محمد يونس الحملاوي أستاذ هندسة الحاسبات بكلية الهندسة جامعة الأزهر، أمين عام الجمعية المصرية لتعريب العلوم، أثار في حواره مع "بوابة شموس نيوز" قضية تنموية في الأساس هي قضية تعريب العلوم التي تثار كل عام في مناسبتين الأولى في مارس وهي الاحتفال باللغة الأم والثانية في ديسمبر وهي الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.. التقيناه في المناسبة الأخيرة برابطة الجامعات الإسلامية فدار الحوار كله حول التعريب مشاركة منا في الاحتفال بيوم العربية من ناحية، ومن ناحية أخرى جبراً لتقصير غيرنا من وسائل الإعلام، فكان هذا الحديث.. بداية حدثنا عن فكرة نشأة جمعية تعريب العلوم؟ فكرة الجمعية نبعت من الحاجة الماسة إلى رفع كفاءة التعليم والحفاظ على اللغة العربية بعمل ملموس بعيداً عن الشعارات والكلام. من أبرز مؤسسيها؟ د. عبد الحافظ حلمي رحمه الله، ود. عبد الغني عبود كلية التربية جامعة عين شمس، ود. محمود حجازي الأستاذ بآداب القاهرة، ود. أحمد فؤاد باشا الأستاذ بعلوم القاهرة، وعدد من الأساتذة الأفاضل. وما الذي يميزها عن مجمع اللغة العربية؟ جمعية تعريب العلوم لها هدف محدد من اسمها فتهتم بقضية التعريب بكل جزئياتها كهدف يسير مع هدف التنمية. نتحدث عن تعريب التعليم الجامعي كقاطرة تقود جهود التعريب عامة، ولنا موقعان على شبكة الانترنت نشرنا فيهما بعض المواد المعربة للتحميل المجاني. هذا مجمل اهتمامنا، أما المجمع اللغوي فالتعريب من اهتمامه وليس كل اهتمامه وهو ينوء بحمل كبير حاولنا أن نعاونه فيه. هل لكم تعاون مع اليونسكو؟ ليس لنا تعاون مع اليونسيكو حتى الآن ونتعاون حالياً مع اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة في مصر، ومع مركز التعريب والترجمة والنشر بدمشق ومع بعض الجمعيات التي تستهدف تعريب التعليم الجامعي. هل هناك جامعات أخذت بتدريس بعض مناهجكم؟ لا نعرف إن كان أحد أخذ أو لا، وبخاصة أننا لا نبيع هذه المواد بل هي بالمجان، ومع ذلك هناك جامعات تدرس بالعربية في سوريا وفي العراق قبل الاحتلال. هناك من يشكك في دعوتكم ويقول إنها لن تقدمنا خطوة للأمام لأن لغة العلم الآن هي اللغة الأجنبية وليست العربية.. بماذا ترد؟ من يقول ذلك مغرض لا يريد لأمته النهوض، ذلك أنه لا توجد دولة واحدة تدرس بغير لغتها ولها حظ من التنمية. وفي المقارنات بين الدول، نكتشف أن الدول التي تدرس باللغة العربية كسورياوالعراق أفضل في الناحية العلمية من الدول التي تدرس بالأجنبية. وطبقاً لمؤشرات الأممالمتحدة فغن الدول التي لها حظ من التنمية أخذت منذ زمن تدرس بلغتها القومية، وهي دول تبدأ بمليونين من الطلاب مثل ليتوانيا على سبيل المثال تدرس من الحضانة حتى الدكتوراه بلغتها القومية وأعتقد أن ليتوانيا أفضل من جميع الدول العربية. وكيف تحلون أزمة المصطلح الأجنبي؟ في الطب 3,% وعلى الإجمال تمثل المصطلحات 3% وهنا لا مانع من أن نتجاوز عن 3% في المرحلة الأولى في سبيل 97%، وعليه، فإن المصطلح مستنقع لتحجيم قضية تعريب العلوم، وأقول إنه يمكن التجاوز عنه بأن نكتب المصطلح الأجنبي بين قوسين ونكتب ما يتراى لنا من مصطلح. إن قضية المصطلح وتوحيده قضية موجودة في كل اللغات ولا تشكل عند الآخ أي عقبة، لكننا نشعر بالدونية وبالتالي نتعلق بأي شيء نظن أنه ربما يعطل المسيرة في سبيل الارتباط بالآخر ومن ثم التبعية له. وما مصير هيئات التدريس التي اعتادت التدريس باللغة الأجنبية؟ السؤال هو: هل هناك عضو هيئة تدريس له باع في اللغة الأجنبية أكثر من اللغة العربية؟ لا أعتقد ذلك، ونحن لا ندلس على أحد، لكن الذين يقولون إننا سنتخلف إذا درسنا بالعربية هم المدلسون الحقيقيون لأن استخدام اللغة القومية يرفع كفاءة التعليم بلا شك. هل يوجد قانون يمنع الجامعات من تعريب علومها؟ القانون هو أن يكون التدريس والامتحان باللغة العربية في جميع المؤسسات التعليمية عامة وخاصة، وما يتم جهاراً نهاراً هو مخالفة للقانون وفيه ما فيه من التدليس والتضليل لأن الكفاءة في التعليم تتم من خلال اللغة القومية. لماذا جعلتم التعليم الجامعي قطاراً لعملية تعريب العلوم؟ لأننا إذا عربنا التعليم الجامعي سنغلق كل الروافد والنتوءات الموجودة في الهيكل التعليمي العام. ومع ذلك نتحدث عن تعريب التعليم بوجه عام الجامعي وقبل الجامعي وكذلك الدراسات العليا، لكننا نركز على مرحلة البكالوريوس كمرحلة أولى، وندعو إلى تعلم اللغات الأجنبية وإتقانها لكننا لا ندعو إلى التدريس بها، وهذا يفتح موضوع الاطلاع على الجديد، وهو شيء مفروغ منه، ولن يتم إلا بإتقان اللغة الأجنبية لكن استخدامها في التعليم مرفووض. البعض يستثقل قضية التعريب لاستثقاله النحو والصرف وقواعد الإعراب؟ مطلقاً، الاستثقال نتيجة الخلل المتجذر في مسيرة التعليم، ونتيجة المدرس الذي يدخل الفصل ولا يجيد التحدث بالعربية السليمة. العامية تنتشر في المجتمعات المتقدمة لكن مكانها الشارع والنوادي وليس المؤسسات التعليمية والتثقيفية والإعلامية. مع الحديث عن ضرورة ارتباط التعليم بسوق العمل ما تصورك لسوق العمل المصري بعد تعريب الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء والرياضيات؟ سوق العمل يرتبط بالانتاج، ونحن خبرنا استخدام اللغة الأجنبية في التعليم سنوات وسنوات.. فماذا أنتجنا وماذا أبدعنا؟ سوق العمل الآن هو سوق استهلاكي غير منتج، ولا يمكن لدولة أن تستمر بدون إنتاج. القضية أن كل الدول التي لها حظ من الإبداع ولها حظ من التنمية والنمو تدرس بلغتها الأم. اذهب من فضلك إلى المتحف الحربي وانظر إلى المدفع جيداً تجد عليه بطاقة مكتوب عليها "صنع في مصر"، وانظر إلينا الآن.. لا نصنع سوى الشيبسي والمخبوزات! ولا بد أن أشير هنا، إلى أن التعريب ليس هو المفتاح السحري لحل كل مشاكلنا لكنه بوابة لا بد من المرور منها حتى يكون لنا حظ من التنمية وهذا ما تقره شواهد التاريخ وشواهد الجغرافيا. لقد قمنا بوضع كتب الطب باللغة العربية على موقعين الكترونيين للتحميل بالمجان ونعمل الآن في العلوم الهندسية والعلوم البحتة. ولا مجال للخلاف حول قضية التعريب التي هي قضية تنموية في الأساس فهي قضية مختلف الأعمار والتخصصات والتوجهات.