عندما تولى مسئولية تدريب الفراعنة لم يتوقع أحد أن يحقق كل هذه الإنجازات، ولكنه حطم كل التوقعات وكتب تاريخاً جديداً للكرة المصرية جعل الجميع يؤمن بأن أسطورة الفراعنة لن تنتهي، ولكن التوقعات كالعادة فشلت وجاءت النهاية ولكن أي نهاية إنها النهاية المأساوية!! إنه "حسن شحاتة" من مواليد 19 يونيو 1947 بمحافظة البحيرة، بدأ حياته مع كرة القدم كلاعب في صفوف فريق كفر الدوار أحد أندية الدرجة الثانية آنذاك، وبعد مشاركته في مباراة تجريبية لمنتخب بحري ضد المنتخب القومي عرض عليه "محمد حسن حلمي" مدير الفريق القومي الانضمام للزمالك حيث نجح في أول مباراة له مع الفريق في تسجيل ثلاثة أهداف. حسن شحاتة وبعد نكسة 5 يونيو 1967 توجه "شحاتة" إلى الكويت ولعب في صفوف نادي كاظمة الذي شهد تألقه، لينضم إلى صفوف منتخب مصر الأول عام 1969 ليلعب 70 مباراة دولية ويشارك في 4 دورات إفريقية وبعد حرب أكتوبر أقيمت الدورة الإفريقية بالقاهرة وحصل على وسام أحسن لاعب بالدورة، وفي عام 1980 تم منحه وسام الرياضة من الطبقة الأولى، وأختير كأحسن لاعب في آسيا بعد تألقه مع نادي كاظمة الكويتي، وهو اللاعب الوحيد الذي حصل على لقب أفضل لاعب في قارة غير قارته الأصلية. وفي عام 1971 عاد "شحاتة" إلى القلعة البيضاء من جديد لتشهد على فترة تاريخية للمعلم ويسجل 77 هدفاً، ثم ينهي مسيرته كلاعب كرة قدم في عام 1983 وهو في قمة تألقه. ولأنه "المعلم" أقبل على مهنة التدريب حتى لا يغيب عن هوايته المفضلة داخل ملاعب كرة القدم، فبدأ بالإشراف على قطاع الناشئين بنادي الزمالك في الفترة من 1983 حتى 1985، ثم انتقل إلى الإمارات لتدريب فريق الوصل عام 1986، ثم المريخ السوداني والشرطة العماني، والاتحاد السكندري، ومساعد مدرب بنادي الزمالك، أهلي بني غازي، مزارع دينا. ولكن التجربة الأهم كانت عندما تولى مسئولية تدريب منتخب مصر للشباب في الفترة من 2001 إلى 2003 ليبدأ اسم المعلم في اللمعان على ساحة التدريب حيث قاد شباب الفراعنة للفوز ببطولة كأس الأمم الإفريقية للشباب والصعود لكأس العالم بالإمارات والخروج من دور ال16 على يد المنتخب الأرجنتيني بعد مباراة قوية وأداء مشرف. ليعود من جديد ويتولى تدريب فريق المقاولون العرب ويقوده للتتويج بلقب كأس مصر عام 2004 على حساب النادي الأهلي، وكان الفريق لا يزال يلعب بدوري الدرجة الثانية، كما حقق كأس السوبر المصرية على حساب الزمالك بطل الدوري آنذاك. "شحاتة" حصل مع المنتخب المصري على ثلاث بطولات إفريقية وفي يوم 28 أكتوبر 2004 قرر الاتحاد المصري لكرة القدم إسناد مهمة تدريب منتخب مصر الأول للمعلم "حسن شحاتة" خلفاً للإيطالي "تارديللي" لاستكمال مشوار مصر بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006، وتجهيز الفراعنة لبطولة كأس الأمم الإفريقية بالقاهرة. وحقق "شحاتة" نتائج جيدة في مشوار التصفيات، ولكن الأهم كان بطولة أمم إفريقيا 2006 لتعويض غياب مصر عن كأس العالم وكذلك استعادة اللقب المفقود منذ عام 1998، ونجح "شحاتة" في تحقيق المعادلة الصعبة والفوز باللقب على الأرض المصرية بمساعدة الجيل الجديد للكرة المصرية الممزوج باللاعبين الخبرة وكذلك الشباب. وبسبب المعاناة التى وجدها الفراعنة في مشوارهم للتأهل لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2008 