مخطىء من يعتقد أن إدارة البلاد وشئون العباد والمصالح العليا من الممكن ان تدار بالفهلوه وبمنطق إطعم العين تستحى الفم ، وغيرها من المصطلحات القديمه التى عفى عليها الدهر ولكنها لازالت تعشش فى عقول وأذهان الكثير من المسئولين عن إدارة شئون البلاد المختلفه وكيف لا وهؤلاء المسئولين أنفسهم قد عفى عليهم الدهر وأصيبت عقولهم بغيبوبه زمنيه فتوقفت عند مفاهيم الماضى فأصبحوا كمن يريد أن يصعد الى الفضاء ممتطياً جمله أو بغلته . لا تجد مجال من مجالات الحياه فى هذه البلاد إلا ورأيت بأم عينك مجموعه من المسئولين تدور المسئوليه حولهم فى دائره مغلقه ، فهذا يسلم ذالك ثم نفس هذا الذى سلم ذاك يستلم المسئوليه من ذاك ، وتستمر هذه الدائره حتى يلحق هذا أو ذاك بالرفيق الاعلى فيدخل أخر فى الدائره ثم يغلق الباب خوفاً من عبور تياراً نقياً أو فكراً مستنيراً يغير من هذه السياسه العقيمه التى تسببت فى خسارة مصر لمكانتها فى جميع المجالات بلا استثناء ، حتى فيما يخص أهم واعظم هبه ونعمه قد وهبها الله لمصر وهو نهر النيل . فمنذ أيام وبالتحديد قبل قيام الثوره خرج علينا إتحاد الكره والمجلس القومى للرياضه بفكره تنظيم دورة حوض النيل للبلدان التى تطل على مجرى النهر وتتحكم فى سريانه ، وذلك بغرض تقريب وجهات النظر السياسيه بين دول حوض النيل وإعطاء الانطباع بأن مصر الام الكبرى لهذه الدول هى القائمه على امر لم الشمل بين الجميع ، وخرج علينا المسئولين من العينه المذكوره مهللين لانهم إستطاعوا ان يجمعوا هذه الدول الافريقيه تحت سماء مصر و اشادوا بالدور الذى سوف تلعبه مثل هذه البطوله الرياضيه وأن جميع الامور السياسيه المتعلقه بعلاقات دول الجوار النيليه سوف يتم حلها بسبب هذا العرس الكروى الناجح على حد تعبيرهم . تعامل هؤلاء المسئولين ومن جعلهم مسئولين بمنطق إبن الباشا عندما يتعامل مع إبن الجناينى ، فعندما يتعامل هذا مع ذاك يعتقد أنه بمجرد إبتسامه صفراء وبعض القروش البسيطه فإنه بذلك قد إمتلك هذا الشخص الفقير واصبح ولائه وإنتمائه كله له ، هكذا تعامل المسئولين عن هذه البطوله مع دول حوض النيل إعتقاداً منهم انه عندما يلعب هؤلاء البشر فى ملاعبنا ، وتتم تحيتهم من جماهيرنا ، وينالون شرف مصافحة رئيس إتحادنا أو أى مسئول عندنا ثم فى النهايه من يفوز منهم نلقى له بحفنه من الجنيهات لا يقبل بها لاعب فى دورى القسم الثانى ، اعتقدنا ان كافى لكى ينهى أزمة نهر النيل التى هى واحده من أعقد وأهم الازمات التى من الممكن أن تمر على مصر فى العصر الحديث ، فهذه الازمه لا تقل فى خطورتها عن إحتلال إسرائيل لسيناء قبل حرب أكتوبر ، فهذا النهر العريق هو شريان الحياه الوحيد لهذه البلد الكبير . تعامل المسئولين بمنطق البلاهه والبلاده فى أمور لا يجوز تركها لصغار القوم ، فهذا أمن مصر القومى ومستقبل شعبها ومحدد أساسى لحركة التنميه المستقبليه إذ أن جميع المشروعات التنمويه تعتمد على هذا النهر وعلى نصيب مصر من مياهه ، ولكن عندما ترك الامر لغير أهله ، ضاع الحق وها هى بوروندى الدوله الصغيره قد وقعت على الاتفاقيه وأدخلتها حيز التنفيذ ، وأصبح مستقبل مصر كله مهدد . كيف بالله عليكم ينفلت ملف بهذه الاهميه من ايدينا وكيف يترك مثل هذا الامر بين أيدى أشباه المسئولين من وزير الخارجيه الذى قضى على دور مصر وصورتها أمام العالم وبين أيدى أشخاص مسئولين عن الرياضه ليتعاملوا مع سفراء ورؤساء وفود الدول الافريقيه الذين رسموا بدورهم صوره لقوة مصر و مستوى ردود الافعال الصادره منها عن طريق وجوه هؤلاء المسئولين فخرجت الصوره خاضعه ، باهته ، مستكينه ، فكيف تقوم مجموعه من الدول الافريقيه الصغيره بمعاداة مصر على هذا النحو ثم يكون رد الفعل هو التكريم وإقامة البطولات وإقامة الجولات السياحيه المبهره والنزول فى أكبر الفنادق . وها هى الوفود ذهبت الى بلادها ونقلت هذه الصوره لتكون هذه هى النتيجه الحتميه ، يجب ات تسترد مصر مكانتها التاريخيه والحاضره ويجب ان يكون لمصر مسئولون فى كل مجال يمثلون الصوره الحقيقيه لهذا المارد المسمى مصر . تامر عزب [email protected]