قرار عودة نشاط كرة القدم إلى الملاعب المصرية صدر بعد تردد واضح واستجابة لضغوط من القطاع الرياضي الذي داهمته الخسائر المادية من جراء توقف المنافسات لكن في تصورنا أن القرار اعتمد على استقصاء للرأي العام قام به المجلس العسكري الأعلى وتوصل إلى أن الرياضة وتحديدا كرة القدم سوف تعيد الطمأنينة إلى الناس وهو ما يعكس رغبة الأغلبية في عودة الحياة إلى طبيعتها. الاستقصاء أكد أن الرياضة هي الحصان الذي سوف يجر العربة، وبمعنى أكثر توصيفا فإن الشارع بحاجة إلى مؤشرات تعيده إلى اهتماماته المتنوعة ومن بينها الرياضة ومنافسات كرة القدم ومن هنا توافقت الآراء لعودة دوري كرة القدم بكل ما فيه من سخونة وتنوع وجذب ما بين الناديين الكبيرين الزمالك والأهلي وصراعهما التقليدي الجاذب جدا لكل طوائف المصريين والأشقاء العرب. وفي ظني يجب أن نعمل بجهد لإعادة الديمقراطية الغائبة إلى المؤسسات الرياضية، والديمقراطية باختصار وبعيدا عن اللف والدوران تبدأ باحترام الجمعيات العمومية في الأندية والاتحادات، والتعامل معها باعتبارها الجهة الوحيدة التي تملك حق الرقابة والمحاسبة وسحب الثقة إذا تبين وجود خلل ما أو تجاوزات من أي نوع مادي أو إداري أو فني. الرياضة بعد الثورة يجب أن تتعامل بشفافية ولن يتم ذلك إلا إذا صدر قانون الرياضة الجديد الذي تم تخزينه ويقف منذ عامين في قائمة الانتظار للتصديق عليه ليصبح نافذ المفعول ونتصور أن الأندية سينقلب حالها ولن تخضع لسيطرة حفنة من القيادات تحت أي مسمى سواء رجال أعمال كما حدث مع الزمالك في عهد ممدوح عباس الذي أدار النادي من مكتبه أو من مارينا، وكما يحدث مع الأهلي منذ سنوات والذي يدار بواسطة حسن حمدي ومحمود الخطيب بمعزل كامل عن أعضاء مجلس الإدارة. هذه الظاهرة متكررة في أندية شعبية وغير شعبية يديرها أفراد دون وجود رقابة من جمعيات عمومية هي في الأصل مغيبة وضعيفة لا تدري من أمرها شيئا. الرياضة المصرية تنتظر بلهفة القانون الجديد تمهيدا للانتقال إلى عصر الاحتراف الحقيقي وطرح أسهم شركات كرة القدم للأعضاء والأنصار في البورصة وما يستتبع ذلك من ظهور جمعيات عمومية شرسة تمارس حقوق المراقبة والنقاش والمحاسبة المالية وسحب الثقة إذا اقتضى الأمر، ولا مجال لإفساد الجمعيات العمومية برشوتها أو خداعها بالوعود الزائفة لأن مصالح الجميع تصب في اتجاه واحد وهو تحقيق المكاسب، وبدون هذه النقلة لن تتطهر الحركة الرياضية. ونحن نرى أن تولي رجال الأعمال قيادة بعض الأندية ذات الشهرة لم تكن تجارب ناجحة بدليل المشهد البائس لنادي الزمالك صاحب التاريخ الحافل والمفترض أن يحتفل بمرور مائة عام على تأسيسه لكن عبثا في ظل الأوضاع المأساوية الحالية وأيضا نادي الإسماعيلي الذي انهار بفضل الكومي والبوشي ومعه نادي الاتحاد السكندري والنادي المصري.. كلها تجارب استفاد منها أصحابها أعلاميا لتطوير أعمالهم الخاصة وتركوا أنديتهم، بعضهم تنازل عن ما دفعه والبعض الآخر حصل على أمواله الى آخر قرش. إطلاق يد الأندية في جلب الموارد والاستعانة بالكفاءات وأصحاب الخبرات لوضع سياسات لتطوير نشاط كرة القدم وإبرام عقود عادلة ظاهرة للعيان مع اللاعبين تحت رقابة وسمع وبصر الجمعيات العمومية.. كل هذا سيكون بداية للمارسة رياضية نظيفة خالية من الشبهات والشوائب وبعيدة عن التدخلات الحكومية التي أحيانا تسيء إلى الدولة. وعندما يشعر عضو النادي بأنه يملك صوتا حقيقيا ومؤثرا لن يعود البلطجية مرة أخرى إلى الأندية.. الله لا يرجعهم. *