أكد الدكتور أنس عطية الفقي عميد المتطلبات الجامعية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ورئيس مركز تحقيق التراث العربي بها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بنى مجتمعاً إسلامياً فاضلاً يُضرب به المثل وهو أنموذج تحتذي به المجتمعات والأمم. وقال في الخطبة التي ألقاها اليوم من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر إن دور المسلم في بناء مجتمعه لهو دور قصده الشارع الحكيم بقوله "هو الذي أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها"، وعليه، فالمسؤولية تضامنية مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وسواء كان الراعي رجلاً أو امرأة أو خادما. والمسؤولية تعني الحساب والنقد والمساءلة وتتطلب التقوى والورع والأمانة والعفة والصدق والإخلاص والعلم. ودين الإسلام ما كان يوماً دين هدم وخراب وإفساد ولكن الكافرين بآيات الله يجحدون. والمسلم الصادق الإسلام لا تغره الدنيا ولا يغره بالله الغرور ولذلك فالموت بالنسبة له لا يمثل هلعاً ولا ذعراً ولا خوفاً من انقطاع الحياة الدنيا لأن موته في حد ذاته يوصله بالحياة الآخرة "وإن الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". والمسلم الصادق الإسلام يشعر بالغربة في الدنيا لكن يزينه حسن الخلق وحسن الأدب واجتناب الريب. المسلمون بحق تحيا بهم كل أرض ينزلون بها كأنهم لبقاع الأرض أمطار ونورهم يهتدي الساري برؤيته كأنهم في ظلام الليل أقمار وتشتهي العين منهم منظراً حسناً كأنهم في عيون الناظر أزهار. هذه الدنيا ببهجتها وزهرتها حُببّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها الطيب والنساء والصلاة. والعلاقة بين الطيب والنساء والصلاة علاقة بناء لا هدم، ورُقي لا تسفّل واضمحلال، ولقد علمنا ديننا أن لا يكره الطيب إلا شيطان، ولا يُهين المرأة إلا وضيع، ولا يُضيّع الصلاة إلا مُتبع للشهوات. والأيام دول، من سرّه زمن ساءته أزمان، ومن ابتسم لسرّاء اليوم قد يسخط على ضرّاء الغد، لكن المسلم ديدنه الشكر والصبر، شكر في السراء، وصبر في الضراء، وطاعة في المنشط وفي المكره. وعلمنا ديننا أن إكرام اليتيم ومساعدة المسكين تفتح أبواب الرزق وتغلق أبواب الفقر، قال تعالى في سورة الفجر: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول رب أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلاً لما وتحبون المال حباً جما كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفاً صفا وجيء يومئذ بجهنهم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي". ولو علق العبد آماله بغير ربه سيضل لا محالة، ومخطيء من يربط رزقه بمخلوق؛ لأن الفضل والرزق والصحة من عند الله. قال تعالى في صفات الذين صفوا أقدامهم على أقدام حبيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما"، الفتح: 29.