أكد الداعية الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي أن شهر ربيع الأول يحمل كل عام نفحات وبركات وسعادة للبشرية كلها لأنه هو الشهر الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.وقال في الدرس الذي ألقاه عقب صلاة ظهر الثلاثاء 21/11/2017م، بمسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: إن من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم «المصطفى»، واصطفاء الله تعالى لعبد من عبيده فهذا في حدّ ذاته كرامة لذلك العبد، وهو بالنسبة لنا نعمة مسداة. ونبّه إلى أن اختيار المولى سبحانه وتعالى لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ليكون مبشراً ونذيراً ويكون رحمة للعالمين، إنما هو دليل على علو منزلته التي توجب الأدب معه صلى الله عليه وسلم.وأشار إلى أن الله عز وجل حين يصلي على عبد من عباده فإن صلاة الله تعني الرحمة، وحين تصلي الملائكة على هذا العبد، فإن صلاة الملائكة تعني الاستغفار. أما حينما نصلي نحن العبيد على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن صلاتنا لا تعني سوى الدعاء.ولقد تكفل ربنا بالصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلب منا فقال جلّ شأنه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب: 56. ولقد قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». ورسول الله صلى الله عليه وسلم جعله الله أسوة لنا وقدوة لأنه النموذج الإنساني الكامل وهذا معناه أنه مستحق لدعائنا وصلاتنا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَمَا رَأَيْت مِنْ خَيْرٍ حَمِدْت اللَّهَ عَلَيْهِ وَمَا رَأَيْت مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْت اللَّهَ لَكُمْ». أخرجه أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.فهو – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ مَنْ رَآهُ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَهُوَ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – قَائِمٌ بِأَمْرِنا فِي الدَّارَيْنِ فِي حَالَتَيْ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ، وإننا لنخاطبه في التشهد الأوسط والأخير من كل صلاة بخطاب الحاضر المباشر فنقول: «السلام عليك أيها النبي». وذلك لأنه بَاقٍ مَعَنا يَشْهَدَ بِأَعْمَالِنا كما يَبْقَى بَعْدَنا حَتَّى يَشْهَدَ بِأَعْمَالِ غيرنا، وهو سبب في وصولنا إلى مرضاة ربنا، ولو طرقنا جميع الأبواب ما عدا باب المصطفى صلى الله عليه وسلم ما فُتح لنا.فلنعطر ألسنتنا بالصلاة على حضرة النبي عليه الصلاة والسلام وإن لم نستطع أن نتزود بالتقوى فلنتزود من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. قال الإمام البوصيري:وتزود التقوى فإن لم تستطع فمن الصلاة على النبي تزود وصلاتك على محمد صلى الله عليه وسلم دليل محبتك له، والإكثار من صلاتك عليه سبيل إلى ترقيك، ولا يصدنك عن الصلاة عليه عدم حضورك فيها، فلعل الصلاة عليه توقظك وتنبهك وتوصلك. قال ابن عطاء الله في حكمه: «لا يصدنك عن الذكر عدم حضورك فيه، فعسى أن ينقلك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، ومن ذكر مع وجود حضور إلى غيبة مع المذكور» .وأنشد الإمام ابن الرفاعي وهو يزور حضرة النبي صلى الله عليه وسلم: في حالة البعد روحي كنت أرسلها تُقبّل الارض عني وهي نائبتي – وهذه دولة الأجساد وقد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي يقول من كان حاضراً هذا الموقف: فرأينا يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج له فيتناولها ويُقبّلها رضي الله عنه.