تواصلت الفعاليات والأنشطة والأمسيات بمخيم الإبداع لتقدم وجبة فكرية وثقافية دسمة وممتعة لرواد معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الرابعة والأربعين. بدأ المحور الأول من محاور المخيم والذي يهتم بالتجمعات والروابط الأدبية باستضافة جمعية الشعر النبطي في لقاء شارك فيه نخبة كبيرمن الشعراء النبطيين؛ شعراء البادية. وفي بداية اللقاء أشار الشاعر حسين السوهاجى إلى أهمية عقد مثل هذه اللقاءات التي تهتم بمكون أساسي من مكونات الثقافة المصرية التى تتعرض لرياح عاتية بدعاوى العولمة والتغريب فى ظل عالم أحادى القطب يسعى للهيمنة والسيطرة على مقدراتنا من خلال طمس هويتنا القومية وتمييع ثقافتنا الوطنية.. وشارك في اللقاء مجموعة كبيرة من شعراء سيناء منهم: حمدان ضيف الله الترابين، وخالد الرياضى، ومازن عيد، وسعد الجميعانى، وبسام الرميلى، وعطا الله الجداوى، وجلال الفارسى، فى حضور عدد كبير من أبناء سيناء على رأسهم الشيخ محمد محمود أبو طفيفة شيخ مشايخ قبيلة الحويطات. وشهدت الندوة تفاعلاً كبيراً من جمهور المخيم وألقى بعض الشعراء قصائد تتواكب والأحداث الجارية وتؤكد عمق الانتماء لمصرنا العزيزة. وفى نهاية الندوة قدم عدد من الحاضرى مداخلات وأسئلة ألقت مزيداً من الضوء حول الشعر النبطي ودوره في الحفاظ على الهوية القومية. أما المحور الثانى فقد تم تخصيصه لمناقشة ديوان «واد مجنون» للشاعر محمد حسنى توفيق شارك فيها لفيف كبير من الأدباء والنقاد إلى جانب جمهور غفير احتشدت بهم قاعة المخيم.. وفى بداية الندوة أشار الكاتب جودة رفاعى إلى أهمية العمل الذى يؤكد على عمق وأصالة وموهبة الشعر محمد حسنى توفيق ولقد أضاف الكاتب جودة رفاعى إلى المكانبة المرموقة التى يحتلها الشعر محمد حسنى توفيق بين أبناء جيله حيث صدر له من مجموعة من الأعمال الشعرية المهمة منها «المفتي» 2001 و«الحلم لما ابتدى» 2010 كما فاز الشعر بالعديد من الجوائز الأدبية المهمة على المستوى المحلي والمستوى القومي منها جائزة المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة وجائزة جريدة الجمهورية وأخيراً جائزة الدولة التشجيعية ثم ألقى الشاعر مجموعة من قصائد الديوان. وفى مداخلته أكد الناقد عادل العدوى على إثارة الدهشة وعمق موهبة الشاعر وإمكانياته اللامحدودة وأضاف: إذا ما تجاوزنا عنوان الكتاب مرجئين علاقته بمجموع النصوص كىي يمكننا القراءة بعيداً عن سلطة العنوان نجد أننا أمام اثنين وعشرين قصيدة أو نصاً تشكل جميعها الأفق الذى يحلق فيه الشاعر وهى تتنازعها قضايا مختلفة قد يكون من الممكن حصرها فى اتجاهين أساسين الأول: الهمين: العام الذى يسود الوطن، والذاتى للشاعر وفى أحيان كثيرة يتداخل الهمان فى بعضهما البعض لحد التوحد ليصيرا هماً واحداً معاً فينطلق النص من الهم الذاتى والوجع النفسى ففى قصيدة غنا ممنوع يقول الشاعر: مدام خطيت بلاش ترجع انت اشتهيت السكة والمشاوير وانت اللى صورلك خيالك تتملى فى عينيها هى يا دوب نظرة ووقعت من فوق الفرس لا بقيت عنتر زمانك ولا استويت على عرش سلطانها ربما يلخص هذا المقطع مجمل القضايا المحورية التى تؤرق النص على مدى الاثنتين وعشرين قصيدة، على أن النصوص فى مجملها تدور بين قطبين رئيسين هما الشاعر والوطن يقول: بقيت شاعر درت بربابة وهى ولا سامعة ولا يتخلى محمد حسنى توفيق عن غنائيته فهو شاعر يميل إلى اللون الفنائى ويبدو أن هذا واضحاً فى القصائد المكتوبة فى قالب غنائى، كذلك تتسم مفردات محمد حسنى توفيق بالعفوية والبساطة ويحرص على الجرس الموسيقى ويبتعد عن الإغراق فى الصور، أيضاً القارئ للديوان يلاحظ تكرار لفظة الموت فى كثير من القصائد مثل كآبة - خيانة - شىء عادى جداً. يقول «ودخان السجاير بيرسم صورة صدرى بروتريهات بالفحم والنيكوتين للموت البطىء». أما الناقد عبدالعليم إسماعيل فأكد على أن الشاعر محمد حسنى توفيق استطاع أن يتجول بنا فى أماكن بالقاهرة وتحديداً الأماكن التى تحمل عبق التاريخ مثل القلعة وسور مجرى العيون والسيدة زينب ثم ربط هذه الأماكن بأخرى حديثة ومعاصرة مثل مصر الجديدة والتى لا يقصدها تحديداً بل يقصد المقارنة بين زمانين أو بين واقعين زمان يحمل قيماً و تاريخ وآخر نعيشه بين القهر والمعاناة. واستطاع توفيق أن يحفر لنفسه مجرى يخصه على مضمار شعر العامية المصرية حيث الخصوصية التى صفها لنفسه فكان له صوته الخاص أيضاً فقد قصائد الديوان بمثابة رفض للقهر وصرخة عالية فى وجه الظلم بما يضعه بين مصاف الشعراء المحرضين على فعل الثورة تحقيقاً لتقدم المجتمع ونهضته.