أرجوا لمن يقرأ هذا المقال أن يتمهل فى الحكم على محتواه ؛؛ ولا يتهمنى أنى من أعضاء الثورة المضادة ؛؛ وأن يتسع صدره لما يقرأهُ ؛؛ فالأيام لا تستقر على حال ؛؛ وكما قالوا سابقاً ( دوام الحال م المحال ) 0 وسوف أسألكم سؤالاً ؛؛ لو كان والدكم ليس أبّاً حنوناً ؛؛ ولا يصرف عليكم ؛؛ وكان يشرب الخمر ؛؛ ويعيش لشهواته ؛؛ ولا ينظر لشىء سوى نفسه ؛؛ ترككم وسط أمواج الحياة المتلاطمة ؛؛ ولم يقم بواجباته نحوكم كما يجب ؛؛ ثم دارت عليه الأيام ؛؛ وتقدمت بهِ السنون ؛؛ وأنقلب من كان معه عليه ؛؛ وتكالبت عليه كافة الظروف ؛؛ وأراد الله أن ينتقم منه أو يتوب عليه ؛؛ فالله أعلم بحكمته من كل ماحدث ؛؛ فربما أراد الله له التوبة قبل الموت ؛؛ وأن يعطيهِ درساً أن الملك هو لصاحب الملك لا يدوم لأحد من عباده 0 ماذا لوحدث كل هذا لوالدك ثم لجأ إليك وهو فى أضعف حالاته ؛؛ وطلب منك أن تقف بجواره ولا تقسوا عليه ؛؛ وأن تتذكر له حسناته القليلة معك ؛؛ ماذا ستفعل معه ؟!! وحسنى مبارك كأى شخص آخر ؛؛ أخطأ فى حق وطنهِ وفى حق مواطنيهِ ؛؛ إلتفت حوله البطانة الفاسدة فأفسدوه وأفسدوا حكمه ؛؛ وهذه البطانة الآن تحاسب ومعها نجليه 0 ليست صفحة حسنى مبارك كلها سوداء ومليئة بالذنوب ؛؛ فمن يتذكر مصر أوائل الثمانينات وهى بداية فترة عهده ؛؛ سيتذكر معى أن المواطن لكى يشترى ثلاجة يجب أن يحجزها ويدفع ثمنها قبل إستلامها بسنتين على الأقل ؛؛ وسيتذكر أنك لكى تشترى دجاجة مجمّدة يجب أن تقف فى طابور الجمعية لعدة ساعات متواصلة ؛؛ وكان لا يوجد مساكن تبنى إلا القليل ؛؛ ولا توجد بنية تحتية ومياه المجارى منتشرة فى كثير من شوارع مصر ؛؛ وشبكات الطرق بين المدن وداخلها محدودة وسيئة ؛؛ وكذلك المطارات والسكك الحديدية ؛؛ وكان خط الصعيد يتكون من شريط واحد يمشى عليه قطار وينتظره الآخر؛؛ وأن الرابسو وصابون الغسيل كان يسلّم مع التموين ؛؛ ولا توجد إستثمارات كبيرة بمعنى الكلمة ؛؛ ولا توجد هذه المجموعة من المدن الجديدة ؛؛ المنتشرة فى كافة المحافظات 0 وقارنوا بين ماذكرته لكم وما يوجد الآن ؛؛ لأننا نختلف مع مبارك على أن ماحدث خلال الثلاثون عاماً من إنجازات فى عهده قليلاً بالمقارنة بموارد مصر الطبيعية والبشرية ؛؛ ونختلف معه حول مجموعة المفسدين الذين ألتفوا حوله فى الخمسة عشر عاماً الأخيرة من حكمه ؛؛ وعلى إستخدامه لقانون الطوارىء طوال حكمه ؛؛ وعلى أنه لم يستمع لصوت شعبه وسلّم الراية بكل سهولة لإبنهِ المتهوّر ؛؛ والذى تعامل مع مصر كأنها عزبة ورثها عن والده ؛؛ فبدأ يجزئها ويوزعها على من يرغب من أصدقائهِ ومعارفه 0 وإن كان الله يغفر الذنوب والخطايا مهما بلغ حجمها ؛؛ فما ظنّكم بعباده ؛؛ لن يعيش مبارك عمراً مثلما عاش ؛؛ ولن يرى عزاً وسلطاناً مثلما رأى ؛؛ ولا أحد يعلم الآن ما بينه وبين ربهِ ؛؛ فقد يغفر الله له وقد لا يغفر ؛؛ وهذا يعود إلى ما فى داخل قلبه وصدق نواياه ؛؛ ولكنى أذكركم بكلمات أمرنا بها إسلامنا ( العفو عند المقدرة ) خصوصاً أن السجن المادى لمبارك لن يجدى بشىء الآن وهو على هذه الحالة ؛؛ لأن السجن المعنوى الذى هو بداخله أقوى وقد يودى بحياته ؛؛ فلا تعملوا على إذلاله أكثر من ذلك 0