ترك عقد من الازمات الاقتصاية المجتمع الامريكى فى حالة اقتصادية غير مسبوقة ، و تغيرت بنيته الاقتصادية الاجتماعية لاول مرة حيث طغت خلال السنوات العشر الماضية الاثار السلبية للعولمة و على راسها اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مع مزيد من فقدان الوظائف و ارتفاع معدلات الفقر و الاحتياج ، وقد كشفت بيانات المسح الذى اجرته وكالة الاسوشيتدبرس ضمن دراسة موسعة حول ازمة الاقتصاد و تاثيره على المجتمع الامريكى ، لتؤكد ان 80 % من الشباب الامريكى يقتربون من خط الفقر ، و ان أربعة من كل خمسة شباب امريكيين يصارعون البطالة، والفقر أو يعتمدون على الرعاية الاجتماعية جزئيا او كليا فى تدبير حياتهم .. و هو علامة على تدهور الأمن الاقتصادي فيما اصبح الحلم الأمريكي بعيد المنال. و تشير النتائج ان اكثر فئة متضررة بشكل خاص هى البيض، حيث ارتفع معدل التشاؤم بين تلك المجموعة العرقية لاعلى درجة له منذ منذ عام 1987 ، فقد اعلن 63 في المئة من البيض ان الاقتصاد الامريكى اصبح " فقيرا" و يعانون انعدام الأمن الاقتصادي .. و تقول الاسوشيتدبرس ان الفوارق فى سباق معدل الفقر ضاقت إلى حد كبير بين مختلف العرقيات منذ السبعينيات ، و لكن اكثر الفئات العرقية تضررا هم البيض و يتحدد هذا و فقا لمقياس الفقر الذى يعتمد على نسبة البطالة الدورية، ونسبة الاعتماد على المساعدات التي تقدمها الحكومة مثل طوابع الغذاء أو بالطبع نسبة الدخل .. و تشير النتائج ايضا الى انخفاض معدلات الزواج بين جميع الاعراق ، بينما ارتفع عدد الأسر من البيض التى تتولى فيه الام رعاية الاسرة ليفوق عدد الاسر من السود و ذلك للمرة الاولى فى تاريخ الولاياتالمتحدة ويقول وليام يوليوس ويلسون، الأستاذ في جامعة هارفارد والمتخصص في العرق والفقر. أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية المستمرة، فان الأقليات زاد تفاءولها بشأن المستقبل بعد انتخاب أوباما، الا انه على الصعيد الوطني، مازال عدد فقراء أميركا كما هو و عالق عند مستوى 46.2 مليون نسمة أو 15 في المئة من السكان". وتشير الارقام الحديثة الى ان معدلات الفقر بين البيض بالنسبة للسود واللاتينيين هي ألاعلى بما يقرب من ثلاث مرات، من خلال الأرقام المطلقة ، حيث اصبح هناك أكثر من 19 مليون من البيض يقعون تحت خط الفقر بدخل يوازى 23.021 دولار سنويا لعائلة مكونة من أربعة، وهو ما يمثل أكثر من 41 في المئة من المعوزين في البلاد، وما يقرب من ضعف عدد الفقراء من السود. خبراء الديموجرافيا يطلقون أحيانا مصطلح "الفقراء غير مرئيين" على البيض ذو الدخل المنخفض و ينتشرون عموما في الضواحي وكذلك البلدات الريفية الصغيرة، حيث يعيش أكثر من 60 في المائة من الفقراء من البيض. ويتركزون في أبالاتشيا في الشرق، و باعداد كبيرة فى الغرب الأوسط الصناعي وينتشرون عبر قلب أميركا، من ولاية ميسوري، أركنساس وأوكلاهوما من خلال السهول الكبرى. و تعد مقاطعة بوكانان، في جنوب غرب فرجينيا، من بين المناطق الأكثر فقرا على أساس الدخل المتوسط، حيث يحوم معدل الفقر حول 24 في المئة. وأكثر من 90 في المئة من سكان مقاطعة بوكانان هم من البيض من الطبقة العاملة الذين يفتقرون إلى شهادة جامعية. التعليم العالي والمقاطعة معظم سكانها من البيض،و نحو 99 في المئة منهم فقراء يعتمد معظمهم على الشيكات الحكومية فى تدبير معيشتهم. و تشير الارقام الحكومية الامريكية الى ان مخاطر الفقر قد تزايدت في العقود الأخيرة، خاصة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 35-55 عاما ، بالتزامن مع اتساع عدم المساواة في الدخل. على سبيل المثال، كان الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 35-45 يواجهون خطر الفقر بنسبة 17 في المئة خلال الفترة الزمنية 1969-1989، وازداد هذا الخطر إلى 23 في المائة خلال الفترة 1989-2009. بالنسبة لأولئك الذين تتراوح أعمارهم 45-55، خطر الفقر قفز من 11.8 في المئة إلى 17.7 في المئة. تزايد معدلات البطالة يعني زيادة خطر الفقر و انعدام الأمن الاقتصادي ، و فى الاونة الاخيرة وصل معدل البطالة الى اعلى نقطة مسجلا 79 في المئة، و هو مايعنى بطالة 4 من كل 5 بالغين.. و يعانى البيض من بين كل الاعراق اكبر خطر و اكبر احساس بعدم الامان الاقتصادى بنسبة تقدر بنحو 90 في المئة، ولأول مرة منذ عام 1975، فان عدد الأسر من البيض التى تديرها الأم مع وجود اطفال ويعيشون في الفقر ، يتجاوز أو يعادل الاسر من السود خلال العقد الماضي، و ذلك بدعم من زيادة البطالة وفقدان الوظائف ومعدلات أسرع من الولادات خارج إطار الزواج بين البيض. حيث بلغت عدد الاسر من البيض ذات الام المعيلة ما يقرب من 1.5 مليون في عام 2011، بالمقارنة مع عدد الاسر سود و اللاتين الذين يقدر عددهم بنحو 1.2 مليون نسمة. منذ عام 2000، نمت نسبة الفقر بينالامريكيين البيض من الطبقة العاملة بشكل أسرع من الامريكيين غير البيض من الطبقة العاملة، بارتفاع 3 نقاط مئوية إلى 11 في المئة ، بينما لا يزال الفقر بين الامريكيين غير البيض من الطبقة العاملة هو الاعلى بنسبة 23 في المئة ، و تشير الارقام الحديثة الى ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعيشون في الأحياء التي ترتفع فيها نسبة الفقر الى نحو 30 في المائة أو أكثر ، ما يعرضهم لخطر أعلى من الحمل في سن المراهقة أو التسرب من المدرسة. و يشكل البيض من غير اللاتينيين 17 في المئة من عدد السكان من الأطفال في هذه الأحياء، مقارنة مع 13 في المئة في عام 2000، وعلى الرغم من أن النسبة الإجمالية للأطفال الأبيض في الولاياتالمتحدة قد تراجعت فقد انخفضت ايضا حصة الأطفال السود في الأحياء التي ترتفع فيها نسبة الفقر من 43 في المئة إلى 37 في المئة، في حين ارتفعت نسبة الأطفال اللاتينيين من 38 في المئة إلى 39 في المئة.