وزير الخارجية: عجز دولي تجاه اتخاذ خطوات فعالة لإنهاء الحرب في غزة    وزير الخارجية: مصر ليست ضد حق دول حوض النيل في التنمية    كل ما تود معرفته عن حجز قطع أراضي ذوي الهمم.. «الإسكان» توضح التفاصيل    حياة كريمة في المنيا.. المبادرة وفرت بيتا جديدا لأسرة «جميل توفيق»    ضمن مبادرة "بداية".. منافذ متحركة لبيع السلع بأسعار مخفضة في المنيا الجديدة    نقابة الصحفيين تنعى يحيى السنوار: اغتيال قادة المقاومة لن يُوقف النضال ضد الاحتلال    الصحة العالمية: الإبلاغ عن 439724 حالة كوليرا و3432 وفاة بالعالم    31 أكتوبر.. انطلاق مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز    رئيسة وزراء إيطاليا تعتزم إجراء محادثات مع «نتنياهو» بعد زيارتها للبنان والأردن    منها الإغماء المفاجئ.. حسام موافي يكشف علامات التهاب البنكرياس (فيديو)    تشكيل النصر ضد الشباب في الدوري السعودي.. رونالدو يقود الهجوم    مئات الزوار يتوافدون على ضريح إبراهيم الدسوقي للاحتفال بذكرى مولده -صور وفيديو    زيادة المرتبات وساعات حضور أقل| مفاجآت بمشروع قانون العمل الجديد يناقشها البرلمان    إجازات الجنود خدعت العدو.. ومازلت أشم رائحة النصر    وزير الخارجية: مصر حذرت في وقت مبكر من خطورة اتساع رقعة الصراع في المنطقة    وزير الخارجية: مصر ليس لديها مشكلة مع دول حوض النيل باستثناء إثيوبيا    تحت أنظار الخطيب.. الأهلي ينهي مرانه الأول في الإمارات استعدادًا للسوبر    ريال مدريد يتابع موهبة إيطالية    مفاجأة في موعد انتقال هالاند إلى برشلونة    إصابة شرطي سقط من قطار بمحطة البدرشين    5 مصابين في حادث سيارة ملاكي أعلى "بنها الحر"    حبس عاطلين لسرقتهم المنازل بالزيتون    التعليم التبادلى    محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بمحطات الوقود ومواقف سيارات الأجرة -صور    حميد الشاعري ينعى الشاعر أحمد علي موسى    خالد الصاوي: كنت هلبس قضية بسبب العصبية    وزير السياحة يبحث التعاون مع رئيس شركة صينية كبرى في شغيل وإدارة البواخر    أخبار الأهلي : "بالقاضية.. الأهلي يهزم الزمالك ويتأهل لنهائي بطولة إفريقيا لكرة اليد    رئيس مصلحة الضرائب: الحزمة الأولى من التسهيلات الضريبية تشمل 20 إصلاحا    بهذه الكلمات.. رامي صبري ينعى وفاة الشاعر أحمد علي موسى    بوتين يتحدث عن طرح عملة موحدة لمجموعة بريكس    جامعة دمياط تحتل المركز الرابع محليا في تصنيف تايمز    محمد ممدوح يكشف أقرب شخصية جسدها إلى قلبه    الأمم المتحدة: 700 ألف نازح في جنوب لبنان معظمهم من النساء والأطفال    باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد.. جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة    الصحة: جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    رئيس مجلس الأمن الروسي: نظام كييف يحاول صنع "قنبلة قذرة"    «بحبك يا زعيم وعملت اللي عليك».. إلهام شاهين توجه رسالة لعادل إمام    جوارديولا: لم أتخذ قراري بشأن تجديد عقدي مع مانشستر سيتي    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    34 ألف نسخة مزورة.. الداخلية تطيح بعصابة طباعة الكتب المقلدة في القليوبية"    ضبط 8 تشكيلات عصابية و239 قطعة سلاح وتنفيذ 86 ألف حكم خلال يوم    بحضور محافظ الإسماعيلية.. فرق قصور الثقافة تتألق في احتفالية العيد القومي    10 لاعبين يسجلون غيابا عن الزمالك في السوبر المصري.. هل تؤثر على النتائج وفرص الفوز بالكأس؟    