أما آن لنا أن نرى نهاية حقيقية لمدرسة الفوتوشوب التي كان يديرها رموز النظام الغابر ؟ فلا تلهينا محاكمة الطغمة المفسدة الظالمة التي عاشت على معاناة الشعب وسرقت أمواله وقتلت خيرة أبنائه عن فريق آخر لا يقل خطرا .. أولئك الذين ساهموا في تضليل الشعب وتغييب وعيه وإفقاده الثقة بكل شئ مقابل رواتب فلكية يدفعها المواطن المصري من جيبه ؟ إنهم حملة المباخر من درجة الدكتوراه ؟! ومن ملفات الأهرام أستشهد بآراء الدكتور عبد المنعم سعيد صاحب أحدث مدرسة ظهرت في التضليل الصحفي في الآونة الأخيرة و التي سخرها للدفاع عن النظام المخلوع لآخر لحظة ولكنه اليوم يقف منظرا للثورة المصرية العظيمة ومنافحا عنها ؟ " خير الخطائين التوابون " هل تراجع الدكتور عبد المنعم ؟ يجب أن يعتذر من الشعب المصري العظيم وله عما مارسه ضده مدفوعا أو مجبرا ؟ هنا تأتي مسألة الضمير .. ضمير الإنسان.. الضمير المهني .. و مدى الاحترام الذي نكنه لأنفسنا يعكس مدى احترامنا لأهلنا ووطننا ؟! تحدث الدكتور عبد المنعم سعيد في " قضايا ما بعد الانتخابات 25/12/2010 م " معقبا على نتائج انتخابات المجالس النيابية الأخيرة التي بات معروفا للقاصي والداني أنها كانت بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام المخلوع ومع ذلك يتحدى مشاعر المصريين بقوله : أتمنى أن يثبت لي أحد بالدليل والبرهان تزوير الانتخابات ؟ وأرجع اكتساح الحزب الوطني لفشل أحزاب المعارضة في إدارة المعركة الانتخابية ومع أنه استشهد بوصول العدد الإجمالي للطعون الانتخابية في صحة عضوية النواب الفائزين بالانتخابات إلي1150 طعنا حتى تاريخ كتابة المقالة غير أنه قدم استدلاله على نزاهة العملية الانتخابية بما وصفه حالة من التفكير الجماعي التي ترفض رؤية الفجر عند ظهوره ! وهذه الحالة التي يعتبرها عمىً يعزو إليها رؤية البعض مصر بحرا جافا لا ماء فيه ؟! وفي " مشهد المعارضة السياسية 27/12/ 2010 م " يستشهد ضد ما أثير حول الحزب الوطني واعتبره حملات منظمة تنتقد سياسات الحزب بما وصفه بالحجج التي أوردها بجريدة الأهرام المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب المحبوس حاليا ثم ينبرم منتقداً أحزاب المعارضة والإخوان لأنهم وصفوا عصر مبارك بأسوأ العصور التي عرفتها المحروسة وعيّر الأحزاب بأنها لم تظهر أي فاعلية تذكر في الانتخابات النيابية السابقة بسبب الخلافات التي بدأت تستعر بداخلها ؟ وفي " مشروع العقد القادم 01/01/2011 م " بشرنا أننا على أبواب الموجة الرابعة من الإصلاح الاقتصادي ولم يكتف برفض ما وصفه بادعاء الدكتور محمد البرادعي في صحيفة الواشنطن بوست بأنه يستعد لحالة من الانفجار المدوي في مصر بل استخف بجماعة من الكتاب وصفهم بالقلة الذين أوردوا الكثير من الأرقام والمقارنات بين مصر و الدول الأخرى التي تدل علي دوام التخلف واستقرار الفقر في مصر واستدل بما وصفه بالإيجابيات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة التي أنجزها الحزب الوطني في الواقع المصري وقال : أخذ الإصلاح شكل موجات بالقدر الذي تستطيع مصر تحمله ؟! مدعيا أن موجات الإصلاح الاقتصادي كانت تواكبها موجات أخري للإصلاح السياسي ومن بين الأرقام التي سردها واعتبرها انجازاً يحسب لحكومة نظيف زيادة حجم الناتج المحلي بنحو تريليون جنيه مصري خلال العامين 2008م / 2009م وهو ما لم يحدث مثيل له في تاريخ مصر المعاصر. وفي " موجة ضرورية للإصلاح السياسي 8/1/2011 " استعرض ما وصفه الموجة الثانية من الإصلاح السياسي والدستوري والتي تمت حسب كلامه في عهد الرئيس مبارك المخلوع حينما طلب في26 فبراير2005م استنادا إلي حكم المادة 189 تعديل المادة 76 من الدستور وإضافة مادة جديدة إلي نصوصه , ليكون انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر وهو ما اعتبره فقهاء الدستور أسوأ مادة في تاريخ الدساتير ومن جملة ما أورده للاستدلال على الإصلاح السياسي والدستوري في مصر طلب الرئيس مبارك المخلوع في26 ديسمبر2006 م من مجلسي الشعب والشوري إجراء تعديل في34 مادة ؟ وما وصفه بالحالة التونسية في " مأزق الدولة العربية المعاصرة 17/01/2011 " سعى جاهدة لإقامة مقارنة بين ما يحدث في تونس و ما جرى للعراق معتبرا أن نتيجة التجربة معروفة سلفا بمعيار مشاهدات العراق ويقصد هنا فشل المعارضة بعد انهيار النظام في إدارة أمور الدولة واستدل بما اعتبره شواهد ساعات ما بعد الرحيل التي كانت منذرة حسب وصفه بأن ما سيأتي لن يكون أقل شرا مما راح ؟! ثم راح يقيم مقارنة أخرى ما بين تونس ومصر فيقول : الكتلة الحرجة من المصريين تختلف اختلافا بينا عن الكتلة الحرجة من التونسيين , ولا غادرتها الحكمة بعد ! بحيث تترك مكانا دون أن تعرف المكان الذي سوف تذهب إليه ثم يسوق ما يعتبره فارقا حقيقيا ما بين مصر وتونس فيقول : إن مصر فيها من المؤسسات والأجهزة من تدرك الظروف وتعرف المسألة , وتقدر العلاقة بين نمو و اتساع الطبقة الوسطي والإصلاح الاقتصادي والسياسي , بأكثر مما وعت نخبة تونس ؟! و يكمل مستخفا مما سبق وصرح به الدكتور محمد البرادعي في " ثم ماذا بعد 22/01/2011 " بشرنا البرادعي بأنه لن ينتهي العام الراهن 2010 م دون تغيير للنظام الحاكم في مصر وانتهي العام دون أن تتحقق النبوءة ؟ وأرجع عدم إمكانية تكرار السيناريو التونسي في مصر لعدة اعتبارات. أولها ديموغرافية , فعدد سكان تونس10 ملايين نسمة في حين أن عدد سكان مصر84 مليون نسمة , قد تشعر شريحة منهم بالغضب تجاه النظام السياسي, ولكن الغالبية لأسباب شتي تشعر أن هذا النظام يحميها من المغامرات الخارجية المنتشرة بين تيارات المعارضة , وثانيها جغرافية , تتعلق باتساع الرقعة الجغرافية لمصر بعكس تونس وثالثها مجتمعية , فما حدث في تونس من انتفاضة ضد رئيس الدولة قادتها الطبقة الوسطي التي تعرضت أحوالها للتدهور بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية , ولم تكن ثورة للجوعي كما برز في وسائل الإعلام , في حين أن الطبقة الوسطي في مصر مازالت هي رمانة الميزان وتمثل حوالي62% من المجتمع المصري , ومن ثم فليس لديها مبررات قوية للخروج علي النظام العام. و رابعها سياسية , فعلي مدار ربع قرن لم تشهد تونس وسائل للتعبير الحر في حين أن مصر تشهد منذ سبع سنوات حركات احتجاجية كثيرة بعضها ذات طابع سياسي وبعضها الآخر ذات طابع فئوي يغلب عليه المطلب الاقتصادي الاجتماعي . فضلا عن ذلك , تشهد مصر حرية واسعة في الإعلام من خلال قنوات خاصة وصحف معارضة ومدونات إلكترونية , وخامسها أن الشعب المصري يعرف تماما الخبرة التاريخية للثورة والتغيير و الدرس الأكيد لها هو أن القضية ليست فقط حدوث التغيير الكامل أو الثورة وإنما ما الذي يأتي بعدها , والمشروع الذي يتمخض عنها سواء علي المدي القصير أو البعيد وفي " في شأن الذي جرى للمحروسة 31 يناير 2011 " يستغرب لاندلاع الثورة بالرغم مما اعتبره أسباب تفاؤل سادت الحالة المصرية منها تصميم الدكتور نظيف في مؤتمر صحفي على رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل 8% وعلى الجانب السياسي كان مبعث تفاؤله هو القبض على مرتكبي حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية بعد ذلك تبين أنهم أبرياء وأن الداخلية هي التي دبرت الحادث و يعتبر الوحدة الوطنية التي تجلت بين المسلمين والمسيحيين إثر الحادث أحد أهم أسباب التفاؤل التي كانت يجب أن تحول دون اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير 2011م ثم يأخذ على عاتقه مسئولية الحديث نيابة عن الغالبية العظمى من المصريين فيقول : إن غالبية المصريين كانت تظن أن ما لدينا من تقدم اقتصادي وانفتاح إعلامي ونظام سياسي يكفي وزيادة للتطور التدريجي ؟! ثم يتطاول على من أشعلوا فتيل الثورة قائلا : بينما كانت الدعوة للمظاهرات من الأمور التي يمكن تفهمها علي ضوء دعوات سابقة لمناصرة الفريق القومي لكرة القدم !! ودعوات جماعات فئوية لديها ما يضنيها من مطالب , إلا أن اختيار التاريخ بدا غريبا وعاكسا لجهل بالتاريخ الوطني لمصر ؟! ينتهي كلامه ويبقى القول بأن التاريخ نفسه سوف يشهد على الجاهل بحقيقة هذا الشعب العظيم ؟ هيثم عبد الحميد [email protected]