استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه خلال ختام تعاملات الجمعة 25 أكتوبر    ميقاتي يصف مقتل 3 صحفيين في غارة إسرائيلية بلبنان ب "جريمة حرب"    الأمم المتحدة تسلط الضوء على محنة اللاجئين الفارين من لبنان إلى سوريا    حظر أهلاوي ومصير كهربا وجديد محتجزي الزمالك|نشرة الرياضة ½ اليوم 25-10-2024    جوارديولا يؤكد غياب رباعي مانشستر سيتي عن مواجهة ساوثهامبتون    تحذير من تقلبات جوية.. أمطار على شمال البلاد وانخفاض حاد في درجات الحرارة    غدا.. قصور الثقافة تطلق المرحلة الثالثة لورشة اعتماد المخرجين الجدد    موعد مباراة الأهلي المرتقبة أمام العين الإماراتي بكأس إنتركونتيننتال    الموتمر العام للحزب الديمقراطى يبدأ مناقشة القوائم المالية للتصويت عليها    أبرز أحكام الأسبوع| تأجيل محاكمة أحمد فتوح والحبس 3 سنوات للمتهمين في واقعة سحر مؤمن زكريا    وفد من معهد الدراسات الدبلوماسية يزور بروكسل    القاهرة الإخبارية: الجنائية الدولية تستبدل قاضيا رومانيا يدرس طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    صحفية لبنانية: إسرائيل تحاول منذ بداية الحرب أن تستهدف الصحفيين لتشويه الحقيقة    المؤتمر العالمي للسكان .. جلسة حوارية بعنوان «رأس المال البشري وصحة السكان»    بالصور.. المركز القومي للسينما يفتتح معرض بين الشاشة واللوحة    المؤتمر العالمي للتنمية البشرية| جلسة حوارية عن "رأس المال البشري وصحة السكان"    مشكلة خفية تسبب الإصابة بالنوبة القلبية- احذر الأعراض    حمادة هلال وتامر حسني أول الحاضرين جنازة والدة أحمد عصام في مسجد الشرطة    "سوهاج" على الخريطة السياحية المصرية.. كنوز أثرية تمثل مختلف العصور    محمود حميدة: «تكريمي في مهرجان الجونة خلاني أعرف قيمتي عند الناس»    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    المفتي ووزير الأوقاف يقدمان التهنئة لأبناء السويس في العيد القومي    أم إبراهيم.. 5 سنين بتأكل زوار إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ: كله لوجه الله    الكشف على 327 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بعزبة الأقباط بمنوف    هيئة الدواء المصرية تصدر قرارا بضبط وتحريز كريم مشهور لعلاج الحروق    بدء المؤتمر العام للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.. صور    المحطات النووية تعلن انتهاء تركيب المستوى الأول لمبنى المفاعل بالوحدة الثانية    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    هل يحاسب الرجل على تقصير أهل بيته في العبادة؟.. رأي الشرع    بعد انخفاضه.. ماذا حدث لسعر الذهب اليوم في مصر بمنتصف التعاملات؟    إيد واحدة.. حملات للتحالف الوطني لطرق أبواب الأسر الأولى بالرعاية بالبحيرة.. وجبات ساخنة للفئات الأكثر احتياجا ودفع مصاريف المدارس للأيتام    افتتاح مسجد الرحمن بمنطقة "ابن بيتك" شرق النيل ببني سويف    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد مخر السيل وبحيرات التجميع استعدادا لموسم الأمطار    الإثنين.. مجلس الشيوخ يناقش مد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية    المركز القومي للسينما يفتتح معرض "بين الشاشة واللوحة".. صور    وزير الري: إعداد خطة عاجلة لضمان مرور الموسم الشتوي بدون أزمات    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    صحة غزة تعلن مقتل 38 شخصا في قصف إسرائيلي على خان يونس    أسعار البيض المستورد في منافذ وزارة التموين.. ضخ 10 آلاف طبق أسبوعيا    مركز الأزهر العالمي للفتوى: الإخلاص في العمل يغير الإنسان والمجتمع    أستاذ علوم سياسية: الجهود المصرية خارج التقييم وتصورات الرئيس تأخذ في عين الاعتبار    خبير: المواطن الأمريكي يشتكي لأول مرة من ارتفاع تكاليف المعيشة    خلال 24 ساعة.. تحرير 617 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    ضبط 337 قضية مخدرات و271 قطعة سلاح ناري وتنفيذ 84730 حكما قضائيا متنوعا    المشاط توقع مذكرة تفاهم لتجديد البرنامج القطري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD    القبض على عصابة تزوير المحررات الرسمية بالبحيرة    حبس المتهم بإشعال النيران بمخزن والده لطرده من المنزل في الشرقية    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    بالصور - محافظ أسيوط يتفقد محطة رفع صرف صحي المراغي    قرار جمهوري هام ورسائل حاسمة من السيسي بشأن صندوق النقد الدولي وأزمات المياه والبطالة    صباحك أوروبي.. استياء مورينيو.. ثورة في برشلونة.. وتطورات صراع باريس ومبابي    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    مريم الخشت تعلق على أول ظهور لها مع زوجها بمهرجان الجونة بعد زفافهما    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    أول تعليق من كهربا بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري.. كنت معاكم بروحي    إمام عاشور وسط أفراح السوبر: أنا نيجيري مش مصري!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوقفوا هذا العالم! أريد أن أنزل!