ضبط المتهمين بالتعدي على طالب والشروع فى قتله لسرقته بسوهاج    دعاء الشهداء.. «اللهم ارحمهم وجميع المسلمين واجعل الجنة دارهم»    وزير الصحة يعلن أهم جلسات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    الاحتلال الإسرائيلي يشدد من إجراءاته القمعية بالبلدة القديمة ومداخل الخليل بالضفة الغربية    غير صحيحة شرعًا.. الإفتاء تحذر من مقولة: "مال أبونا لا يذهب للغريب"    تحرير 21 محضرًا ضد مخابز مخالفة في 3 مراكز بكفر الشيخ    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    وزيرة البيئة تبحث مع نظيرها الأوزباكستاني آليات تعزيز التعاون بين البلدين    ارتفاع أسعار مواد البناء: زيادة ملحوظة في الأسمنت والحديد    وزير الصحة والسكان يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية في تعزيز الوضع الصحي    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    نشرة مرور "الفجر".. سيولة مرورية بطرق ومحاور القاهرة الكبرى    أسعار الذهب اليوم 18-10-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس الدم ( رواية مسلسلة ) الحلقة (4)
نشر في شموس يوم 30 - 07 - 2014

صمتت المرأة المغضنة لحظات طويلة وبدا أنها تستجمع شتات أفكار متضاربة مختلفة محاولة التأليف بينها لنسج قصة محكمة قابلة للتصديق .. لكن رغم كل جهودها فقد أتت قصتها غريبة مفعمة بعلامات التعجب والدهشة والاستغراب وعسيرة علي الهضم والتصديق .. قالت بصوتها الفتي الغريب ذو النبرات العميقة :
" فتحت عيني فوجدت نفسي أعيش في شرنقة ! "
اقتربت منها " تيرالا " وتمسكت بإطار نظارتها كما لو كان ذلك سيجعلها تري أفضل وبالتالي تفهم أفضل :
" لا أتحدث عن تشبيه ولا أستخدم المجاز .. الحقيقة أنني كنت أعيش في شرنقة حقيقية من الحرير ! "
ضحكت " مولي " ضحكة قصير خافتة لكن " بيني " سمعتها وحدجتها بنظرة غاضبة :
" لقد ولدت في شنغريلا .. لا أحد منكن يعرف شنغريلا ؟! حسنا هذا لحسن حظكم وتوفره .. لا أحد يحب شنغريلا ولا أحد يريد الاقتراب منها .. لا أحد يبقي حيا لحظة بعد أن يجرؤ علي اقتحام قداسة الكهوف العذراء ليروي ما شاهده هناك .. وهو علي أية حال ليس بالكثير ! حسنا .. إن قومي نشئوا وعاشوا في ظلال هذه الكهوف الموحشة المخيفة .. عاشوا وبقوا ولا موت ينزل بساحتهم أبدا ! "
شهقت أحدي الفتيات لكن أحدا لم يبالي بها :
" هناك ولدت ! قومي يحملون اسما مقدسا سريا ليس بوسعي إخباركم به .. اسما مكونا من ستة وستون حرفا منها خمس حروف ليست موجودة في أي لغة أخري في العالم .. عدا لغة قوميتنا .. إننا من أشباه البشر السالفين الناجين ! "
