(لِيُخَفِّفْ ألَمَ البلاء عَنكَ عِلْمُكَ بأنه سُبْحانه المُبْلي لك، فالّذِي وَاجَهَتْكً منه الأقْدارُ، هو الذي عَوَّدَك حُسْنَ الاخْتِيَارِ). إذا أصابتك أيها الإنسان مصيبة، أو نزلت بك بلية في بدن أو أهل أو مال، فأذكر من أنزل ذلك عليك، وما هو متصف به من الرحمة والرأفة بك، والمحبة والعطف عليك، لعلك تفهم ما في طي ذلك من النعم، وما يعقبه من سوابغ الفضل والكرم، ولو لم يكن إلا تطهيرك من الذنوب، وتمحيصك من الغيوب، وتقريبك من حضرة علام الغيوب لكفى. فهل تعودت منه إلا الإحسان، وهل رأيت منه إلا غاية المبرة والامتنان، فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الاختيار، فالذي واجهتك منه أحكام قهره هو الذي عودك تمام إحسانه وبره، فالذي واجهتك منه ظواهر المحن هو الذي أسبغ عليك بواطن المنن، فالذي واجهتك من حضرة قهاريته الرزايا هو الذي أتحفك بأنواع الكرامات والهدايا. وقال في التنوير: وإنما يعينهم على حمل الأحكام فتح باب الأفهام. وإن شئت قلت: وإنما يقويهم على حمل البلايا واردات العطايا. وإن شئت قلت: وإنما يقويهم على حمل أقداره شهود حسن اختياره. وإن شئت قلت: وإنما يصبرهم على وجود حكمه علمهم بوجود علمه. وإن شئت قلت: إنما يصبرهم على أفعاله ظهوره عليهم بوجود إجماله. وإن شئت قلت: إنما صبرهم على القضاء علمهم بأن الصبر يورث الرضى. وإن شئت قلت: إنما صبرهم على الأقدار كشف الحجب والأستار. وإن شئت قلت: إنما صبرهم على أقداره علمهم بما أودع فيها من لطفه وإبراره اه.