تحمل لوحات الفنان التشكيلي العراقي أحمد نصيف الجديدة محاكاةً انطباعية للمشهد المأساوي في العراق، وذلك ضمن مقاربة إنسانية تبتعد عن المباشرة أو الطرح العاطفي المفتعل الذي تسلل إلى الكثير من المفردات البصرية للمنجز التشكيلي العربي خلال السنوات القليلة الماضية، والفنان، القادم من بغداد، يقدم نماذج من تلك الأعمال في معرض جديد حمل عنوان «أرصفة»، وأفتتحه، أمس الأول، في جاليري دار الأندى بجبل اللويبدة، السفير العراقي جواد هادي عباس، وبحضور لافت لأبناء الجالية العراقية وحشد من التشكيليين والمهتمين. يبرز الجسد بوصفه ثيمة أساسية ومحورا يمنح اللوحة رسالتها الفنية والفكرية في جميع لوحات المعرض، التي جاءت مثقلة بتشكيلات انطباعية لصور بشرية وأجزاء من الجسد، و لا سيما اليدين والقدمين، تماماً مثلما هي شوارع وأرصفة بغداد تغص بالجثث وضحايا الإرهاب الأعمى، الذي يعصف بالعراق منذ احتلاله عام 2003، وعن ذلك يقول الفنان صاحب المعرض: «حملت ريشتي هم مزدوج، فهي من ناحية لايمكن أن تحيد عن الهدف الجمالي والابداعي للفن، لكنها ومن ناحية أخرى لا يمكن أن تنفصل عن واقعها المأساوي.. عن صور بشعة، بات بإمكاننا أن نحولها الى مادة فنية، وهنا تكمن تجليات تلك المصائر العجيبة التي وصلنا اليها». ويرى نصيف أن لوحاته تحمل عبء موضوع خطير وكبير، له علاقة بواقع العراق الحالي والثقافة التي باتت تسيطر على أجواءه، ويتابع «إنني أرسم من وحي ثقافة الشارع والناس والصورة الجديدة لمدينة بغداد»، مشيراً الى أنه ينحاز للقضايا الواقعية في مجمل أعماله التشكيلية. نفذ نصيف لوحاته بألوان الأكريليك، وبمساحات بصرية متفاوتة، برزت فيها الألوان النارية الحارة، وأساليب الرسم الانطباعي الحديثة والتي تنبض بمشاعر الفنان، تلك التي يمكن للمتلقي أن يتلمسها من خلال ضربات ريشة الفنان، كما تتميز تلك الأساليب بتبسيط المفردة البصرية على السطح وتغييب ملامحها التفصيلية لتظهر كلحظات زمنية متوترة وعابرة للمشهد الواقعي. يقول الناقد العراقي خالد خضير الصحالحي عن تجربة أحمد نصيف» الفنان أحمد نصيف مهموم بموضعة ما نفترضه من قناعات في وجود شيئيّ من خلال «فضاء لوني متقشف، قليل التضاد، بمعالجة غير متكلفة، تتصف بالاختزال والتبسيط» مما يجعل العمل الفني عنده «مساحات لونية متجاورة ، ومن خلال هذه المساحات المخالفة لأرضية اللوحة يقوم ببث أشكال مشخصة لا تفارق المساحات اللونية باتجاهها، واختلاف درجتها، وببعض اللمسات، فهي ليست سوى أشباح أرجل وأقدام قد تثبت للمتلقي الغارق في حداثيته بأنه لم يزل هنا عند حدود الواقع، فتلك (الأشكال القاتمة) لا همّ لها إلا أن تفيقه من حلمه التجريدي اللذيذ حينما «تخترق الأفق وتحْضر بوصفها كائنات تعيش وجودها على نحو غامض». والفنان أحمد نصيف من مواليد بغداد العام 1967، وقد تخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1992، وتفرغ بعدها للفن فأقام عدة معارض في كل من بغداد وكردستان ودمشق وباريس والولايات المتحدةالأمريكية، ونال عدداً من الجوائز الفنية المهمة أبرزها جائزة الملتقى الثقافي العراقي الأول في بغداد العام 2005 ، وشهادة تقديرية في مهرجان بغداد العالمي الثالث عام 2002، وجائزة تقديرية بإسم الفنان جميل حمودي عام 2000، وغيرها من الجوائز وشهادات التكريم، وهو عضو في جمعية التشكيليين العراقيين. وتجد اٌشارة إلى أن معرض «أرصفة» يستمر لمدة أسبوعين. المصدر : صحيفة الدستور الأردنية