نشر في شموس يوم 19 - 10 - 2019

كثيرة هي المواقف التي نواجهها في حياتنا اليومية ، في الوظيفة وفي المجتمع وفي المدرسة وفي الشارع وفي كل مكان تقريبا من حياتنا المعاصرة .
العالم اليوم مثقل بالهموم والأوجاع . نحن بالأساس في حالة حصار دائم لا حالة تحد .
في أواسط الستينات من القرن العشرين ، عرض في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مسرحية موسيقية بلغت من الشهرة والنجاح الساحق أن استمر عرضها على المسرح الأوروبي والأمريكي لعدة سنوات . كانت المسرحية بعنوان: ” أوقفوا هذا العالم! أريد أن أنزل!” .
تروي المسرحية حكاية بطل قرف من الحياة على الأرض ويئس من مقارعة التحديات وأراد أن يغادر الأرض التي وضع فيها مرغما . يركز العرض على ليتل تشاب من لحظة ولادته وحتى وفاته . في كل مرة يحدث شيء غير مُرض ، ينادي “أوقف العالم!” و يخاطب الجمهور. بعد ولادته وذهابه إلى المدرسة وإيجاد عمل لنادل يقدم الشاي كان أول خطوة رئيسية قام بها هو محاولة تحسين وضعه الاجتماعي و الزواج من ابنة رئيسه إيفي الذي أرغمها على الزواج . صار ليتل تشاب مثقل بمسؤوليات الأسرة فتم منحه وظيفة في مصنع والد زوجته . ثم يرزق بابنتين هما سوزان وجين لكنهما يتوقان للحصول على طفل ذكر . ويشعر باستياء
متزايد من وجوده في هذا الكوكب وهذا قاده إلى أحضان العديد من النساء في رحلاته التجارية حيث المسؤول الروسي أنيا ومدرسة إيلس الألمانية ومغني الملهى الأمريكي جيني وهو يبحث عن شيء أفضل مما لديه . يصبح غنيا وناجحا وينتخب للمناصب العامة . فقط في سن الشيخوخة يدرك أن ما كان يتمتع به دائمًا حب زوجته كان أكثر من كاف لإعطائه . لكن عمه إيفى يلتحق بالرفيق الأعلى ، ثم يتصالح ليتل تشاب مع أنانيه أثناء كتابة مذكراته. في لحظة وفاته ، يراقب ابنته الثانية تلد ابنا ذكرا .وعندما يكون الصبي على وشك الموت ، يتدخل ليتل تشاب ويسمح للموت بأن يأخذه بدلاً منه . ثم يمزج وفاته بولادته ، ويبدأ دورة الحياة مرة أخرى.
يهرول ركاب هذه الكرة السابحة في هذا الفلك اللامتناهي نحو القتل والموت والجشع والأنانية وينسون أنفسهم حتى الثمالة . هل يمتلكون القدرة على نطق هذه العبارة ؟ هل يستطيعون إيقاف المركبة الأرضية والنزول منها أو الاستقالة منها والهرب بعيدا . لقد جلب حكيم المعرة هذه الصورة الجميلة قبل ألف عام حين قال :
وهل يأبق الإنسان من ملك ربه…
فيهرب من أرض له وسماء …؟
وحيث أن الإنسان لا يستطيع النزول من هذه المركبة السابحة في الكون الواسع فليس أمامه إلا الوقوف مرغما أمام تحديات الحياة والعصر . المأساة تسحق هذا الإنسان في لعبة ليس لها نهاية . وكلما أتى جيل تمرد على الجيل الذي قبله وادعى امتلاك الفهم وحق الحياة على حساب الغير .