تجمدت " تيرالا " الآن وتحولت لتمثال حقيقي من لحم ودم .. أصغت البنات بانتباه عظيم وحتى من كن لا يصدقن حرفا أنتبهن لأن القصة راقتهن بشدة :
" لا تصدقوا كل من يسوق قصة زائفة ليخدعكم .. لكن كونوا علي ثقة من أمر واحد أنه عندما تسوق لكم " خاتانا " قصتها فيجب أن تصدقوها .. لا لشيء إلا لأنها حقيقية تماما ! "
سكتت للحظة ولما لم تجد من يقاطعها أو يناوئها استطردت برقة وقد تبدي الحنين في صوتها :
" لسنا أشباه بشر كاملين ! لسنا كأولئك النياندرتال الأوغاد السميكي العظام ولا كتلك الكائنات المشوهة التي تتحدثون عنها .. إننا جنس آخر مميز .. مميزون وأقوياء ومتفردون وخالدون ! ولدت فوضعوني في الشرنقة كسائر بنات قومي الأفذاذ .. كان يجب أن أبقي هناك وسط الخيوط الحريرية اللامعة التي نسجتها لي أمي قبل مولدي حتى أكبر وأكون ناضجة صالحة للحياة وتلقي هبة البقاء من إله شنغريلا الأبدي ! "
لوت فتاة شفتيها عندما وصلت العجوز إلي تلك النقطة وقد قالت بينها وبين نفسها :
" ها قد وصلنا إلي هرطقة العجائز المجانين الذين لم يعودوا يذكرون أسماء أبائهم .. فما إن يصل المرء إلي مرحلة الخلود والإله حتى يكون قد صار مجذوبا صالحا تماما للاستخدام كمنشفة حمام ! "
لم تفصح الفتاة عن مكنونات نفسها وتركت العجوز تواصل دون مقاطعة :
" نضجت فأخرجوني من هناك .. وبدأ يطعموني .. لم أكن قد طعمت شيئا منذ مولدي فبدأت أتلقي الغذاء من وريد أمي .. من دم أمي مباشرة ! "
تقلصت بعض الوجوه المحدقة هلعا أو اشمئزازا لكن العجوز واصلت دون أن تلاحظ شيئا :
" تلك هي طريقة الحياة لدينا .. تبدو مثيرة للهلع لكنكم إذا فكرتم فيها مليا ما الفارق بين أن نأخذ دم أمك من حبلها السري وبين أن تشربه مباشرة من وريدها .. لا فارق بتاتا ! فقط هي التخيلات الباطلة والخيالات المعطلة ! "
سرت حكمة العجوز في حنايا " مولي " فشعرت بنفسها تتشبع بها وتمتلئ :
" وهكذا عشت أولا ثلاثين عاما من عمري حتى آتي شخص مقتحم غريب وتدخل تدخلا خطرا في حياة الكهف الخالد وأخترق الستر الأبدي المفروض حول كائناته الفريدة .. كان فتي فاتح اللون أصهب قبيح للغاية ، أو هكذا بدا لي للوهلة الأولي حين ضبطته متلبسا بمحاولة الدخول للكهف من فتحة المطر الصغرى .. كدت أفتك به ثم راقني منظره الغريب .. ورغم قبحه بالنسبة لي شعرت بأنه أكثر ذكاء من كائنات عالمي الصغير الغارق في الظلام .. لا ليس أكثر ذكاء هذا تعبير خاطئ .. لنقل أنني شعرت أنه أكثر تميزا واختلافا .. تراجعت وقررت أن أستمع إليه .. الغريب انه أخبرني أنني جميلة .. لم يخبرني احد من قبل بذلك .. فتنتني بلاغته وراقتني ملاحته .. لا أعرف ما الذي أصابني .. لكنه بمجرد أن عرض علي الخروج معه للعالم العلوي وجدت نفسي أوافق .. لم أفكر للحظة فيما يعنيه هذا .. "
صمتت لتلقط أنفاسها المتهدجة فناولتها " بيني " كأسا مترعة بسائل يستحيل أن تعرف طبيعته إلا إذا تذوقته ، وكان من المستحيل أيضا أن تقدم احدي الفتيات علي تذوقه ما لم يعلقونها في حبل المشنقة ويخيرونها بين الموت شنقا وبين تذوق هذا الشراب اللعين .. والغالب أن " تيرالا " لو وضعوها في هذا الموقف لاختارت الموت فورا !
