قبل لحظات من بداية مباراة ليفربول أمام ولفرهامبتون، أمس الأول، في الأسبوع الرابع والعشرين من الدوري الإنجليزي.. تخيل كل من آندي جراي وريتشارد كايز اللذين كانا يقومان بالتعليق على تلك المباراة على شاشة شبكة سكاي الرياضية الشهيرة أن الميكروفون أمامهما مغلق وصوتهما لا يصل لجمهور المشاهدين.. فأخذ الاثنان يسخران من مساعدة الحكم "سيان ماسي" التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.. وتبادل الاثنان التهكم على تلك الفتاة التي تشارك في إدارة مباريات الدورى الممتاز الإنجليزي العريق بزعم أنها كفتاة لا تستطيع أن تدرك بسهولة ووضوح قواعد التسلل التي تحتاج قطعاً لحكمة وقوة وذكاء الرجال.. وقال أحدهما للآخر وهو يضحك بصوت عال.. ليذهب أحدهم لتلك البنت ويشرح لها قواعد التسلل قبل أن تبدأ المباراة.. ولم يكتف الاثنان بذلك بل تطرقا للسخرية أيضا من هيئة وأنوثة وثياب كارين برادي، نائبة رئيس نادي وستهام، وفاضت تعليقاتهما بالإيحاءات الجنسية التي تنتقص من قدر نائبة رئيس ناد كبير وعريق والإساءة لها والحديث عنها بعدم تقدير واحترام لمجرد أنها امرأة.. والمثير أن كل ذلك الحديث كان على الهواء.. فالميكروفون أمام الاثنين كان مفتوحاً دون أن ينتبها لذلك.. والناس في البيوت أمام الشاشة تصغي لكل هذه السخرية من النساء سواء كن ممثلات في مساعدة للحكم وحاملة للراية أو في امرأة تشارك في قيادة وإدارة ناد كبير.. وبدأت المباراة التي فاز بها ليفربول بثلاثة أهداف محققاً أول فوز له تحت قيادة مدربه الجديد القديم كيني دالجيش الذي عاد من جديد لقيادة ليفربول.. وقد أكدت إعادة كل اللقطات والهجمات صحة قرارات سيان ماسي التي لم تخطئ ولو مرة واحدة ولم ترتبك أو تقبل أي احتجاج واعتراض من أي أحد.. وعقب نهاية المباراة.. كان هناك من اهتم بما قاله المعلقان وهما يظنان أن صوتهما لا يصل إلى الناس.. وكان هناك من لم يحفل بذلك وانتهى الأمر بالنسبة له بنهاية المباراة.. صحافة إنجلترا أيضا التي صدرت صباح الأمس لم يهتم معظمها بهذه القصة، ولكن صحيفة الميل قررت أن تتابع ما يجري.. فسألت أحد المعلقين.. ريتشارد كيز.. عن هذا الخروج على النص.. فقال الرجل إنه لم يسخر من أحد ولكنه كان يشجع الفتاة الصغيرة ويتمنى لها النجاح.. وحين أكدت صحيفة الميل أنها تملك تسجيلاً لما قيل على شاشة سكاي.. صمت الرجل ورفض التعليق وانسحب.. لكن صحيفة الميل لم تسكت.. فذهبت إلى إدارة شبكة سكاي الشهيرة تطلب رأيها وقرارها.. فكان الرد المحترم من سكاي يتلخص في أن الإدارة لا تتخذ أي قرارات انفعالية ولا تستجيب لأي ضغوط صحفية ولن تسمح لأحد أن يشاركها في قرارها الذي ستعلنه بعد دراسة وبحث ما جرى وتأثيره على المشاهدين ومدى انزعاجهم أو ضيقهم.. فليست عندهم لجنة لتقييم الأداء الإعلامي ليست موحدة أو ثابتة المعايير يحكمها قانون واحد يجري تطبيقه على الجميع بصرف النظر عن الاسم أو الوزن أو النفوذ والعلاقات والصوت العالي.. وهم هناك لا يوقفون البرامج أو المعلقين والمحللين وفق الأهواء وهمسات الأذن التي تقال وراء الأبواب المغلقة ولخدمة المصالح التي يشتبك فيها الخاص والعام.. وما يعنينى في هذه القصة أن أحداً لم يتابعها لأنه كان يتصيد خطأ لشبكة سكاي أو أحد نجومها.. ولم يكن هناك جمهور وإعلام تابع لليفربول أو مانشستر يونايتد وتشيلسي وكل قضيتهم هي الخلاص من أي إعلامي يشجع نادياً منافساً.. وأنه بالرغم من حساسية الحديث غير اللائق عن المرأة في أوربا كلها وعدم احترامها بالشكل الكافي واللائق.. فإن القضية لم تشهد مبالغة في التناول أو تهويلاً لأن لديهم دائما ما هو أهم وأحق بالمتابعة.. وأخيراً أرجوكم ملاحظة أن فتاة.. وفي الخامسة والعشرين من عمرها.. نالت فرصة المشاركة في تحكيم الدوري الإنجليزي.