زمان واحنا زغار في ضيعتنا, كنّا نلعب ونمرح, وما ببالنا شي يشغلنا, وكانت جدّتنا, تنادي علينا, تلمنا حواليها, وتقعدنا,وتحكيلنا حكايتنا, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, ولما كبرنا,ووعينا, واتفتّحت عينينا, اتذكّرنا حكاية جدّتنا, وفهمنا إنّا, تيتّمنا, وتهجّرنا, وتشرّدنا, وعرفنا إنّا, بعدنا عن, وطننا وموطننا, زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, الوعد المشؤوم, والعقد المبروم, وكَذَّبُوا علينا كِذبة في سبعة واربعين, وقالولنا لازم ترضوا بالمقسوم, ومؤتمر السّلام, كلام في كلام, ما راح نفرجيكوا عليه غير بالأفلام, زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, الدّرة وأبو عمَّار, الرنتيسي وأيّام الحصار, وللاّ المعابر وجدار العار, ستّنا امْ مَحَمَّد, وامْ جلالْ, وزَيْنَبْ, وريم, ودلالْ, ما فيك تقول عنهم إلا رِجَّالْ, ما بيخشوا عدو, ولا يخافوا قتالْ, وأسماء اكتيري, نسآءها أبطالْ, زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, الضّفة, والقدس, والقطاعْ, بين اللّي خافْ, واللّي خانْ, واللّي باعْ, وطن اتنَسَى وضاعْ, قلب اتملى أوجاعْ, وأنا زي ما أنا, أنام وأصحى على جروحي, أموت وأحيا وما بتطلع روحي, وعم دوّر عنّك يا وطني الغالي, ما لقيتك غير في خيالي, زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, ما كنّا نِسأَل عن أهلنا وجيراننا, لأنّهم فهمونا إنو بعيلتنا ما في حَدَنْ غيرنا, وفي حكاية لجدتنا اكتشفنا, أهالينا, ومواطننا, وأراضينا, وعرفنا إن لينا اخواتنا في مغربنا, وعلمنا مرفوع يرفرف في جزايرنا, بأحلى أنشودة لزغرودة حرايرنا, وامّنا تسقينا, ومن نِيلها تورينا, وبحنانها ودفئها, في شامنا تغطّينا, واتْعَلّمنا إن دمتعنا, لو نزلت من عينينا, فُراتنا يمسحها, ودجلتنا تواسينا, زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا, الأرض؛ الأرض كيف بتتسقي وتِشرب المَيْ, غصن الزيتون؛ غصن الزّيتون, كيف بيكبر ويشتد, بعد ما كان طريْ, القنديل؛ القنديل, كيف ينوَّر ويضوّي ضَيْ, مفتاح كبير, وفارس راكب جواد يطير, يشق البحر, ويجتاح القطاع, يتوضا بالخان, ويأذّن بالخليل, ويقيم الصّلا في بيت لحم, ويصلي الفجر بالقدسْ, والظّهر برام الله, والعصر بنابلسْ, والمغرب بجنينْ, والعِشا بالجليلْ, ويقرا الفاتحة بقبر صلاح الدّين, ويكبّر بأعلى صوتو ويقول: عاشَتْ عاشَتْ عاشَتْ فلسطين وهلاّ عم بنحكي حكايتنا ونفهمّها لأولادنا وأحفادنا, مشان ما يجي يوم ويقولوا: زمان كانت جدّتنا تحكيلنا إشيا كتيري, بس واحنا زغار؛ ما استوعبنا, وما فهمنا, وما وعينا.