الصحافة الاقتصادية الفلسطينية في رسالة دكتوراه بإعلام عين شمس    قطاع الإرشاد بالدقهلية يتابع جهود القضاء على ظاهرة حرق قش الأرز    الرئيس الأوكراني يزور أمريكا لعقد مباحثات مع بايدن وهاريس وترامب    البنتاجون: سندافع عن إسرائيل إذا تطلب الأمر    مؤشرات «وول ستريت» ترتفع بقوة    واشنطن بصدد فرض عقوبات على شبكة تساعد روسيا وكوريا الشمالية على التهرب من العقوبات    التعادل السلبي يحسم مباراة آرسنال وأتالانتا بدوري أبطال أوروبا    كرة يد - الدرع يقود فيزبريم لانتصار عريض على سان جيرمان بمشاركة يحيى خالد    جولة "نحلم ونحقق" من منافسات الدوري السعودي للمحترفين تستكمل غدًا ب 3 مواجهات    النيابة تأمر بتفريغ الكاميرات للتأكد من اعتداء نجل محمد رمضان على طالب    مصرع شاب في حادث دهس أمام مرور حلوان    ضبط 5000 زجاجه عصائر ومياه غازية مقلدة بمصنع غير مرخص وتحرير 57 مخالفة تموين بالإسماعيلية    تطورات أحوال الطقس في مصر.. أتربة عالقة نهارا    أسعار تذاكر قطارات طنطا من محطة القاهرة 2024    بشرى تطالب بالتحقيق في استغلال اسمها بمسرحية «الأم العذراء»    البيت الأبيض: الرئيس بايدن يعتقد أن الحل الدبلوماسي لا يزال قابلا للتحقيق    مصطفى بكري: الشعب المصري يستحق وسام الصبر والصلابة أمام زيادات الأسعار    نقيب الأشراف: قراءة سيرة النبي وتطبيقها عمليا أصبح ضرورة في ظل ما نعيشه    هيئة الدواء: حملات تفتيش بالسوق وسحب عينات عشوائية من الأدوية للتأكد من سلامتها    هيئة الدواء: المبيعات تقفز ل 170 مليار جنيه بنمو 45%.. 90% انخفاض بشكاوى النواقص    مصرع سيدة وزوجها إثر انقلاب موتوسيكل بطريق السويس الصحراوى    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال رفع كفاءة كوبري المشاة أمام شارع المدير    إعلام إسرائيلي: حرائق كبيرة في منطقة المطلة شمالي إسرائيل جراء قصف من الجنوب اللبناني    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    هياكل الموتى خرجت من قبورها.. استياء وغضب أهالي الأقصر بعد إغراق مدافن إسنا    كلام البحر.. الموسيقار حازم شاهين يستعد لإطلاق ألبوم موسيقى إنتاج زياد رحباني    «أنا مسامح والدها».. صلاح التيجاني يكشف ل«البوابة نيوز» سر انفصال والديّ خديجة ومحاولته للصلح    علي جمعة في احتفال «الأشراف» بالمولد النبوي: فرصة لتجديد الولاء للرسول    فيلم تسجيلي عن الدور الوطني لنقابة الأشراف خلال احتفالية المولد النبوي    مصرع 3 أشخاص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم ميني باص بعمود إنارة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    صلاح: جائزة أفضل لاعب في الشهر أمر مميز ولكن الأهم الفوز بالمباريات    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    ساري مرشح لتدريب ميلان بدلًا من فونسيكا    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    انطلاق المرحلة الخامسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميميّة الرّؤيا الموغلة في عمق الذّات
نشر في شموس يوم 01 - 07 - 2017


قراءة في قصيدة للشّاعر التّونسي محمد بن جماعة
– أوّلا النّصّ
تفّاحة على الطّاولة
ترفل في لونها الحبّ
تعلم سرّ حديدها..
وعذوبة مائها
في ظلّها عصفوران
ينقران شوقهما..
مساحةَ الطّاولة
غطاها دفء الرّيش المضيء..
ونحن خمسة
وحِيدِين كنّا..
وقريبَيْن أصبحنا…………
واحد بقوة مجموع الأعداد الطّبيعية
فرضيّة الحضور..
واختزال لمفاتيح الرّوح
بعشق رحيم..
أخصبت لغتي البكر
وأدخلتني الحصن المكين..
أنا مترع الآن
باستنشاق رائحة الضّياء
وسماع صوت محزون
بفرح عتيق!.."
ثانيا القراءة
تجتمع في هذه القصيدة عناصر التّكوين العشقي، كما أرادته الحالة الّتي خضع لها الشّاعر محمد بن جماعة. ويغوص فيها حتّى يعود إلى الجذور العشقيّة الأولى بدءاً من الخلق وصولاً إلى اكتماله الشّخصيّ. تشبه هذه القصيدة دائرة مغلقة تدور في فلكها قصّة عشق كان قبل أن يكون، لكنّه ينتظر تجلّياً خاصّاً حتّى يكتمل.
