كيف يحدث أن تحب انسانا لا تعرفه هكذا بشكل خاطف بمنتهى البساطة ، لا تعرف اسمه ولا اين يسكن ولا تفاصيل يومياته الصغيرة ، لا لون عينيه ولا نوع العطر الذي يفضله ولا لون جدران غرفته ، لا تضاريس صوته ولا إن كان يعاني من فوبيا المرتفعات أو من أية حساسية ، لا تعرف عنه شيئا بالمطلق ، ومع ذلك تحبه بمجرد أن تراه هناك واقفا يضع على عينيه نظارات شمس بنية اللون ، فتكتب له رسالة تقول له فيها اتمنى أن ألقاك يوما!! شخص لم تلتقه يوما وربما لن يحدث في حياتك هذا اللقاء ، ومع ذلك تحبه بما يشبه الورطة ، تتلمس قلبك فتراه يضحك فيه كطفل ، وصباحا يكتب على جدرانه أغنية حلوة ويمضي ، في مساء اليوم الأول يتهجى معك أبجدية الصداقة من أول الألف وتدعوه لغواية سفر ربما لن يحدث ، ومع ذلك تكمل الليل معه تؤلف له أغنية وترسم له نجما تقول له أحبك وتدسه في فراش روحك غير عابئ بالمسافات ولا بخطوط الطول وورطة خط الوقت ! .. فماذا يكون ذلك ؟؟ أن تختاره بين جموع بلا ملامح يصطفون أمام ناظريك يعدون بالآلاف ، لا تعرفهم كما لا تعرفه أيضا ، لكنك تفرزه من بينهم …هو تحديدا ، لأن عينيه شاكست قلبك أو ربما لأن رائحة روحه ملأت فضاء روحك ؟ وحين يقرر أو تقرر ان تضع النقاط على الجروح تصدق يقينا أنك تعرفه منذ أزمنة وأنك ربما التقيته في كل مكان ، لقد شربت معه فنجان قهوة في إحدى الروايات وتسكعت معه في الشانزليزيه منذ مده وانت تقرأ احدى قصص آني إرنو ، لكن ذاكرتك ربما تخونك .. ربما !! كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة ولدنا غريبين معا … تتذكر قصيدة درويش فتدير رقم هاتفه ..