بصفتى من سكان ميدان رابعة العدوية الذين تضرروا وشهدوا اهوال الاعتصام ، و دمار منطقة تعد اول منطقة تستقبل زوار مصر فور قدومهم من مطار القاهرة ، واخر ما يشاهده المغادر لها و قد سعدت بتطوير هذه المنطقة وعودتنا الى الحياة الآدمية فى اعقاب ثورة 30 يونيو المجيدة -على يد رجال القوات المسلحة المصرية حماها الله وسدد خطاها- التى كان مثقفى مصر وانا معهم شرارتها الأولى ، وزادت سعادتى بالتطوير الهائل الذى شهدته منطقة استاد القاهرة فى وقت قياسى يحسب للقيادة المصرية الصلبة التى تحملت عبء اظهار مصر فى ابهى صورها امام العالم فى ظل ظروف اقتصادية صعبة ؛ ولكن ما كنت انتظره فى حدث ضخم مثل استضافة بطولة كأس الامم الإفريقية هو تسويق عالمى ثقافى وسياحى واعلامى و اعلانى أيضاً. فنحن لم نشاهد مع اعلانات التشجيع اى ترويج لتاريخ مصر وحضاراتها ومعالمها السياحية والترفيهية لكى تستثمر جيداً فى هذا الحدث الضخم الذى لن يتكرر الا بعد سنوات طويلة قادمة؛ فأضعنا الفرصة لاحداث ضغط دولى لمنع بيع رأس توت عنخ امون فى مزاد صالة كريستيز ، ولم تتبنى اى من الشركات المعلنة الترويج للمتحف المصرى الكبير الذى اوشك على الافتتاح ؛ ولم نشاهد عداد الوقت الذى يبدأ فى العد التنازلى لافتتاح المتحف على الشاشات فى الملاعب التى يرقبها العالم بأسره ؛ كنت انتظر اكشاك لبيع التذكارات المصرية المصنوعة بأيدى المصريين ، كنت انتظر ان اشاهد اعلام مصرية من صنع شباب مصر بل كان الحدث رواج للصناعة الصينية للأعلام المصرية والقباعات وجميع وسائل التشجيع ، باختصار شديد وجدنا ان الصين استعدت للحدث ثقافيا اكثر من المصريين انفسهم . بينما كان الأولى بهذه الأرباح من صناعة وبيع الاعلام المصرية آلاف الأسر المصرية الغارمة واصحاب مشروعات الصناعات الصغيرة و متناهية الصغر فقط ما كنت انتظره هو طفرة فى الترويج الثقافى لمصر لتدشين مرحلة جديدة تحسب لنا فى التسويق الثقافى و إعادة للسياحة الثقافية ، و إعادة لمكانة الصناعات الثقافية المصرية التى اندثرت فى ظل الغزو الصينى لها. كنت انتظر ان أشاهد مؤشرات اعداد السياح القادمين الى مصر فى ذروة موسم سياحة الشواطئ و عدد الإتفاقيات السياحية التى أبرمت مع الدول المشاركة شاملة عروض مذهلة للسفر والإقامة فى مصر ، و اعتقد ان اﻻمر ليس بالمستحيل فمعظم شباب مصر يعمل بالتسويق العقارى وعروض مشاركة الوقت ، ولو اتيحت لهم الفرصة فقط لاستطاعوا احداث طفرة كبيرة فى هذا المجال اذا تم الاستعداد الجيد لذلك بصورة مسبقة. باختصار شديد جاءت نتيجة خروج مصر من كأس الامم الافريقية كضربة اولى فى الرأس ، فاستقال القائمون على اتحاد الكرة وتمت اقالة المدربين وكل من شارك فى الخسارة وتضييع الفرصة على مصر. بينما جاءت الضربة الثانية فى الإخفاق فى الترويج الجيد لمصر ومتاحفها وثقافتها وصناعاتها الحرفية فهل يجرؤ المسئولون عن ذلك على الإعتراف بالإخفاق وتضييع هذه الفرصة ؟ وهل سيهتم المسئولين فى مصر بدراسة بيان المثقفين الذى صدر منذ ايام بتوقيع ما يقرب من 370 مثقف وكاتب و فنان متبنيا خطة للنهوض بالمتاحف المصرية باعتبارها البوابة الرسمية للثقافة المصرية؟