في الوقت الراهن والحديث المستمر في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجالس كما لا تخلو صحيفة إلكترونية أو ورقية يومياً عن الحديث عن الفساد والبحث عن أسبابه وطرق العلاج منه والوقاية من هذا الداء العضال يدفعني للكتابة عن الفساد فالجميع يعرف أن السنوات القليلة الماضية شهدت اعترافاً متنامياً بمشكلة الفساد والتصدي لمناقشتها كما لقت اهتمامًا متجدد من شتى أطياف المجتمع وتأسست العديد من الهيئات الوطنية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة على البنيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فكلمة الفساد أصبحت على لسان الجميع بشتى اللغات والألسنة كما أصبح العارفين لمعنى هذه الكلمة صغاراً وكباراً أمر لا يصدق أمر يدعونا للدهشة وإدراك قيمة وخطورة الفساد في جميع المجتمعات فالقرآن الكريم كلمة الله الأخيرة إلى خلقه ودستور الإسلام الذي هو رحمة الله للعالمين اهتم اهتماما واضحاً بهذه الآفة الاجتماعية الخطيرة فقد حذر من الفساد وبين أسبابه ودواعيه وآثاره وتوعد المفسدين لذلك أعتقد أن العلماء لن يجدوا ظاهرة أكثر تعبيراً وأكثر التصاقاً بالتخلف من ظاهرة الفساد فكما أن فساد المواد العضوية يؤدي إلى تحللها واندثارها ، وكما أن موت الجسم الحي ينتج عنه مباشرة تحلله وفساده ، فكذلك المجتمع , لذلك للأسف أصبح الفساد أمرً لصيق بجل الظواهر الاجتماعية. في هذا الوقت يبرز الفساد كأحد أهم المواضيع التي يتداولها الشارع العربي بكافة أطيافه ، فاليوم أصبح الفساد وأكثر من أي وقت سبق الآلة الأكثر فتكاً للشعوب والدول ابتداء من الفساد الديني والعقائدي انتقالاً للفساد الاقتصادي والسياسي وصولاً إلى الفساد التعليمي والثقافي انتهاءً بالفساد المالي والإداري الفساد بكل تنوعاته هو في الواقع دخيل على مجتمعنا،لأن ديننا يحرم علينا ممارسته وثقافتنا وحتى اعرفنا القبلية البدائية التي تتعارض معه ولا تقره ، لكننا ومع الأسف نعترف بوجوده كظاهرة تمثل أكبر تهديد لمستقبلنا فكيف وصلنا لهذا الدرجة....نعم لأنه عندما يتخل الفرد والمجتمع عن ثوابته سواء أكانت دينية ثقافية أخلاقية حتى يصبح عديم التحصين فأنه يسهل على أي مرض ينتشر كالبكتيريا في جسم المجتمع وهذا ما حدث يا أعزائي القراء ومن هنا ندرك الخلل الذي أصابنا فعندما حدنا عن تعاليم ديننا أصبحنا عرضة لكل هذه الأمراض التي تفتك بالأمم حتى تصبح عاجزة بل وموسومة بالخزي والعار في الدنيا والآخرة . أصدقائي القراء عندما بحثت عن مصطلح الفساد في المعاجم فكان معنى الفساد في القاموس المحيط والرائد هو أخذ المال ظلماً وفي المعجم الوسيط التّلف والعطب وَالِاضطراب والخلل كما ورد عن الراغب الأصفهاني أنه قال : الفساد خروج الشيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج أو كثيرا ويضاده الصلاح والإصلاح الفساد في المعنى الحقيقي هو السرقة في جميع معانيها فسرقة وقت العمل فساد وسرقة المال العام فساد وعدم الإخلاص في العمل فساد والرشوة فساد والتغاضي عن الفساد فساد وخيانة الوطن فساد وعدم الانتماء فساد والنفاق والتلون فساد . الفساد لا يزال أكبر عائق لدينا ، ولكن ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد فقط بل في السياسة والتعليم والرياضة والثقافة وبناء المجتمع ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى الفساد على أنه خيانة دينية و وطنية بامتياز والمتلبسون به لا يريدون الخير لدينهم ولمجتمعهم ووطنهم وأقل ما يقال فيهم أنه لا خير فيهم . إن مكافحة الفساد شرط ضروري لسلامة و فعالية الأنشطة التعليمية والسياسية و الاقتصادية ، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة بين الجميع وزرع مفاهيم العمل الجماعي وتأصيل معاني كثيرة في المنافسة الشريفة بين الآخرين التربية الذاتية لكل فرد هي الأمر الذي يساعد على بتر الفساد من جذوره فلنربي أنفسنا على نبذ الفساد بشتى أنواعه مهما كانت النتائج ولنقمع الفساد وهو في البدايات قبل أن ينمو فبذرة الفساد الصغيرة إن تركت تنمو في مجتمع لا مبالٍ ستكبر ويشتد عودها وتتشعب أغصانها حتى يصعب استئصالها ولا يقول أحد إن الأمر لا يعنيني لأنك اليوم مراقب وغداً ضحية حتمية بلا أدنى شك ، فالمسألة لا تقبل الانسحاب من خندق الدفاع عن المجتمع ضدها لأنها تتعلق بنا وبوطننا ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا