أكد الداعية الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي، أن الحج دعوة أطلقها الخليل إبراهيم عليه السلام بأمر ربه عز وجل، قال تعالى: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق". وقال في الخطبة التي ألقاها ظهر الجمعة 11 أغسطس 2017م من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر، وجاءت تحت عنوان "الحج بين فقه الأولويات وفقه النسك"، إن الحج فريضة من أجل الفرائض التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وركن من أركان الإسلام، وركيزة من ركائزه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان". والحج موسم من أعظم مواسم الطاعة، فرضه الله تعالى على المستطيع من عباده، فقال: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج، فحجوا"، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم"، ثم قال: "ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه". والحج من أفضل الأعمال، "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور". وأوضح الداعية الدكتور أنس عطية الفقي أن الحاج وافد على الله عز وجل، وحق على المزور أن يكرم زائره، ويحسن إليه. والله كريم جواد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم". ومن عظيم أجر الحج، أن الحاج يعود من حجه وقد غفر الله ذنبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". وينبغي على المؤمن ألا يُسوّف أو يُبْطيء في أداء الحج متى توافرت له أسبابه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له". أما من أعانه الله فأدى فريضة الحج، ففقه الأولويات يقضي عليه بتقديم فروض الكفايات على جميع النوافل بما فيها حج النافلة. ذلك أن الإسلام راعى ترتيب الأولويات، فأمر عند التفاضل بتقديم المصلحة المتعدي نفعها على القاصرة النفع. فتنفيس كرب المسلمين المكروبين أولى من حج النافلة والعمرة. والحج والعمرة قائمان على الطهارة والتطهر من الحرام بكل صوره قبل أدائهما، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. كما يجب على من أراد الحج أن يسارع لأداء ما عليه من ديون وليحذر كل الحذر من التهاون في أداء حقوق العباد المالية. والحج من قبل ومن بعد قائم على التيسير ورفع الحرج، وكل مظاهر الغلو والتشدد في الحج مرفوضة لأنها على غير هدى الإسلام. ومن دلائل التيسير في شعائر الحج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قدّم ولا أخرّ إلا قال: "افعل ولا حرج". على أن هذا التيسير تيسير منضبط بضوابط الشرع وهو مقرون بمدى القدرة والاستطاعة، وينبغي أن يحرص المستطيع على أداء الشعائر على وجهها الأكمل والأفضل وبما لا يصل إلى حد التهاون والاستهتار الذي يفرّغ العبادة من مضامينها التعبدية. فاللهم ارزقنا حجاً مقبولاً، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.