بغانا، كان الجميع على يقين أن منتخب مصر لن يستطيع الحفاظ على لقبه وسيخرج من الدور الأول، ولكن الفراعنة بقيادة "شحاتة" استطاعوا أن يبهروا الجميع ويصيبوا الخبراء والمحللين بالدهشة، ويحطموا كل التوقعات ونجحوا في الصعود للمباراة النهائية وافتراس أسود الكاميرون والفوز باللقب للمرة الثانية على التوالي والمرة السادسة في تاريخ منتخب مصر. وبصفته حامل لقب بطولة كأس الأمم الإفريقية شارك المنتخب المصري في كأس العالم للقارات 2009 بجنوب إفريقيا في مجموعة الموت بجوار منتخبات البرازيل وإيطاليا وأمريكا، وكالعادة فجر الفراعنة المفاجأت عندما أحرجوا السامبا وقدموا أداء أجبر الجميع على رفع القبعة للمصريين بعد أن ظلت النتيجة تعادل بثلاثة أهداف لكل منتخب حتى الدقائق الأخيرة، ولكن المنتخب البرازيلي تمكن من الفوز في الدقائق الأخيرة بضربة جزاء. وفي المباراة الثانية واصل الفراعنة تحقيق الإنجازات بعد أن قهروا بطل العالم منتخب الآزوري بهدف دون رد، ثم تلقوا الخسارة أمام منتخب أمريكا بثلاثة أهداف نظيفة في المباراة الأخيرة بالمجموعة. وقاد "شحاتة" منتخب مصر في تصفيات كأس العالم 2010 لتحقيق الحلم المصري الذي طال انتظاره بالتأهل للمونديال، وكان الفراعنة على بعد خطوة من تحقيق هذا الحلم بعد أن وصلوا لمباراة فاصلة أمام المنتخب الجزائري ولكنهم خسروا بهدف نظيف في أم درمان. 5 يونيو يحمل للمعلم ذكرى سعيدة وأخرى حزينة ورغم الحزن الذي ملأ القلوب رفض "شحاتة" وجيله الذهبي أن يكونوا سبباً في أحزان الشعب المصري وذهبوا في مغامرة جديدة بأدغال إفريقيا وتحديداً في أنجولا لخوض غمار كأس الأمم الإفريقية 2010. بالطبع كانت كل التوقعات تشير إلى أن أسطورة الفراعنة قد انتهت، وأن اللاعبين ما هم إلا مجموعة عواجيز كبار في السن لا يستطيعون تخطي الدور الأول، وعلى أقصى تقدير سيكون الدور نصف النهائي هو أكثر ما يحلم به المصريين. ولكن "لا شيء اسمه المستحيل" أو بالإنجليزية Impossible is nothing تلك هي القاعدة الذهبية التي اتبعها "شحاتة" وأولاده طوال مسيرتهم وكانت أكثر ظهوراً في بطولة 2010 عندما نجحوا في الحفاظ على لقبهم للمرة الثالثة على التوالي، وللمرة السابعة في تاريخ البطولة ليبقى المنتخب المصري الأكثر فوزاً بالبطولة، ويظل متربعاً على عرش القارة السمراء. وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن العرش الإفريقي أصبح تخصصا مصريا وأن الهيمنة المصرية على القارة السمراء أصبحت للأبد، جاءت النكسة ليست فقط ما حدث يوم 5 يونيو 2011 عندما سقط المنتخب المصري في فخ التعادل أمام جنوب إفريقيا، ولكن منذ البداية عندما تعادل الفراعنة أمام منتخب سيراليون البعيد عن خريطة كرة القدم، ثم تلقى خسارة قاسية أمام منتخب النيجر البعيد عن التصنيفات العالمية والقارية، ومن بعدها خسارة جديدة أمام جنوب إفريقيا، وأخيراً يوم 5 يونيو الذي يوافق ذكرى النكسة، فهو يحمل لشحاتة ذكرى سعيدة وهي بداية تألقه مع كرة القدم خاصة مع فريق كاظمة، وذكرى أخرى سيئة أو ما يسمى بالنهاية المأساوية للجيل الذهبي لكرة القدم المصرية وهي الفشل في التأهل لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2012 بالجابون وغينيا الاستوائية ليتنازل الفراعنة عن عرش إفريقيا!! *