رسالة بولس الرّسول إلى أهل رومية (1) يستخدم بولس الرّسول في رسائله المختلفة والمتعدّدة تحيّة خاصّة يعلن فيها دائماً رسوليّته وخدمته للمسيح الحيّ. والعبارات الدّلاليّة (عبد يسوع المسيح/ رسول المسيح يسوع/ أسير المسيح) تبيّن التصاق بولس بالرّب ووعيه للرّسالة الموكلة إليه، والتّيقّظ إلى تحقيق مشيئة الرّبّ في كلّ كلمة يكتبها. إلّأ أنّنا نقرأ في الرّسالة إلى رومية ما يشبه التّعريف بالذّات لكن مسيحيّاً، أي التّعريف بالإنسان الجديد. "بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولاً المفرز لإنجيل الله، الّذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدسة عن ابنه الّذي صار من نسل داود من جهة الجسد وتعيّن ابن الله بقوّة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا، الّذي به لأجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة لطاعة الإيمان في جميع الأمم الّذين بينهم أنتم أيضاً مدعوو يسوع المسيح إلى جميع الموجودين في رومية أحبّاء الله، مدعوين قدّيسين، نعمة لكم وسلام من الله أبينا والّرب يسوع المسيح" (رومية 7،1:1). يعرّف بولس عن نفسه إلى أهل رومية ولكنّه لا يذكر إلّا أنّه عبد ليسوع المسيح المفرز لإنجيل الله. ونلحظ في ديباجة الافتتاح التّعريف بيسوع المسيح الحيّ. لم يشر بولس إلى علمه، وثقافته، وسلالته، وهويّته العالميّة، بل عرّف عن "بولس"، الإنسان الجديد بيسوع المسيح. هذا التّعريف لا ينمّ عن فعل تواضع وحسب، أو امّحاء بولس ليظهر المسيح، وإنّما يعبّر عن وعي بولس لمسيحيّته. أنا مسيحي، إذن أعرّف بإنساني الجديد الّذي هو مسيح آخر. وينبغي الانتباه إلى أنّ هذا التّماهي مع المسيح ليس عبوديّة بالمفهوم المتعارف عليه، بل هو اتّحاد المحبوب بالحبيب. فأعرف ذاتي وأعرّف عنها بالمسيح. لذا يصعب على كثيرين تحديد هويّتهم المسيحيّة. منهم من يعتبرها هويّة دينيّة، أو حزبيّة، أو أيديولوجيّة، بينما مسيحيّتنا هي هويّة المسيح. "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكلّ قد صار جديداً. (2 كور 17:5). والكلّ يشمل كياننا الإنسانيّ كلّه، وبالتّالي بولس غير منفصل عن عبد ليسوع المسيح. وحضور بولس الرّسوليّ هو حضور المسيح في العالم. من هنا علينا أن نعي أهمّيّة هويّتنا المسيحيّة المرتبطة بالمسيح وغير المنفصلة عنه، نحن الّذين اعتمدنا به ولبسناه وانتمينا به إلى العائلة الإلهيّة.