أكد الدكتور أنس عطية الفقي عميد المتطلبات الجامعية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ورئيس مركز تحقيق التراث العربي بها أن الله سبحانه وتعالى أراد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون أستاذاً للعلماء مع أنه النبي الأمي حتى يعلم الناس أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وقال في الخطبة التي ألقاها أمس من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر إن القرآن الكريم لا يفصل بين العلم وبين الاستعانة بالله (خلق الإنسان علمه البيان)، (اقرأ باسم ربك)، ولو خالفنا هدي القرآن وفصلنا بين العلم وبين الإيمان بالله لكان العلم وبالاً على الإنسان. ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "وأعوذ بك من علم لا ينفع ومن بطن لا تشبع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا يستجاب لها". والعلم النافع كما قال الصالحون ينبثق في الصدر شعاعه ويزول به عن القلب قناعه ويقربك من الله تعالى. ولقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم وبالتعلم وبالربط بين العلم وبين آيات الله الكونية. إلا إننا كلنا بائد وأي بني آدم خالد ولله في كل تحريكة وفي كل تسكينة شاهد وفي كل شيء له آية تدل على أنه الخالق قال تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)، وقال: (وقل رب زدني علما). وكلما ازداد الإنسان علماً ازداد تواضعاً لله ولعباد الله. والعالم الحق هو من يضيق على نفسه ويوسع على الناس. وطلب العلم لا يجتمع مع طلب المعصية.. أنشد في ذلك الإمام الشافعي: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي والعلم لا يقوم فقط على الحفظ والتلقين وإنما يتطلب الفهم والفقه.. هكذا قال العلماء ومنهم الإمام أبو الحسن البصري الذي قال: "إنما الفقيه من فقه عن الله أمره ونهييه". وإذا كان طلب العلم فريضة على كل مسلم كما علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم فهذا يتطلب من كل راع مسؤول عن رعيته أن يعلمهم وأن ينفق على تعليمهم. وما أحسن قول الشاعر: يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران أقبل على النفس تستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان وقال معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". والقرآن فيه الخير كله وفيه العلم كله وهو دستور يوجه المسلمين إلى ما فيه صلاح الدنيا وصلاح الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له طريقاً إلى الجنة". "وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع". "وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض". "وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب". وهناك فارق كبير بين طلب العلم وطلب الشهادة أقصد شهادة التخرج الأمر الذي جعل بعض الناس يحرصون على إنجاح أبنائهم ولو بالغش والتزوير والتدليس جهلاً منهم بطبيعة العلم وبطبيعة أهله وطلابه. إنهم بفعلهم هذا الدنس لا يطلبون العلم وإنما يهدمونه، ولا يطلبون الأخلاق وإنما يقضون عليها، ولا يهدفون إلى رقي أمتهم وإنما يعملون على تراجعها وتخلفها.