نشرت جريدة النيويورك تايمز الأمريكية منذ أيام ( عددها يوم 2 فبراير 2021 ) مقالا تحدثت فيه عن متحف الفن المصري الحديث تحت عنوان (متحف قنوع يرنو إلي بعث جديد) Humble Museum Aims for Rebirth ، وقد وصف المقال المتحف بأنه جوهرة تحتاج إلي الصقل، وأنه يحوي أعمالا لأكثر من 1500 مبدع غالبيتهم من فناني القرن العشرين ورغم أن العديد من مقتنياته عادية المستوي إلا أن هناك أعمالا لفنانين معروفين علي الصعيد العالمي أمثال محمود سعيد، وعبد الهادي الجزار، ومحمود مختار، ويقول المقال - نقلا عن المستر تيل فيلارث Till Fellrath الذي ينشط كمنظم دولي للمعارض International Curator - أن المتحف المصري الذي ينفرد بضم المجموعة الأشمل للفن المصري الحديث علي مستوي العالم يواجهه بعض العقبات، منها أن بعض الأعمال الفنية في احتياج شديد إلي الترميم، كما وأنه يعاني نقصا شديدا في الإمكانات المادية المطلوبة لإدارة تلك المجموعة الكبيرة من المقتنيات وتنظيم عروض لها، بالإضافة إلي ضعف الإضاءة، وعدم ملائمة القسائم الإرشادية، وأيضا التنظيم الاعتباطي للمعروضات. وأضاف المقال أن مجموعة مقتنيات المتحف في حاجة لإعادة إحياء، وأن ذلك ما تحاوله بالفعل السيدة الفنانة سلوي حمدي التي تولت إدارة المتحف منذ 2009، واستشهد المقال بقولها أن الفنانين المصريين المقتناة أعمالهم يقفون علي قدم المساواة مع رواد الحداثة في العالم، ولا يقلون عنهم، وهم يستحقون المزيد من التعريف بهم، ويشير المقال إلي أن السيدة مديرة المتحف بادرت بخطوات إصلاحية لضبط الجهاز التنظيمي والإداري بالمتحف، ومن بين ما اتخذته من إجراءات، إنشاء قاعدة بيانات اليكترونية للتعرف من خلالها علي مجموعة المقتنيات وأماكن تواجدها، وبخاصة تلك المعارة للجهات الحكومية والعامة والبعثات الدبلوماسية بالخارج، وبعد هذا الإصلاح الإداري فالخطوة التالية التي تزمع القيام بها هي إعادة تنسيق المعروضات علي نحو يبرز أعمال رواد الفن المصري الحديث بشكل أفضل، كما تقول أن الدور العلوي من المتحف سيخصص للاتجاهات المعاصرة، وسيزود بالتجهيزات التي تسمح بعرض أعمال مفاهيمية، مثل فنون الميديا الحديثة والتجهيزات في الفراغ التي يأمل المتحف إضافة بعضا منها – خلال العام الجاري - ضمن مجموعة مقتنياته، وأضافت أن القيود التي تحوط التمويل المطلوب تحد من القدرة علي تنفيذ ما تتطلع اليه. وبهذه المناسبة أعلق بأن نشر المقال المشار اليه في جريدة النيويورك تايمز الهامة، في هذا التوقيت، بعد ثورة يناير 2011، يأتي ضمن سلسلة اهتمامات الغرب في التعرف علي دقائق تفاصيل أحوال مصر في كافة مناحي الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية بجوانبها المتعددة، بدافع الفضول من ناحية، وللإدراك الغرب لوزن مصر المؤثر والفاعل في منطقتها الإقليمية من ناحية أخري، فأي تحول أو تطور يأخذ مجراه في وادي النيل تكون له دائما انعكاسات وأصداء في كل بلدان المنطقة المتاخمة لمصر، لذا نجد الغرب حريص علي مراقبة كل ما يجري فيها من تطورات، ومن بين وسائل التعرف علي المزاج والشخصية المصرية، يجئ حرص عدد من المهتمين بالدوائر الثقافية والفنية في الغرب بتقصي أحوال الأنشطة الإبداعية في بلدنا والتعرف عليها، ومحاولة قراءة الشخصية المصرية من خلال الأعمال الفنية، وتلك ظاهرة ليست بخطيئة، الا أنها تشمل فرصة إذا أحسنا التعامل معها واستثمارها بإيجابية فسيمكننا الاستفادة منها بالدعاية والترويج الإعلامي في الخارج لتحقيق مصالحنا وكسب احترام وتقدير العالم الخارجي لنا، أما إذا لم نحسن التعامل معها وتركنا الآخرين يتلصصون علينا بحرية ليستكشفوا نقاط ضعفنا، ويتعرفون علي مداخل تمكنهم من التعرض لنا والحد من حركتنا فذلك ما يجب أن نخشاه ونتداركه ونأخذ حذرنا منه، والأمر في النهاية مرهون بيقظتنا وحسن تصرفنا وتحقيقنا لتوازن دقيق ما بين الانفتاح أو التحفظ في تعاملنا مع الآخرين.