لم يكن صراع القوى العالمية في يوم من الأيام أشرس مما هو عليه الآن بالقوى والوسائل والمدى . إننا نعيش في عصر الرعب على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب ، عصر الانفلات القيمي والأخلاقي . إنه عصر سحق الأضعف حتى العظم . ربما يخرج علينا من يقول أن الحياة كلها صراع بين القوي والضعيف وتاريخ البشرية مليء بالأظفار والأنياب والضحايا . صحيح أن داروين سماها ” تنازع البقاء ” وسماها ماركس ” صراع الطبقات ” وسماها توينبي ” نظرية التحدي” . لكن هذا العصر لا يشبه غيره من العصور . إنه ” عصر الفاجعة ” بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
الفارق بين هذا العصر والعصور السابقة ليس في نوع الصراع وإنما في شكل الصراع وفي القوى الشريرة والوسائل الشيطانية التي تستخدمها القوى العالمية في
تحريك الشعوب وحمايتها وتقديمها للذبح عن بكرة أبيها في طاحونة الموت الصادمة لكل ذي حلم على البسيطة .
قد يصنفني البعض من المتشائمين . لكنني بالتأكيد لست كذلك ولن أكون .
ولست ممكن يحبون اللون الأسود وأكره التجهم ويفترسني القنوط واليأس فأهرب منه دائما أوزع الطاقة الإيجابية حيث أكون .
قبلي سأل هاملت وظهره مستند إلى الحائط :” أنكون أو لا نكون تلك هي المسألة؟” إنه التحدي الكبير نفسه الذي نعيشه اليوم في عرس القرن الحادي والعشرين .
عرس القرن الحادي والعشرين أبطاله الشعوب الفقيرة وخاصة المسلمين . يشكل المسلمون خمس سكان الكوكب ويمتلكون أفضل مقومات للحياة الروحية والمادية . يمتلك المسلمون الدنيا والآخرة ورغم ذلك استطاع الشياطين أن يزرعوا الفتنة والتخلف والخلاف والبغضاء بينهم بحيث لا يستطيعون منها فكاكا . يعاني المسلمون من الخلافات المذهبية والطائفية والعرقية والسياسية والاقتصادية واللغوية والجغرافية ويبدو أنهم حتى الآن لا يمتلكون خطة علمية إسلامية تنقذهم من حمامات الدم التي يغرقون فيها . ويعانون أيضا من مشكلة كبرى جعلتهم أيتام العصر بلا منازع فهم :
مجتمعات متخلفة كثيفة العدد مفككة البنية غارقة في التكاثر وما تمليه التقاليد .
مجتمعات إنتاجيتها محدودة وطاقتها مبعثرة وأموال نفطها منهوبة .
مجتمعات تكويناتها الثقافية بطيئة الإيقاع صعبة المراس والقيادة .
مجتمعات لا زالت تعيش هاجس خطر الآخر فتسعى لإبادته عن بكرة أبيه .
وإذا كان المسلمون يعيشون طفرة الفوضى والتفتت والتشكيك بالذات وبالآخر فإن الغرب والقوى العالمية الشيطانية تستغل كل هنة في حياة المسلمين لخلق مشكلة وتأجيج صراع . ويتناسون رسالة الخالق جلّ وعلا حين يقول في كتابه العزيز :” ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر.كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون .كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم.”
أولى التحديات في العالم الإسلامي هي أخر التحديات وثاني التحديات هي الثورة الرقمية الجديدة والثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها . ويل للسكونيين ! ثم ويل للسكونيين ! وويل لمن يأخذ الحوار البيزنطي شريعة وطريقة في الحياة !
في القرن الحالي نحن محط رهان عالمي في أن نكون أو لا نكون في أن نمتلك الوعي والرحمة والتسامح أو نستمر في قافلة البؤس والتشدد والكراهية والعصبية القبلية . وفي حال لم نتعلم الدرس وما يجري حولنا سنساق جميعا إلى سوق النخاسة في عصر العبيد الثاني الذي لا يشبه غيره في البؤس والمظلومية . وليس أمامنا أن نصيح بأعلى صوتنا : ” أوقفوا هذا العالم ، نريد النزول ” . ليس أمنامنا إلا الخروج من الحصار أو مواجهة الموت تحت سنابك القوى العالمية وما من أحد يستطيع الهرب.
فهل من مجيب…لوامعتصماه ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.