رسالة بولس الرّسول إلى أهل رومية (6) " الخطيئة دخلت في العالم بإنسان واحد، وبالخطيئة دخل الموت. وسرى الموت إلى جميع البشر لأنّهم كلّهم خطئوا." (رو 12:5). لا يريد بولس بهذه الآية تحميل الإنسان الخطيئة بالوراثة، فإذ نقول إنّ الإنسان يرث الخطيئة فهذا يعني أنّه لا يتحمّل مسؤوليّة قراراته وبالتّالي هو غير معني بالدّينونة. " إنّ ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كلّ واحد حسب عمله." (متى 27:16). وأمّا مقصد بولس فهو التّركيز على نعمة الله. ولو أراد إيصال معنى الخطيئة الموروثة لكان من الأسهل أن يقول إنّ الإنسان ورث الخطيئة وبذلك دخل الموت. ما تؤكّده الآية (16): " فخطيئة إنسان واحد قادت البشر إلى الهلاك، وأما هبة الله بعد كثير من الخطايا، فقادت البشر إلى البرّ." وبالتّالي فالمعنى الأعمق للموت هو غير ذلك الّذي تنتهي به الحياة بشكل طبيعيّ، وإنّما هو الموت الّذي تسبّبه الخطيئة. ونقرأ في لوقا (24:15) في مثل الابن الشّاطر: " لأنّ ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالّاً فوجد." إشارة إلى عودته عن خطيئته إلى حضن أبيه. إذاً فالموت والهلاك هما اللّذان تجلبهما الخطيئة. فبها يضمحلّ الكيان الإنساني وتتشوّه صورة الله فيه. وإذا ما شوّه الإنسان صورة الله بالخطيئة هلك ومات. وأمّا نعمة الله فهي غير خطيئة الإنسان. فخطيئة الإنسان تقوده إلى الموت أي إلى الانفصال عن الله أي عن الحياة. وأمّا نعمة الله بيسوع المسيح فتنقله من الموت إلى الحياة. وتظهر نعمة الله بوفرة محبّته ورحمته اللّامتناهية في الآيتين (21،20)" حيث كثرت الخطيئة فاضت نعمة الله، حتّى إنّه كما سادت الخطيئة للموت، تسود النّعمة الّتي تبرّرنا بربنا يسوع المسيح للحياة الأبديّة." قابل الله رفض الإنسان بالمحبّة والنّعمة. وعبارة (فاضت) هي محور المعنى الّذي أراد بولس إيصاله. فلم يقل حيث كثرت الخطيئة كثرت النّعمة، بل فاضت. وبالتّالي فالموت الّذي جلبه الإنسان بالخطيئة قابله الله بالنّعمة الوافرة بربّنا وإلهنا يسوع المسيح، ما لا يمكن أن تفعله الشّريعة. فالشّريعة قد تغسل الإنسان من الخارج وإنّما نعمة الرّبّ فتطهّره من الدّاخل وتخلقه من جديد.