الهدوء يخيم على المكان.... والغرفة مظلمة... والوقت في ساعة متأخرة من الليل..... وشيماء لم تنم بعد....بقيت تتقلٌب في فراشها طوال الليل...... جفا النوم مرقدها وتركها للسٌهد والهواجس والذكر......تعالى صوت آذان الفجر من المسجد القريب من البيت يدعو للصلاة..... لقد تعوٌدت على السٌهر وانتظار الزوج الغائب .....انه يعمل ليلا نهارا من اجل اسعادهم ......عمله شاق يتطلٌب السفر دائما وابرام عقود ومشاريع في مجال الاعمال الحرة.....احيانا يتغيٌب اياما ويتركها لوحدتها......تجترٌ ماضيها وتعيش حاضرها لابنيها......لا ترى املا في الحياة الا من خلالهما............ انسحبت من فراشها ببطء وراحت تجول في البيت تفقدت توأمها ...امير و أميرة .....لم يتجاوزا بعد الثانية عشر .....كان امير ولدا جميل المنظر اشقر الشعر.....لون عينيه ما بين الزرقة والخضرة .....دقيق الانف .....مشاكس وعنيد اما اميرة فهي هادئة ورصينة وذكية .....بدت عليها علامات الانوثة صارخة .....جمالها آسر برشاقتها وعينيها العسليتين وشعرها المنساب كقطعة من حرير يسيل منها الذهب ....... نظرت اليهما طويلا بكل حب وعطف.....احكمت عليهما الغطاء وجذبت الستائر فالطقس بارد هذه الليلة ........ث م حرجت الى قاعة الجلوس وهي تلتفق بروبها الوثير واستلقت على الاريكة المريحة وغابت في دنيا الخيال ........في الماضي حيث تستقرٌ في اعماقها احداث تلك الليلة .............. الليلة التي لم تستطع ان تمحو ذكراها من خيالها رغم محاولاتها ......في كل مرة تنتابها حالة من الذهول عن واقعها لتعيش من جديد احداثها ...... فتتألم وتتعذب ....وتنهار أغمضت عينيها ....وتراءت لها الصور كشريط يمر امامها بكل التفاصيل الدقيقة.............. ليلتها كانت قد استأذنت من زوجها لتبيت في بيت اختها بمناسبة عيد ميلاد ابنها رامي الذي بلغ تسع سنوات......كانت تعد معها كل ما تتطلبه الحفلة من اعدادات ......وفي الليل حضر المدعوون وبدؤوا بالاحتفال والرقص والمرح على انغام الموسيقى الصاخبة.......وفجأة دخل زوج اختها ابر اهيم ومعه ضيف....بالغ الجميع في الاحتفاء به.......ما ان وقعت عيناها عليه حتى ارتجفت مفاصلها....وتسارعت دقات قلبها......وزاغت عيناها ولم تتمالك نفسها امام رجولته ووسامته.....خطف قلبها منذ الوهلة الاولى ......كان طويل القامة .....انيق في ملابسه ذو نظرة ثاقبة ....له عينان واسعتان ولونها غريب بين الزرقة والخضرة.......شعره ناعم واشقر....تقدم ابراهيم منها وقدمه لها .....هذا صديقي يوسف انه يعمل باوروبا...اغتنمت فرصة تواجده هنا ودعوته لزيارتنا........مدٌت يدها لتصافحة وقد حاولت اخفاء رعشة يدها وارتباكها......احتضنت يده يدها لدقائق شعرت فيها بدفء غريب....وكانها ذبذبات تسري في جسدها .....وكانه قد احتواها...........اطال يوسف قليلا في مسك يدها وهو يصوب نحوها نظراته الثاقبة وابتسم حين ارتبكت و جذبت يدها برفق وكانه قرا ما يختلج بصدرها من مشاعر الاعجاب ...... انشغل الجميع بالرقص والاكل وتقديم الهدايا......وقدم يوسف هدية ثمينة لرامي ولام رامي .....اختها فاطمة.....واعتذر لها لانه لا يعلم بحضورها.....ثم دعاها للرقص...........ترددت قليلا ثم قبلت كيف لها ان تقاوم اغراءه .....كانت كل نظرات النساء الموجودات تلاحقه ....اقترب منها ....خاصرها وامسك بيدها الاخرى .......ضمها قليلا الى صدره اثناء الرقص ارتبكت وكادت ان يغمى عليها حين لامست انفاسه خدها.....واشتمت رائحة عطره .......انتابتها حالة ذهول عما حولها.......همس في اذنها.......كم انت جميلة ورائعة .......يثيرني جمالك يا سيدتي اعتذرت منه بلطف وانسحبت من أحضانه مهرولة الى المطبخ.........ابتسم يوسف وقد تيقٌن انه أسرها...... رحل المدعوون ودخل رامي غرفته يفتح الهدايا وهو يكاد يطير من الفرح واقترح ابراهيم ان يواصلوا السهرة خارج البيت في مكان هادئ جميل حتفاء بصديقه يوسف ......وكانت هي رابعتهم.....استمتعت بوقت جميل معهم ......