فاجأها المخاض، شدّت وثاقها إلى جذع زيتون قالت : يا أيّها الجسد المسجّى فجّر في الدّروب رؤيا الأنبياء في القلب مضاضة و مضغة الرّوح تتخبّط في رحم الحياة. مرّ بها قوم، احتبس الحِبر في دواتهم فخرّوا صراعا فوق بلاط الملوك قالوا: أطلقي صرختك .. لنبارك لك المولود و نعمّد روحه بما تيسّر من ذكرنا فقولنا مسطور في لوح منقوش مطرّز في سِفْر السّجاجيد الحمر وفي جرار عليَة القوم مرتهن و محفوظ. قالت: حبّات الزّيتون قد نشف زيتها و المشكاة ضريرة و خنجر الجوع مشحوذ تيبّست السّواقي إلاّ من حزمة ضريع لا تسمن و لا تُغني من جوع و حرقة الجدب تستنزف في الأرحام نطفة الحقّ وضلع الضّوء في الدّرب مفجوع قالوا : أطلقي صرختك ... الحقّ مقسوم قالت و ارتعاشة الطّين تتهجّى صبرها المعلوم: الصّرخة و ما ابتلاها و أجراس الصّمت و ما تلاها و جمع من الخنّاس إذ وافاها بتهليل و تصفيق قد زكّاها و وابل من القمع إذ يغشاها فأحرقت الرّوح و تقواها و عند مصبّ الخيانة أعلنت عرّابة الإفك فجورها و مرساها... و ما إن أنهت تراتيل الدّمع اشتدّ بها مخاض الوجع تيبّست مضغة الرّوح مات الجنين ... حَزم الوطن أطراف أصابعه و دواة قُدّت من بواقي أحلامه الظّامئة و قرّر الرّحيل في هجعة الرّبيع أين مسقَط الماء. بقلم يسر فوزي .... تونس (سماح دمّق فوزي)