حب الوطن هو الشعور بالانتماء للأرض هذا الوطن , ومن ثمة ينعكس هذا السلوك على الفرد فيكون عمله هو الترجمان الحقيقي لهذا الحب و ليس الكلام والشعارات والأغاني التي لا تقدم ولا تؤخر , فكم من مغنٍ بحب الوطن وكان هو أول الخائنين , فمثلاً من عجائب زماننا أن نسمع عن مغني هرب من الخدمة في الجيش وبعد فترة لبس ثوب الجيش ليغني تمجيداً لهذا الجيش , ومغنية ذهبت لأمريكا لتلد مولدها فيها ليكتسب الجنسية وقد صدعوا رؤوسنا بأغنيتها التي تغنيها حباً للوطن , كم في وطننا من عجائب يندى لها الجبين , فهؤلاء أصحاب رؤوس الأموال سخروا أموالهم فيما يجلب المكاسب السريعة التي لا تعود على الوطن إلا بالأمراض التي لا علاج لها كالسرطان وتهدم أكثر مما تبني مثل :- صناعة شرائح البطاطس والمقرمشات والمشروبات ولكن حب الوطن الحقيقي هو الذي يعمر يبني المشاريع ويرقي بالبلاد فقد قال عُمر بنُ الخطّاب: لولا حبُّ الوطن لخرب بلدُ السوءِ. وكان يُقال بحب الأوطان , عمرت البلدان , فحب الوطن يدفع رجال الأعمال الحقيقيين إلى بناء اقتصاد قوي لهذا الوطن وليس وضع نقودهم في بنوك أوربا حتى جاءت اللحظة المناسبة هربوا وخلفوا الوطن خلف ظهورهم يغرق بمن فيه , حب الوطن يفرض على رجال الأعمال الشرفاء إقامة مصانع للمنتجات الأساسية وتوفير فرص العمل كما فعل طلعت حرب ذلك وإعطاء الأجور المناسبة للعمال , فنحن نسمع من يدعي وجود فرص عمل في مصانع العاشر وغيرها ولكنهم لا يجدون الشباب الذي يرغب في العمل كيف ذلك ونحن نعاني من بطالة صارخة ولعل السبب الحقيقي هو ضعف الأجور التي لا تكفي الطعام والشراب والإقامة ثم نتهم الشباب بضعف الانتماء للوطن , فأمام الجوع وطلب الطعام الذي يحفظ الحياة فلا انتماء . حب الوطن يجب أن يجعل كل فرد في المجتمع يبذل كل الجهد والطاقة من اجله ولا يبخل على وطنه بشيء ويخلص في أي عمل يتولاه بلا رشوة ولا وساطة ولا محسوبية , كيف يتحقق هذا عندنا في مصر وكل شيء مختل ميزانه , و أصحبت منظمة القيم والمبادئ تخضع لأهواء مجموعة من الأشخاص تولوا المناصب العليا في البلاد و أصحبت تلك المناصب قاصرة عليهم وعلى أبنائهم , فهم في نظرهم الأحق والأجدر فهم الذي يملكون الوضع الاجتماعي الذي يؤهلهم لذلك , فهم الذين يفصلون القوانين . كيف نطلب من موظف لا يجد قوت يومه أن يحب وطنه وهو يرى الوطن له كف أطول من الأخرى فمنظمة الأجور في مصر أشبه بالنظام الاقتطاع , فهذا موظف في الكهرباء أو التليفونات أو البترول أو القضاء يأخذ أضعاف موظف أخرى على نفس الدرجة بالتعليم أو المحليات أو الزراعة رغم أنه قد يكون أفضل منه من حيث المؤهل الدراسي , وتأتي إليك الخدعة الكبرى عندما يرد عليك بان القانون المنظم للأجور واحد ونرد عليه بأن الزيادات والبدلات والأجور المتغيرة ليست واحدة , ولكن يرد عليك بطريقة أخرى أن الهيئات ذات الأجور العالية منتجة ونرد عليهم هل تلك المؤسسات ملك شخصي لهم أم أنها ملك للدولة . فأننا عندما نتحدث عن حب الوطن في مصر إنما نتحدث عن الأغاني فقط لا الأعمال , فالكل اليوم منشغل كيف يستطيع تحقيق مصالحه الشخصية , فقد انعدمت الضمائر وخربت الذمم وأخذت الوجوه تتلون بألف لون كالحرباء , لك الله يامصر يا وطن الأنبياء الذي احتضن يوسف وربى موسى و قرت فيه عين العذراء مريم على ولدها عيسى عليه السلام ووصى بها نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يحميك الإله ويحفظ شعبك المرابط من كل تدبير وكيد .