التطورات المتسارعة لم تعد في صالح المرشح القطري محمد بن همام عقب المناورة البارعة التي قام بها جوزيف بلاتر بإحالته إلى التحقيق أمام لجنة الأخلاق يوم 29 من الشهر الحالي بدعوى ممارسته أفعالا تتنافى وأخلاقيات الفيفا النزيهة جدا كما يعرف العالم كله. وأعترف بأنني شعرت بصدمة خلال زيارة الأخ محمد بن همام للقاهرة قبل أيام عندما علمت منه أنباء تحالفه "المدهش" مع جاك وارنر رئيس اتحاد دول الكونكا كاف والذي تلازمه سيرة ذاتية ليست بيضاء ويد ليست نظيفة في كل الأحوال وأظن أن العديد من دول العالم ومن بينها مصر والإمارات تعلم مدى توحش هذا الرجل ووجهه المكشوف دائمآ، وتحدث همام وصديقه هاني أبوريدة العضو المصري الذي يتولى دورا مهما في الحملة الانتخابية، مشيدا بالتعاون مع وارنر وواثقا من حصوله على أصوات دول الكونكاكاف، وقلت لنفسي: تاني عدنا لجاك وارنر وألاعيبه المشينة. وتذكرت الستة ملايين دولار التي طلبها وارنر من رئيس الاتحاد المصري الدهشوري حرب بحضور أبو ريدة نفسه عام 2003 مقابل 6 أصوات في جيبه على حد قوله في لقاء سري لم يعلم به أحد في ذلك الوقت خلال سباق استضافة مونديال 2010 وكنت مرافقا لهما في هذه الزيارة التي تمت بناء على إشارة من جاك وارنر، وأذكر أنه تحدث عن تفاصيل استلام المبلغ كما لو كان زعيما لإحدى جماعات المافيا الشهيرة دون خجل أو مواربة، مؤكدا أن أصوات الأرجنتين وكولومبيا وهندوراس وباراجواي وغيرها مضمونة وتحت طوعه. أسلوب وارنر الذي يوصف بأنه الرجل الثاني داخل مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم كان بالغ الفجاجة وتحدث بثقة كاملة وأخذ يملي شروطه القذرة والتي رفضها بكل إباء وصدق رئيس الاتحاد حرب ووصفها بالوقاحة التي لا يجوز للدول أن تخوض فيها مهما كانت الأهداف والمبررات وعدنا إلى القاهرة لنجد الرفض الكامل هو الرد الرسمي حتى لو أدى الأمر إلى خسارة سباق الاستضافة، وكلنا يعلم أن الملف المصري لم يحصل على أي صوت في التصويت النهائي وكانت النتيجة محزنة، لكن أسرارها كانت أشد إيلاما. لكن وارنر لم يخرج خاسرا في كل الأحوال فقد حصل من مصر على 180 ألف دولار مقابل مباراة ودية لمنتخب بلاده ترينداد وتوباجو في القاهرة لتحييده خلال التصويت ولكنه ارتكب أكبر خدعة عندما ناور الأشقاء في الملف المغربي وأوهمهم بأن أصواته معهم وهو ما لم يحدث عندما تكشفت الأسرار بعد ذلك وضحك على العرب. ونعود إلى همام الذي بدأ زيارته للقاهرة متفائلا للغاية، فقد وصل قادما من دولة ترينداد وتوباجو حاملا إنجاز التحالف مع وارنر اليد اليمنى لبلاتر لكنه تلقى عدة صدمات لم يشعر بها أحد، أولها اعتذار عيسى حياتو عن اللقاء رغم أن الزيارة مرتبة بعناية، ثم اعتذر عن حفل الاستقبال وتم تأجيله 24 ساعة من أجل إقناعه بالحضور، وهو ما حدث وكان باديا عليه تجاهله للضيف محمد بن همام، ولم تسر الأمور كما يجب وتدخل حياتو لإفساد لقاء همام مع أعضاء الاتحاد الإفريقي لإقناغهم بتأييده، ولاحظنا انطلاق الحملة الإعلامية من صحف بريطانية ضد حياتو لتشويه الملف القطري وبالتالي همام، وهكذا لم يهنأ مرشحنا القطري طويلا بالحفاوة التى قوبل بها في مصر ولم تمض ساعات على مغادرته حتى صدر بيان من الاتحاد الإفريقي يعلن التأييد للرئيس الحالي بلاتر. وفي ظني أن الغلطة الكبرى التي ارتكبها همام لم تكن تعاونه مع عيسى حياتو بل التحالف مع حامل الأسرار جاك وارنر، ووفقا لما قاله همام لنا فإن الحملة الإعلامية البريطانية انطلقت عقب زيارة بلاتر لإنجلترا بأيام وإن الوثائق التي استندت إليها الصحف تم تسريبها عمدا من داخل الفيفا.. إذن الحملة مدبرة بعد أن استشعر بلاتر أن همام تجاوز كل الخطوط الحمراء والعنابية وكل الألوان. ولا أستبعد أن يكون بلاتر قد هدد جاك وارنر بما عنده من مخالفات ورشاوى سابقة لكي يخلع من مساندة همام.. أما حياتو فقد أصيب بالرعب بعد نشر مقالات الإدانة وسلم نفسه لبلاتر خوفا من سقوطه في هاوية الفضائح التي يخزنها لخصومه. وأكاد أشفق على محمد بن همام للموقف الحرج الذي وجد نفسه فيه وإحالته للتحقيق قبل 48 ساعة من انتخابات الرئاسة ولعلكم لاحظتم نبرة الندم في تصريحاته بقوله إنه عاش يوما مريرا عقب تلقيه النبأ وإنه يشكر جاك وارنر على موقفه الداعم. وفي تقديرنا فإن خروج محمد بن همام نظيفا وخاليا من الشوائب من هذه المعركة القذرة التي يشنها بلاتر ستكون درسا له لن ينساه مدى الحياة.. *