تم ليلة الثلاثاء 7 جويلية 2015 إعطاء إشارة الانطلاق الرسمي لمهرجان صفاقس الدولي في دورته السابعة و الثلاثين على ركح المسرح الصيفي بسيدي منصور و هي الدورة الثالثة بعد الثورة التونسية التي تقام على هذا الركح بعد نجاح الجهود المتضافرة في طرد فكرة التخوف الأمني من الظرف الهش في تونس . انطلقت هذه الدورة وسط لغط إعلامي كبير حول برمجتها و حديث عن فشلها قبل ضربة البداية إلى درجة المطالبة بإيقافها أو سحب صفة الدولي منها و اعتبارها مهرجانا محليا لا يرقى إلى صفة الدولي على اعتبار أن مجمل العروض محلية فيما عدا عرضين اثنين سيؤمنهما كل من حسين الديك من سوريا و سعد مجرد من المغرب . الحقيقة أن جملة من المعطيات تم تقديمها لتبرير ما جاء في برمجة مهرجان صفاقس من إشكالات مادية خصوصا تتعلق أساسا بضعف دعم وزارة الثقافة الذي لا يتجاوز المائة و خمسين ألف دينار تونسي والتي لا تكفي وحدها لتأمين عرض من طينة ماجدة الرومي و كاظم الساهر و لا تكفي طبعا لتأمين عرض أو اثنين للأسماء التي تأتي في مرتبة أقل ثم إن توجها كاملا بصدد الارتسام يعمل على تغيير مفهوم " الدولي " من استقطاب لنجوم عرب أو أجانب إلى العمل على تصدير الموسيقى التونسية كموسيقى و كأفراد و مواهب في العزف و الغناء من خلال فكرة إنتاج عمل خاص بالمهرجان التي عملت الهيئة المشرفة على المهرجان على تنفيذها من خلال عرض " كلثوميات " للدكتور هلال بن عمر في تجربة تونسية مصرية في الأداء و تونسية خالصة في العزف يبدو أن جملة هذه المعطيات و غيرها كانت عسيرة الهضم إلى درجة التعاطي مع برمجة دورة الحال بمنتهى التشاؤم و الحال أن عروض مثل طربيات زياد غرسة و درصاف الحمداني و عرض الزيارة لسامي اللجمي و عرض فوزي الشكيلي و عرض سعد المجرد هي عروض فنية في مستوى فوق المتوسط و تبقى العروض المسرحية مثل عرض لمين النهدي و عرض وجيهة الجندوبي مطلوبة رغم أن تجربة العرض المسرحي في الفضاء المفتوح على ركح سيدي منصور قد مضى عليها زمن طويل . بالعودة إلى عرض الافتتاح فقد كان زياد غرسة الذي يعود لركح المسرح الصيفي بسيدي منصور بعد ظهوره عليه للمرة الأخيرة في الدورة الخامسة و الثلاثين رفقة لطفي بوشناق وفيا كدأبه للموسيقى التونسية الأصيلة من خلال أداء راق لوصلات من المالوف التونسي رفقة عناصر الفرقة الوطنية و تقديم عدد من الأغاني التي عرف بها و التي فيها وفاء للمالوف ولكن فيها بالمقابل بحث و محاولة تطوير الأمر أحدث تفاعلا بينه و بين الجمهور الحاضر بأعداد متوسطة و النصف الثاني من السهرة غنت درصاف الحمداني من المدونة التونسية فأقنعت و أطربت رغم قصر الوقت المخصص لها لكنها نجحت في شد الجمهور إليها خصوصا حين أهدت آخر أغاني الحفل إلى الطاهر غرسة والد زياد غرسة الذي يرجع له الفضل في المحافظة على جزء هام من المدونة الموسيقية التونسية بالتسجيل أو بالتلقين . رغم أن المواكبة الجماهيرية في عرض لم تكن في المستوى الفني للحفل إلا أن ذلك يبقى مرشحا للارتفاع في قادم السهرات الباقية من المهرجان خصوصا مع الترفيع المتوقع في نسق التسويق للعروض مع تركيز اللافتات العملاقة على سور المدينة و داخلها و العمل على تعميم المعلومة و البرمجة دائما في ظل استقرار حذر للأوضاع الأمنية في تونس .