عاجل - هجمات انتحارية تسفر عن مقتل 18 شخصًا.. ماذا يحدث في نيجيريا؟    محمد كمونة: هدف الاتحاد السكندري صحيح 100%.. وعلينا تعيين حكام خبرة على تقنية ال VAR    "لو تجاري".. اعرف موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2024    "أبو الغيط": مبارك رفض التصدي للاتصالات الأمريكية مع الإخوان لهذا السبب    التصعيد مستمر.. الاحتلال يقصف مناطق جنوبي رفح الفلسطينية    التطبيق من الغد، شعبة المخابز تكشف عن التكلفة الجديدة لإنتاج الخبز    لاوتارو مارتينيز يمنح الأرجنتين العلامة الكاملة بهدفين في بيرو بكوبا أمريكا 2024    سالم: تم اختزال مطالب الزمالك في مطلب واحد.. ونريد مشاركة الأهلي في الإصلاح ولكن    الأرجنتين تصعق بيرو بثنائية لاوتارو وكندا تبلغ ربع نهائي كوبا أمريكا لأول مرة    غرق شاب بترعة القاصد في طنطا أثناء غسيل سيارته    تفاصيل جديدة عن زواج نجوى كرم    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    الصحة: مرضى الاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بالسرطان    أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    ياسر حمد يعلن رحيله عن نادي الزمالك    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    وزير خارجية اليمن: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القاهرة وصنعاء    7 معلومات عن الأميرة للا لطيفة.. حزن في المغرب بعد رحيل «أم الأمراء»    عاجل.. لطلاب الثانوية العامة.. الأسئلة المتوقعة في امتحان الإنجليزي    سيناريوهات مصير جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    بحضور جماهيري ضخم.. عمرو دياب يشعل حفله في الساحل الشمالي    محمد رمضان يقدم حفل ختام ناجحا لمهرجان موازين وسط حضور جماهيرى ضخم    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    سعر جرام الذهب عيار 21.. لماذا يفضل المصريون التعامل به؟    عاجل.. فيروس "حمى النيل" يهدد جنود الاحتلال الإسرائيلي.. وحالة من الرعب    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    حماس: ما ينقل عن الإدارة الأمريكية بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة يأتي في سياق ممارسة الضغوط    سفيرة الدنمارك بالقاهرة: أوروبا أكبر مستثمر وشريك تجاري في مصر    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    ضبط مسجل خطر بحوزته مواد مخدرة وسلاح ناري في الأقصر    إصلاح خط مياه في الدقي وعودة المياه تدريجيًا ل5 مناطق    متحدث التعليم: شكلنا لجنة للوقوف على شكوى امتحان الفيزياء والتقرير في صالح الطلاب    عمرو أديب ساخراً: غالبية الدول تغلق المحلات في العاشرة مساءً.. احنا عايزين نظام غير العالم    "طعنة بالصدر".. ننشر صورة المتهم بقتل سباك الوراق بسبب المخدرات    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    حقيقة تأجيل الضمان الاجتماعي المطور لشهر يوليو 1445    ظهور مؤثر لVAR وقرارات مثيرة فى مباراتى الزمالك وسيراميكا والاتحاد ضد الداخلية    «صرخة نملة وخوف من الأهلي».. تعليق مثير من مدحت شلبي على رجوع الزمالك عن انسحابه    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    بعد اشتعال الموبايل في بنطلونها.. 4 أسباب تؤدي إلى انفجار الهواتف الذكية (احذرها بشدة)    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    أستاذ علوم سياسية: الدول المنادية بحقوق الإنسان لم تقم بدور مهم حول غزة    حدث بالفن| موقف محرج لمحمد رمضان وميسرة تكشف كواليس مشهد جرئ مع عادل إمام    أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باتجاه البوصلة الفلسطينية
نشر في شباب مصر يوم 05 - 03 - 2011

كانت وما زالت مقاومة الاحتلال هي قطب المغناطيس الطبيعي الذي يحدد اتجاه بوصلة النضال الوطني الفلسطيني، وتجري حاليا عملية يائسة لاصطناع أقطاب مغناطيس خادعة لحرف البوصلة الفلسطينية عن اتجهاهها الطبيعي، وقد كانت هذه العملية جارية منذ بدأت ما تسمى "عملية السلام"، لكنها تصاعدت مؤخرا لاحتواء استجابة عرب فلسطين لحركة الاحتجاج الشعبية العربية الواسعة، في محاولة لإنقاذ "عملية السلام" من الغضب الفلسطيني على فشلها وعقمها وخصوصا على تشبث أصحابها بها كوسيلة وحيدة لبقائهم في المشهد السياسي.