تطورت اثناء السهرة العلاقة بينها وبين يوسف حيث لامس يدها عدة مرات...كشفا عن حبهما دون تصريح......واحسٌ كل منهما برغبة جارفة تشدٌه للطرف الاخر.....وعند العودة الى البيت تمنٌت منى ان تكون انثاه وان يكون رجلها تلك الليلة....انساقت وراء عواطفها ....نسيت زوجها او هي تناسته......كانت علاقتها به يسودها الفتور والبرود....لم تشعر قط بمثل هذه الحالة من الاثارةرغم انها في سنتها الثانية من الزواج.....كانت رافضة لفكرة الانجاب منه خوفا من فشل زواجها لذلك استمرٌت في تناول حبوبا تمنع الحمل دون ان يعلم هو بذلك.................لا تريد ان تعيد تجربة امها القاسية فقد طلٌقها ابوها بعد ان انجبت منه خمسة اطفال وذاقت الويلات في تربيتهم بمفردها.......وسقاها المجتمع الوانا من العذاب.............انعكس ذلك على مزاجهم ودراستهم وتركيبة شخصيتهم هي واخواتها البنات الاربع.....كان يريد ولدا يحمل اسمه.....تركها من اجل الولد وتزوج باخرى فعاقبه الله بالبنات ايضا من الزوجة الثانية .........انهمرت دمعتان من عينيها وهي تذكر وفاة امها ومدى شقائها في هذه الحياة ومدى تضحيتها من اجلهن عادت مرة اخرى الى تلك الليلة......ليلة الخطيئة .....ليلة الحب.....ليلة كانت نتاحها توأمها امير واميرة .........لا احد يعلم بهذا السر الدفين حتى اقرب الناس اليها ....اختها فاطمة......... لازالت تذكر اجتماعها بيوسف في غرفتها وتلك الساعات القليلة التي استسلمت له فيها ......غابت عنها دنيا الحلال والحرام..... غابت عنها كل القيود ....عاشت معه لحظات انصهرت فيها روحاهما وذابا في جحيم من الشغف والرغبة..... سافر بعدها يوسف الى الخارج باحد الدول الاوروبية..........ولم تره بعد ذلك ابدا .......سافر دون ان يعلم انها حملت منه.........وانه ابو ابنيها............. أفاقت منى على صوت الباب وهو يفتح برفق.....كان زوجها .....سالها عن سبب نومها في قاعة الجلوس.....وأعاد جملته المعتادة.....ارجوك لا تنتظريني ولا تشعريني بالذنب ......انت تدركين جيدا ان عملي بلا مواعيد......ومضى الى غرفته لينام احست منى بمرارة الالم تنخر صدرها .....انه يعتقد انه الاب .....انها خائنة ......كان عليها ان تصارحه.......اما ان يقبل او فليطلقها ......حتى ترتاح من عذاب الضمير ويسكت هذا الصوت بداخلها الذي ما انفك ينغٌص عليها عيشها...... كادت ان تنهار وتبوح له بسرها ولكنها تراجعت في اخر لحظة......ماذا سيكون موقفه؟سيطلقها حتما .....كيف ستواجه الحياة والمجتمع......وبقيت في جحيم من الافكار والهواجس ........ ومرت الايام ومنى تعيش حالة التوتر النفسي ....... وذات يوم عاد زوجها باكرا وكان ثائرا وغاضبا والشرر يتطاير من عينيه.....وواجهها بالحقيقة التي حاولت اخفاءها سنوات طويلة......كيف تفعلين بي هذا ؟.....كيف تخدعينني كل هذه الفترة وانا من افنى عمره لاجلكم؟.....اليوم علمت بالصدفة عند اجرائي لبعض التحاليل من طبيبي اني عقيم .............لا انجب اطفالا.....مع من خنتيني ايتها .....انهال عليها ضربا وجرٌها من شعرها والقى بها خارجا...وهوفي حالة هيجان يسبٌ ويلعن اليوم الذي عرفها فيه.... .خرج الابناء من غرفتيها على الصراخ والبكاء.......وقبل ان ينطقا بكلمة دفعهما خارجا وهو يصيح الحقا بامكما.......لستما ابنائي واغلق الباب وبقي يبكي حظه التعيس وجدت نفسها فجاة في الشارع مع اطفالها ....بلا مأوى.....بلا مال......بلا امن بقيت حائرة تفكر .......ماذا ستفعل ؟ اين ستذهب؟.....كيف ستتصرف ....هل انهارت عائلتها .....هل انتهى كل شيء.......من اجل غلطة قامت بها في لحظة ضعف تحطمت حياتها وحياة ابنائها.......امسكت بيد ابنها وابنتها وسارت بهما في الطربق الى بيت اختها.......والدموع تنهمر غزيرة من عينيها .....لا تكاد ترى موضع قدمها........ستكون قوية .....ستواجه الناس ....ستبحث عن اب ابنيها .....لابد ان يعترف بهما ....لن تنهزم ستدفع ثمن الخطيئة ......ثمنها غال جدا .....ولكنها ام والامومة تصنع المستحيل