"المعيار الحقيقي للسلوك هو تصرف الفرد الخفي والبعيد عن الأنظار" لم تكن حالة فاتن مناصرة الأولى ولن تكون الأخيرة، سواء في واقعنا الفلسطيني أو العربي في ظل منظومة اجتماعية تحتكم للنقل دون العقل، تحتكم للتلقين دون التفكير، نحن أمام حقيقة لمجتمع يتعامل مع قضاياه الاجتماعية والسياسية والأخلاقية بمعايير مزدوجة، تتميز بالانفصام الواضح بين ما يجب أن يكون، وبين ما يحدث فعلاً على أرض الواقع، أصبح مجتمعنا في ظل الانهيارات المتتالية يرى الأمور الخطيرة وكأنها أمر مألوف لدرجة القبول المريع، نحن أمام حقيقة ابسط ما يقال عنها أننا لا نعرف لأي قوانين نخضع: إسلامية، مدنية، عادات وتقاليد موروثة، وكلها انتقائية لخدمة مصلحة الأقوى سياسياً واقتصادياً ولا يهم حتى لو كان فاسد أخلاقياً، مجتمع بات يتفجر رويداً رويداً، "فعل وردة فعل". أصبحت الطبقة التي أفرزتها السلطة الحاكمة منذ الاحتلال لغاية اليوم، تمارس دور السيد والعبد مع اختلاف المسميات ولكن السلوكيات موحدة، فكل صاحب انتماء سياسي ومنصب وظيفي يدوس كرامة أمة بكاملها وكأنهم حشرات ضارة. هذه الحالة أخرجت للشارع الفرد الفلسطيني صاحب المعايير المزدوجة التي ذهب ضحيتها كل المجتمع بدون تمييز، وأفقدتهم قيمتهم الإنسانية، ولأسباب عديدة كانت المرأة هي التي تدفع الثمن في الغالب قياساً بالرجل. فهي في أدنى درجات السلم، وقد تصل لدرجة الإهمال والنسيان. علينا أن نخرج من صمتنا وجبننا ونطالب بقوانين تضمن حقوق الجميع بشكل متساو، وسن قوانين وتشريعات تضمن العيش الكريم وبحرية للجميع دون تمييز. ويكفي حل القضايا بفنجان قهوة على حساب إنسانيتنا. ستستمر الحالة وتتدهور إن لم نتعلم العبر والدروس من كل حادثة بشكل منفصل، والتعلم من كل الحالات بشكل مجتمع ووضع النقاط على الحروف والبدء بالتنفيذ، وفي نظرة سريعة لتصاعد حالات العنف المرتبط بتدني منظومة القيم الإنسانية لدى المواطن الفلسطيني التي وصلت لحالة من الترهل والانهيار والهبوط بشكل متسارع، ويتجه الى العودة لعصور الظلام والظلامية. مشكلتنا ليست تعنيف المرأة وحصرها بعنوان ضيق نسويه، بل هي مشكلة إنساننا الفلسطيني الذي بات يترنح ما بين السيئ والأسوأ للأسف. علينا تعلم الدروس والخروج بالحلول التي تتمحور حول إعادة النظر في منظومة القيم التربوية لمجتمعنا التي باتت لا تحترم إنسانية الإنسان. نحن بحاجة لثورة تربوية ثقافية جنسية تساهم بالتأسيس لمجتمع مدني متحضر بدون تمييز. نحتاج أن نقف أمام أنفسنا وبكل جدية ونعيد تربية ذاتنا من الداخل لنتوقف عن الازدواجية لنكون خارجه وداخله واحد. علينا أن لا نسكت عن الفساد والمفسدين كي لا يتحول صمتنا الى رضا وتشريع، فلا أحد بريء من تدهور واقعنا الفلسطيني بدون استثناء!! * كاتبة وإعلامية فلسطينية ومدير عام راديو بيسان- رام الله