على سبيل المثال، باسم إنهاء الانقسام مرة وأخرى باسم اليموقراطية وثالثة باسم الوحدة الوطنية، تم التحريض على "يوم الكرامة" في الحادي عشر من الشهر الماضي، ليس في مواجهة الاحتلال المباشر ومستعمراته ومستوطنيها في الضفة الغربية، بل في مواجهة المقاومة للاحتلال المحاصرة عسكريا وسياسيا في قطاع غزة. ويجري التنادي حاليا، على الفيسبوك، ل"ثورة 15 آذار"/ مارس الجاري تحت شعار "لا للانقسام ولا للاحتلال ونعم للوحدة الوطنية"، بهدف معلن هو الضغط على حكومتي رام الله وغزة لانهاء الانقسام، لكن تبني المنادين بهذه "الثورة" لدعوة القيادة المفاوضة لمنظمة التحرير إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية تمنحها شرعية لاستمرار الحرث في البحر الأميركي بحثا عن سراب دولة فلسطينية يريدون إعلانها في أيلول / سبتمبر المقبل، وتحول وكالة انباء "وفا" الناطقة باسم هذه القيادة إلى صوت لهذه "الثورة" يغطي أخبار التحضيرات الجارية لها، هما مؤشران كافيان لمعرفة من يقف وراءها ممن يرفعون شعارات صحيحة تحظى بتأييد شعبي واسع من أجل خدمة أجندتهم التفاوضية، مما يعد "ثورة 15 آذار" بمصير "يوم الكرامة"، أي الفشل، لأن البوصلة التي توجه كليهما مصطنعة.
إن انقلاب كل "شركاء عملية السلام" على نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2006 قد أثبت التناقض الحاسم بين الوحدة الوطنية والديموقراطية وبين "عملية السلام" بقدر ما كشف أن هذه العملية "لم تكن لها أي علاقة بالسلام أو بحل الصراع. وكانت لها علاقة بإدارة الصراع وتوسيع" المستعمرات الاستيطانية. "وكان واضحا" أن المفاوضات فيها "لم تكن تقود إلى تقرير المصير أو إلى قيام دولة. وكان واضحا أنها لم تكن تقود إلى نهاية للاحتلال"، كما قال الأستاذ بجامعة كولومبيا د. رشيد الخالدي لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، مضيفا أن هذه كانت خلاصة السياسة الأميركية منذ مؤتمر مدريد عام 1991، وقد فشلت هذه السياسة لأن الولايات المتحدة بهذه السياسة كانت "تصادق في الأساس على أي شيء ترميه إسرائيل في طريق الفلسطينيين" وإذا لم يقبلوه "تدير ظهرها لهم" حتى يقبلوه، "وذلك ببساطة وسيلة لتمكين إسرائيل من الاستمرار في توسيع استيطانها واحتلالها". وقد كان "الفيتو" الأميركي الأخير في الثامن عشر من شباط / فبراير الماضي المثال الأحدث لهذه السياسة. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تجري الآن "محادثات هادئة ومنفصلة مع الطرفين" كما قال مستشار الرئيس باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس للمؤتمر السنوي ل"الشارع اليهودي – J Street" يوم الاثنين الماضي، ويعلن "الرئيس" محمود عباس أنه سوف يواصل التعاون معها ولايسعى إلى مقاطعتها.
في مقال نشره مؤخرا في أعقاب انفجار الانتفاضة الشعبية التي تعصف بالوضع الرسمي العربي الراهن الذي استكان حد الخنوع للهيمنة الأميركية على قراره الوطني والقومي، بغطاء وفره له مجانا مفاوض منظمة التحرير، يبدو مؤسس "حركة السلام الاسرائيلية – غوش شالوم"، يوري أفنيري، أقرب إلى نبض الشارع الفلسطيني من ممثله الشرعي والوحيد. فقد تساءل في مقاله: "ماذا سيحدث إن سار مئات الآلاف من الفلسطينيين في أحد الأيام إلى جدار الفصل فهدموه؟ وماذا سيحدث لو تجمع ربع مليون لاجئ فلسطيني في لبنان على حدودنا الشمالية؟ وماذا لو تجمعت حشود شعبية في ساحة المنارة برام الله وساحة البلدية في نابلس لتواجه قوات الاحتلال؟"، ليضيف: " قد لا يحدث هذا غدا أو بعد غد. لكنه سوف يحدث بالتاكيد على الأغلب – ما لم نصنع السلام بينما ما زال يمكننا ذلك".
ومن الواضح أن تحذير أفنيري، مثل تحذير روس من أن الوضع الراهن "غير قابل للاستمرار"، لا يثير أي قلق لدى حكومة دولة الاحتلال طالما ظل مفاوض منظمة التحرير حريصا على إدامة الوضع الراهن، مراهنا فقط على الولايات المتحدة لتغييره، وعلى "المجتمع الدولي" الذي لا يتحرك دون إشارتها، بينما يواصل هذا المفاوض حصاره للقوتين الوحيديتين القادرتين على تغيير هذا الوضع وهما المقاومة الوطنية والانتفاضة الشعبية، مما يجرده من أهم مصادر قوته، ويجعل الاحتلال ودولته أكثر جرأة في ابتزاز حالة الضعف التي يضع نفسه فيها باختياره.
