ما اصعب الحلم عندما يظل الانسان يراه فى احلامه ويقظته ويظن ان يوم تحقيقه سيآتى مستقبلا!! ثم فجأة يتحول الحلم الى مستحيل، كحلم العصفور الذى ساقه قدره يوما ان يعشق سمكة ثم يصطدم بواقع اين سيعيشان؟! وتكون النهاية انه سيطير لا محالة شريدا وسيسبح الاخر فى بحر من الاحزان، هكذا رأتها أمها فى الحلم تلبس الابيض، ظنت انها ستزفها يوما الى عريسها، لم تكن تظن او تدرك ان الابيض هنا كان من اجل امر آخر، تبدل الحلم من طريق الى طريق، من ان تراها يوما عروسا، الى طريق اخر بلبس ابيض ايضا لكن فيه الزفاف اصبح مستحيل لان نهايته قبر ووداع ورحيل، طارت زينه شريده كما شرد العصفور الا انها لن تظل شريدة طويلا فرحلتها الى الجنة اسرع مما نتخيل، الا ان الاصعب امر امها الذى تركتها يقينا فى بحر من الاحزان ورحلت، ذلك البحر يقبع على شاطئه مسئولون يحكمون هذه البلاد يستطيعون بقرار انتشال والدة "زينة" من بحر الاحزان الى هدوء العاصفة واقتصارها على سكون الحزن فى القلب والذكريات فهل هم فاعلون ؟! اعلنت السماء شروق شمس "زينة" منذ خمس سنوات ،جاءت الى تلك الدنيا لترسم على وجه كل من حولها البهجة والسعادة، ولكن دوما وقت الغروب لا نعلمه، ولم يكن يعلم اقرب الناس اليها ميعاد الرحيل وان الغروب لن يطول ميعاده ،ففى لحظة بدأت شمسها فى السقوط حتى ارتطمت بالارض، واعلنت شمسها الغروب، ورحلت لتعلن ان تلك الدنيا اقل من شروقها عليها وان غروبها عنها هو ما تستحقه، رحلت زينة ،فهل حاول من يحكم ان يتخيل مشهد سقوط "زينة"؟ هل تحرك من يحكم هذه البلاد لاستخدام ما فى يده من سلطة تشريع لتعديل المادة التى لا تجيز اعدام من هم اقل من الثامنة عشر؟ هل بحث امكانية تعديلها وترك الامر لرؤية القاضى؟ الا انه وبدلا من ان يفعل ذلك انتفض لاصدار قانون تظاهر يعيق التظاهر الذى آتى به وجعله قادرا من الاصل على اصدار قوانين ،هل انتفضت اللجنة التأسيسىة واصدرت ما لايحول بين قاتليها وغرفة الاعدام؟ الا انها اهتمت فقط بمحاكمة المدنيين عسكريا واصرت على دسترة النص من جديد ،فالسلطة التى لا تحركها آهات وصرخات "زينة" وهى تسقط من الطابق الحادى عشر على يد اسافل القوم لا تستحق ان تحكم مصر. بالفعل ياله من منظر رهيب ومشهد مهيب كلما تخيلت نظرات عيونها وهى تسقط ،كانت نظراتها تريد ان تعلم ما مصيرها؟ كانت فى حيرة كبيرة كيف ستكون النهاية ؟ فيا من بيده القرار انتفض للقصاص لتلك النظرات التى ستلاحقك اينما ذهبت ، لقد اتعبنا "زينة" فى حياتها ومماتها، ولم نكن نعلم انها كانت تخشى النوم فى غرفة على الشارع خوفا من صوت الرصاص الذى تسمعه منذ قيام الثورة، لم نكن نعلم اننا اتعبناكى ايتها الملاك البرئ ،لم نكن نعلم ان الثورة على مبارك الذى باع الوطن لحاشيته، ومن بعده طنطاوى الذى اراد اجهاض الحلم بعد ان تحالف مع التأسلم السياسى وباع الثورة التى آتت به واغتالها فى عيون "رضا" الذى فقد نور عينيه فى محمد محمود ومازال الى الآن يعشق كلمات اغنية "مصر التى فى خاطرى"، ومن بعدهما الثورة على من اراد سرقه الحلم وخان الوطن وتحالف هو وجماعته مع قوى الظلام فى الخارج، لم نكن نعلم ان ذلك اقلق احلامك البريئة ،لكن صدقينى الذنب ليس ذنب من ثار انما ذنب من حكم وظلم ومن يحكم الآن او من سيحكم وقد يضطرنا للخروج عليه وان نقلق احلامك من جديد، وبعد مماتك ازعج احلامك البريئة رصاص الارهاب الغاشم الذى استهدف حياة مجمد ميروك واسكت قلبه عن النبض الى الابد وابنه الى الآن لا يعلم بخبر رحيله، وكسر احلامك صوت انفجار اشلاء جنودنا البواسل فى سيناء، ولكن يقينا أسعدكٍ صوت والد احد الشهداء الذى بعد ان كُسر ظهره بوفاة ابنه يقول ان ابنه فداء لمصر ولجيشها فى الوقت الذى يتمنى فيه الخونة انقسام الجيش، وكذلك أسعدكٍ ايضا دموع أم احمد الكبير وهى تقول انها سعيدة ان ابنها نال الشهاده التى كان يتمناها، وما بين الازعاج والسعادة تظهر سلطة عاجزة تحكم مصر ترتكب نفس اخطاء الماضى واراد لها القدر ان تصل اليها صرخات طيور الجنة الذين رحلوا فى قطار اسيوط عن طريق صرخات ارواح جديدة فى نفس الميعاد لكن هذه المرة فى دهشور. ايتها الملاك البرئ،،، يظن قاتلوكى انك سقطتى من اعلى الى اسفل ،ولكن ما حدث انك صعدتى من اسفل الى اعلى، الى الجنة ،وسقط قاتلوكى الى اسفل، وسقط كل من لم ينتفضوا للقصاص لكٍ من مسئولين ولم تصل اليهم صرختك، وصعدتى انتى وسكنتى قلوبنا .