سريان الهدنة، حض «كيري» أطراف النزاع السوري على التزامها، منبها إلى أن الاتفاق الروسي الأمريكي «قد يكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ وحدة سوريا». وقال «كيري» في مؤتمر صحفي من مقر وزارته، «نعتقد أن الحل الواقعي والممكن الوحيد للنزاع هو حل سياسي في نهاية المطاف، لكنه من المبكر جدا الخروج بخلاصات حول الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ قبل ساعات». بينما أصدرت فصائل المعارضة المسلحة بيانا عددت فيه «جملة من تحفظاتها على هذا الاتفاق المجحف»، حيث أخذت الفصائل على الهدنة أن بنودها «تترك المجال مفتوحا للنظام وحلفائه لاستغلالها وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين وتحقيق مكاسب عسكرية استراتيجية عجز عن تحقيقها سابقا، مما يثير لدينا مخاوف وشكوكا جدية حول توقيت وبنود هذه الهدنة». كما أخذت عليها خلوها من «أية ضمانات حقيقة أو آليات مراقبة أو عقوبات واضحة، واستثناءها جبهة فتح الشام في حين غضت الطرف كليا عن الميليشيات الطائفية الأجنبية التي تقاتل مع النظام (..)، وهو ما نعتبره ازدواجية مريبة ومرفوضة للمعايير». وأكدت الفصائل رفضها «استهداف جبهة فتح الشام أو أي فصيل آخر يحارب النظام، مرحبة في الوقت نفسه بقرار إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة في حلب»، معلنة عن تعاونها الكامل في تحقيق ذلك وتأمين الحماية للعاملين في المنظمات الدولية والإنسانية. وكان المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، قال إن الهيئة تطالب بضمانات حول تطبيق الاتفاق، مشككا في التزام النظام السوري وروسيا به لا سيما وأنهما يصنفان كل الفصائل التي تقاتل قوات النظام ب«الإرهابية». وبموجب الاتفاق، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة، والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، كما ينص على وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق أساسية تم الاتفاق عليها، ووقف القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين، ويمتنع الطرفان عن شن هجمات وعن محاولة إحراز تقدم على الأرض. وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ، قتل 13 شخصا في أدلب و13 آخرين في مدينة دوما، التي تسيطر عليها المعارضة في ريف دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.