وإن استخدم الشّاعر عناصر ماديّة تعبيراً عن هذا العشق فلأنّه أراد أن يحدّث عن حقيقة رؤاه، فيظهر انطلاقها من الجسد نحو الرّوح حتّى يتسرّب العشق إلى كلّ ذرّة في كيانه. ولم يُرد قطعاً إظهار حالة عشقيّة روحانيّة بحتة. بل تمّ ابتناء هذا العالم العشقيّ بالإشارة إلى عنصر يُحكى أنّه تسبّب بسقوط الإنسان (التّفاحة). إلّا أنّ الشّاعر ذهب باتّجاه آخر وجعل منها أساساً متيناً للحبّ وللّقاء ثمّ للاتّحاد العشقيّ.
وإن دلّت التّفاحة على شيء فهي تدلّ على الثّبات والثّقة من جهة، نسبة لوجودها على (الطّاولة) الّتي يمكن أن ترمز للكون العشقيّ. وفي ذات الوقت تدلّ على لحظة عشقيّة نادرة وحميمة من جهة ثانية.
لا يذكر الشّاعر مصدر التّفاحة ولا يشير إلى أي تعريف يبيّن للقارئ أهميّة وجودها. خاصّة أنّه يستخدم لفظ (تفاحة) في صيغة النّكرة، ويعرّف لفظ (الطّاولة). ما يعني أنّ الطّاولة تشكّل الرّكيزة الّتي بنى عليها الشّاعر المعنى الضّمنيّ والجوهريّ للتّفاحة الّتي ترمز إلى اللّحظة العشقيّة. (تفّاحة على الطّاولة/ ترفل في لونها الحبّ/ تعلم سرّ حديدها../ وعذوبة مائها). وهنا يظهر سرّ هذا العشق المرتبط بالصّلابة (الحديد) والانسيابيّة والنّقاء (عذوبة مائها). وستتّضح الحالة العشقيّة أكثر فأكثر عند ذكر العصفورين الّلذين يقتاتان من الحالة العشقيّة (تفاحة) بل يعتبرانها ملجأ لهما. (في ظلّها عصفوران/ ينقران شوقهما..)
يقترب الشّاعر من الرّموز (تفّاحة/ العصفوران) تدريجيّاً ليلج عالمه الخاصّ ويعبّر عن تماه وإيّاه دلّ عليه العدد (خمسة) الّذي يرمز إلى اليد كاملة، أي إلى القبض على هذا العالم. لكنّ هذا العالم، عالم الشّاعر، لم يكتمل إلّا بعد انتفاء الوحدة. (ونحن خمسة/ وحِيدِين كنّا..). دلّت العناصر التّالية (تفّاحة/ عصفوران/ نحن الدّالة على اثنين) على تباعد نسبيّ في داخل عالم الشّاعر، إلّا أنّها ما لبثت أن توحّدت في بينها، ليتشكّل العالم العشقيّ من اثنين فقط (وقريبَيْن أصبحنا). وهنا بدأت تظهر ملامح الكون العشقيّ الّذي يضرم قلب الشّاعر ويلهب وجدانه حتّى يخلص إلى اتّحاد فريد (واحد بقوة مجموع الأعداد الطّبيعية).
الواحد غريب عن العناصر الّتي استخدمها الشّاعر لصعوبة اجتماعها وتماهيها، لكن بقوّة الاتّحاد العشقيّ تساوت في ما بينها ليكون الشّاعر. الواحد هو العنصر الأساسيّ لاكتمال الشّاعر (ونحن خمسة/ وحيدين كنّا). ومتى حلّ الواحد تجلّى القرب (وقريبَيْن أصبحنا). الواحد الجامع بين العناصر الخمس، العشق الّذي سيخصّب لغة الشّاعر كبداية لمرحلة جديدة لم يشهدها من قبل.
فرضيّة الحضور..
واختزال لمفاتيح الرّوح
بعشق رحيم..
أخصبت لغتي البكر
وأدخلتني الحصن المكين.
الحضور قائم لا محالة، وفرضيّته نابعة من وعي الشّاعر باتّصال روحيّ بمعزل عن الواقع. وتوق إلى لقاء كيانيّ قد لا يشهده إلّا في رؤيا خاصّة حميميّة تجعله موغلاً في عمق ذاته. هو اتّصال روحيّ كيانيّ من نوع خاصّ، أفاض نوراً في قلب الشّاعر الّذي تختطفه الحالة الشّعريّة لتجعله مبصراً.
أنا مترع الآن
باستنشاق رائحة الضّياء
وسماع صوت محزون
بفرح عتيق!.."
وما الفرح العتيق إلّأ عودة إلى ما قبل ارتسام الكون العشقيّ بالفعل، أي الحالة العشقيّة بالقوّة. وبين السّطر الأوّل (تفّاحة على الطّاولة) والسّطرين الأخيرين (وسماع صوت محزون/ بفرح عتيق!..) امتداد عشقيّ كان محتجباً ثمّ ظهر كالضّياء استنشقه الشّاعر حدّ الامتلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.