في بلادنا تُفهم الديمقراطيه انها فن فرض الرأي وإعلاء الصوت ولايحتوى مفهومنا لها على استماع الأخر والأخذ برأيه وفي بعض الأحيان نسمي من لم يسمعنا أو يحاول ابداء رايه بأنه ديكتاتورا ولا ننظر أبدا لأنفسنا ونحن نحتكر حق الكلام ورفع الصوت وفرض الرأي وتجنيب وتهميش من يخالفنا حتى لو كان على صواب ونحن نعلم ذلك ولكن عصب الكبرياء وروح التعالي لدينا لا تجعلنا نستمع أبدا لغيرنا ومن أجل ذلك سيظل مفهومنا للديمقراطيه مفهوما ناقصا على كافة المستويات الحياتيه نأوولها حسب رغباتنا ومايخدم مصالحنا وتوجهاتنا وندعي أننا نستمع لغيرنا ولكننا أخيرا نستمع فقط لصوت واحد هو صوت أنفسنا في البيت لانستمع للأبناء ونعتبر محاولاتهم لإبداء الرأي أو المشاركة في قضايا المنزل نوعا من التبجح واساءة الأدب ونمارس ضغوطا قويه من أجل إسكات صوت الحقيقة لديهم لأننا لسنا دائما على صواب وندعي ذلك تتمثل هذه الضغوط في الحرمان من بعض الحقوق لمجرد اننا نمتلك مصبها ومجراها فيضطرون للسكوت وسماع صوت من يملك ويظلون يحلمون بالانفصال أو بيوم يعتمدون فيه على أنفسهم كي يتحكموا في قرارتهم وان كانوا في يوم من الأيام سيكونون عائله فانهم كذلك يرثون عنا حب التحكم والانفراد بالرأي مع أولادهم بحجة معرفتهم الاوسع بمصلحة الصغار وكذلك تدار الحياة وينتقل عبر الأجيال إرث كبير من حب التسلط والانفراد بالرأي كذلك في المدارس والجامعات صوت المعلم هو الأعلى يحق له رفع صوته ولا يحق لتلامذته الرد والنقاش وابداء الراي يحق له حتى شرب الماء والساخن والبارد من المشروبات حقا لا يشمل تلامذته بداعي انه عيب واساءة أدب مع انهم في بعض الاحيان يكونون مرضى او بحاجة لتنشيط أذهانهم كما يفعل هو كذلك كم الواجبات المنزليه غير المبرر والذي يرفض أن يناقشه تلامذته في مردود كل هذا الجهد على مستواهم التعليمي وانه سوف يؤثر على حقوق مواد أخرى واعاقة التلميذ عن ممارسة أي نشاط أخر او دراسة اخرى فهم بشر مثله بل أقل صحة وطاقه ولكن يظل التسلط الموروث والتحكم المتداول ساريا فينا الامن رحم الله كذلك عند مقابلة أحد الأشخاص لمدير مؤسسه أو صاحب عمل لا يستمع ذلك المدير أو صاحبنا صاحب العمل أبدا الى المتقدم لنيل الوظيفة أو عرض المشروع فقط يتحدث هو عن نفسه ويشرح إمكانات مؤسسته والانجازات التي حققها طوال حياته وتجاربه التي لاتخص أحدا سواه دون السماح لمن يتقدم للوظيفة باي ابداء لاي راي أو حتى طرح فكرة جديدة أو ابتكار قد يفيد ويعتبر معظم اصحاب العمل او المدراء في الوطن العربي أن اول لقاء بمن يطلب عمل أو يعرض فكره أنهم هم فقط من يستحق الكلام واستعراض القدرات السابقه لهم ويعتبرون انه من اساءة الأدب أو قلة الخبرة أن يناقشهم الأخرون وانهم لابد أن يظلوا مستمعين متملقين لصاحب العمل ربما يسمح لهم بعد لقاء او اثنين بمجرد كلمة أو رأي وان كان متملقا منافقا فانه الأجدر بالوظيفة او قبول فكرته لانه أشبع لديهم غريزة الكبرياء وجنون العظمة وأزهر لديهم نبتة النرجسية فهو الشخص المناسب دون غيره لنيل شرف العمل معهم وان كان معتزا برأي أو فكرة فليس له مكان طالما لم يجلس مستمعا متلقيا فقط وهكذا وعلى كل مستوى أنا وأنت وغيرنا من بسمعنا فهو ديمقراطي يتسع صدره وجدير بالاحترام والتوقير أما من يتحدث فليس لدينا وقت للمجادلة معه وسماع ما قل أو كثر من الأمور نتكلم جيدا ونجيد صم الآذان قد لاتكون الديمقراطية شبيهة بمجتمعاتنا ولا تناسب تكويننا وموروثاتنا الاجتماعية ونرفضها وقد يكون معظمنا بل غالبيتنا على اقتناع دائم أنه الاوحد الذي على حق وأنه الأوحد الذي يملك الحكمة وفصل الخطاب ولكننا نحتاج لشئ بسيط هو الاستماع لبعضنا البعض الشورى بمفهوم جديد إجادة فن تقبل الأخر تستطيع أيا ما كنت وكان أن تطوع رايه ومايريد فقط عندما تكون أمامه مستمع بسيط لست فجا بلسان سليط حينها من الممكن أن تقنعه بأنه شخص مقبول يعمل معك تحت مظلة إجتماعية واحدة وقد تتمكن من إقناعه بوجهة نظرك عندما تعلمه فن الإنصات واستيعاب الأخر فيتقبل أفكارك كذلك وقتها تكونان أنتما الاثنان أشبعتما وبقوة غريزة الأنا الاوحد والرأي الأصوب يفتخر كل منكما أن رايه هو الذي طُبق وأفكاره التي سادت اذا لامفر من الاستماع كما أنه لامفر من الحديث لامفر من التقبل حتى مع أشد الناس تمسكا وديكتاتورية في عرض الأفكار الديمقراطية قد تكون مرادفا للفوضى في مجتمع لايقدرولم يتعلم ويتربى على معانيها ولم يمارسها وان وضعت امامه بدون ضوابط قد يسئ استخدامها الديمقراطية مسؤلية قبل أن تكون حق من أجل ذلك لابد وأن ننمي في شخصياتنا وشخصيات أبناءنا قدرة الاستماع والانصات للأخر كي يتمكن الاخر من سماعنا وتكون سياسة فرض الرأي لدينا فن بالاقناع والتحاور الراقي الذي يجبر الغير على تقبل واستيعاب أفكارنا ومن ثم إشباع عنصر التباهي لدينا بأننا على صواب او لديهم بانهم الى صواب في مجتمعات لاتؤمن الا بشئ واحد أن كل فرد فيها هو فقط الذي على صواب !