رشفت العجوز رشفة كبيرة ملئت فاها .. حركت الشراب بين شفتيها النحيلتين للحظة ثم ابتلعته .. تنشقت ثم واصلت كلامها الغريب :
" لم أفهم إلا بعد ساعات أن خروجي من شنغريلا يعني أنني لن أعود إليها مرة أخري .. أفزعني هذا .. لكنه احتواني ، يا إلهنا الخالد واهب الخلود ، هذا الفتي الذي بلا لون احتواني وقدم لي عرضا مغريا .. أن أعيش معه كزوجة .. لم أفهم معني زوجة ،لكنني قبلت عرضه .. لم يعد أمامي سوي القبول بالتدني إلي مستوي البشر لأستطيع أن أعيش .. تزوجنا وحاول أن يعلمني عقيدته الغريبة .. لم أفهم حرفا مما حكاه لي عن إلهه لكنني أحببت هذا كله وإن لم أؤمن بحرف منه أبدا .. وبعد شهور كما قال لي جاءت " بيني " لتكون أول هجين بين جنسنا وبين جنسكم .. السافل ! "
كان تعليق العجوز الأخير مثيرا للدهشة حتى بالنسبة لابنتها التي تحولت لتنظر إليها بعينين متسعتين من الدهشة والصدمة ..
لم تبالي " خاتانا " بنظرات أحد إليها بل أكملت قصتها :
" شكرت إلهي الخالد على أن الطفلة جاءت بدون بشرة .. نسجت لها بشرة من أمعائي التي تسقط كل عام وغطيتها بها .. لو لمس أحدكم جلد " بيني " فسيخرج في يده ! "
وضعت " مولي " يدها علي فمها وشعرت بمعدتها تضرب جدار بطنها مطالبة بالخروج .. وأمعائها تلتوي كفطيرة حول بعضها .. تبادلت الفتيات النظرات في فزع ، وحتى من كن لا يصدقن شعرن بالفزع والذعر والتقزز :
" كان ذلك أفضل للطفلة .. وإلا لبقيت طوال عمرها تعاني مثلما أعاني .. "
نظرت لها البنات مستفهمات فأزاحت طرف كمها حتى أنكشف أعلي كوعها .. كان جلدها يبدو مصبغا غامقا أسفل الكوع لكن أعلاه .. كان ثمة جلد حرشفي ناعم أملس مشقق له لون أخضر تمساحي الطابع وفوقه كانت تلك الكائنات المقرفة .. العلقات !
مئات ومئات العلقات السوداء الصغيرة تلتهم جلد العجوز وتنتزعه بروية أمام عيون الجميع .. بهدوء ابتسمت العجوز وقالت مفسرة :
" أحتاج خمسون عاما أخري حتى أفقد باقي بشرتي القديمة .. ألم أقل لكم أنه من حسن حظ فتاتي أن ولدت بدون بشرة ! "
لم تستطع معظم الفتيات التحمل .. هرعت معظمهن مبتعدات وهن يمسكن معداتهن وأفواههن .. ابتسمت العجوز باستهانة بينما ظلت " مولي " وحدها هناك .. " تيرالا " التي سقطت وأخذت تتقيأ تحت المنضدة أفسحت لها المجال لتقترب أكثر من العجوز الغامضة .. نهضت " مولي " وجاورت العجوز .. نظرت إليها للحظة طويلة بنظرة غير مفهومة أبدا .. ثم مدت أصبعها النحيل ذو الظفر المبالغ في طولها .. لمست بشرة العجوز التمساحية الآخذة في التساقط فتمسكت علقة سوداء صغيرة بطرف ظفرها .. رفعت " مولي " أصبعها وقربته من وجهها .. نظرت إلي العلقة التي تتلوي علي طرف ظفرها .. ثم ابتسمت !
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.