ففي الثاني من الشهر الجاري، قالت صحيفة هآرتس إن رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتخذ من "الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومات في العالم العربي" حجة من أجل "دراسة خطة للتعاون مع الفلسطينيين بشأن إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة كجزء من اتفاق سلام مؤقت مع السلطة الفلسطينية يتم تنفيذها فورا"، وعلقت هآرتس على هذه الخطة بأنها "كما يبدو" تعتمد على خطط وزير الحرب السابق شاؤول موفاز الذي يراس حاليا لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست الذي اقترح دولة فلسطينية بحدود مؤقتة على (45 – 50%) من مساحة الضفة الغربية المحتلة. واللافت للنظر أن الكشف عن خطة نتنياهو "الجديدة" تزامن مع اجتماع اللجنة الرباعية الدولية في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي. وكان قد اقترح عشية اجتماع الرباعية السابق في ميونيخ أوائل الشهر الماضي "حزمة إجراءات للتعاون الاقتصادي" مع السلطة تصب في خلاصتها في تعزيز الوضع الراهن السائد.
ولا جديد في استراتيجية نتنياهو "الجديدة. فهذه كانت استراتيجية دولة الاحتلال منذ عام 1967، وهي تتلخص في التفاوض على تقاسم الضفة الغربية مع أهلها. وقد كانت هذه استراتيجية حزب العمل عندما كان إيهود باراك، وزير الحرب الحالي، يقود الائتلاف الحاكم في تل أبيب والذي تهرب من تنفيذ المرحلة الثالثة من إعادة نشر قوات الاحتلال بجر مفاوض منظمة التحرير إلى قمة كامب ديفيد الثلاثية مع الأميركان عام ألفين التي قاد فشلها إلى اندلاع انتفاضة الأقصى. وكانت هذه هي استراتيجية حزب كاديما الذي قاد أرييل شارون ائتلافه الحاكم ليعيد احتلال مناطق سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني التي لم تنسحب قواته منها حتى الآن ويحاصر الرئيس ياسر عرفات حتى استشهاده. وهي ذاتها استراتيجية حزب الليكود الذي يقود نتنياهو حكومته الحالية.
وقاد رفض عرفات لهذه الاستراتيجية إلى حصاره فاستشهاده. وإذا كان رفض عباس كرفض عرفات فإن المصير ذاته في انتظاره. لكن عرفات منح صدقية لرفضه بمجموعة من الإجراءات يصر عباس علنا على عدم تكرارها، منها وضع دولة الاحتلال وجها لوجه أمام الشعب الفلسطيني ومقاومته بتعليق التنسيق الأمني وتجميد وساطة المنظمة بينهما، وبرفع شعار "شهداء بالملايين، على القدس رايحين"، وبإسقاط الرهان على الولايات المتحدة كوسيط غير نزيه ومنحاز.
وفي هذا الإطار، فإن الدعوة المتكررة مؤخرا إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تتسم بالتناقض بقدر ما تتسم بانعدام الأسس التي تمنحها صدقية. فعباس ورئيس وزرائه المكلف في رام الله د. سلام فياض يدعوان إلى حكومة "مهنية" لا علاقة لها بالسياسة كمدخل لمصالحة هي في الأساس سياسية من أجل إنهاء انقسام سياسي في جوهره. لكن "فتح" التي يرأسها عباس الذي كلف فياض بتأليف حكومة كهذه "ترفض أي نوع من الوحدة أو الحكومة المؤقتة مع حماس قبل تحقيق المصالحة" كما قال عضو اللجنة المركزية جمال محيسن في مقابلة مع "غلف نيوز" في الثامن والعشرين من الشهر الماضي. وهكذا تبدو فتح متفقة مع حماس على أولوية المصالحة قبل تأليف الحكومة أكثر من اتفاقها مع رئيسها ورئيس حكومته المكلف. لكن هذه التناقضات تؤكد أن مفاوض منظمة التحرير يناور أكثر مما يسعى حقا إلى المصالحة والوحدة الوطنية طالما ظل يتحرك بعكس اتجاه البوصلة الوطنية.
إن مقاومة الاحتلال، بأي شكل كان، هي مفتاح نجاح أي حراك رسمي أو شعبي يستهدف الوحدة الوطنية والديموقراطية، كما أثبتت خلاصة تجربة حركة التحرر الوطني الفلسطيني المعاصرة، ، سواء في مرحلة "الكفاح المسلح" أم في مرحلة الانتفاضة الشعبية السلمية، وهي تجربة أثبتت أيضا أن النضال ضد الاحتلال هو ممر إجباري لوحدة الصف الوطني وديموقراطية العلاقة بين الاجتهادات الوطنية.
* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.