كتب "جيفري فلايشمان" أن الرئيس مرسي يصور نفسه كزعيم يتحرك في ساحة تعج بمؤامرات يقوم بها رجال أعمال فاسدون وشخصيات غامضة تحيك المؤامرات من داخل جهاز بيروقراطي ضخم لا يمكن لدائرة الإسلاميين داخله ترويضه. وفي مقاله على موقع صحيفة "لوس آنجلوس تايمز" يتابع "فلايشمان" قائلا "في الوقت الذي يتظاهر فيه محتجون وطلاب ويضرب عمال ويسقط الاقتصاد في هاوية مخيفة، ربما يكون العدو الأكثر خطرا للرئيس هو ما يسمى بالدولة العميقة؛ القضاء والشرطة والجيش وأجهزة الاستخبارات التي تشكلت عبر عقود من حكم الرئيس المخلوع المستبد مبارك، والتي يتهمها مرسي وجماعة الإخوان بإعاقة التحول الديمقراطي في مصر". ويرى الكاتب أن مسؤولين عديدين في الشرطة وأجهزة الاستخبارات على الأخص يظلون مخلصين للحرس القديم، ويخشون أن ينحى مرسي بالبلاد بعيدا عن حلفاء مصر في الغرب وباتجاه الأصولية الدينية. ويشير إلى أزمة تسمم نحو 500 من طلاب بالمدينة الجامعية للأزهر، التي أرجعها موقع الإخوان على الإنترنت إلى "فساد الدولة العميقة". ويشير كذلك إلى أزمة مع القضاء الذي يقول إن مواقفه الأخيرة ترجح أن مؤسسات الدولة تحاول وضع قيود على سلطات مرسي، مشيرا إلى حكم صدر مؤخرا بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب، وأحكام بالبراءة على رموز نظام مبارك تضع شرعية مرسي على المحك. وينقل عن معارضين للرئيس مرسي قولهم إنه يبالغ في قوة بناء السلطة القديمة، وأن ما يريده ببساطة هو إحلال مؤسسات بديلة موالية له محله، وأنه يرغب في نسخة إخوانية للاستبداد والمحسوبية من النوع الذي كان لسلفه. ويشير لدعم جماعة الإخوان لقانون جديد من شأنه إحالة نحو 3000 قاض للتقاعد، وينقل عن قضاة أن الهدف من ذلك أن يحل محللهم محامون متعاطفون مع الإسلاميين، ويشير لتظاهر آلاف من المنتمين للجماعة قبل أسبوع من أجل "تطهير القضاء". ويقول الكاتب إن الجماعة التي كان ينظر إليها باعتبارها الصوت الوحيد الذي لم يطله الفساد المعارض لنظام مبارك، كثيرا ما تقارن الآن بالحزب الوطني المنحل الذي ترأسه مبارك. ويرى الكاتب أن الرئيس مرسي –الذي قال في خطاباته إن أصابع داخلية وخارجية تعبث في مصر- نادرا ما يحدد الأعداء في الخارج، ويقول الكاتب إنه يعتقد أنهم يشملون عملاء لإسرائيل ومسؤولين أمريكيين، مشيرا لمساجلة بين الرئاسة والسفارة الأمريكية لمصر على تويتر حين قامت السفارة بوضع رابط لبرنامج "جون ستيوارت"الأمريكي الذي هاجم مرسي ووصفت الرئاسة ذلك بأنه أمر غير لائق من بعثة دبلوماسية. ويرى الكاتب أن حديث المؤامرة –حقيقية كانت أم متخيلة- هو موضوع خطر في بلد يشهد انقساما سياسيا وخلافات دينية، وبطالة وتضخم واقتصاد فاشل، وفي وقت لا تقوم فيه المعارضة اليائسة بأي شئ، والتي تضم كل من جبهة الإنقاذ، وحزب النور السلفي، وشخصيات من نظام مبارك بمن فيهم شفيق المرشح الرئاسي الخاسر أمام مرسي. وينقل عن معلقين رأيهم بأن على المعارضة تبني استراتيجية صدامية ستجعل الجيش مصطفا معهم كما حدث من قبل (في مواجهة مبارك). ولكن الكاتب يقول إن آخرين يتشككون في أن الجيش الذي حكم البلاد لمدة 17 شهرا بعد سقوط مبارك يرغب في ذلك مجددا، وإن الجيش حتى الآن –رغم تهديدات غير مباشرة- منحاز لمرسي الذي دفع باتجاه إقرار دستور جديد يضمن استقلال الجيش ويحمي "إمبراطوريته الاقتصادية". ويضيف إن استراتيجية الإخوان هي تصوير أعدائها كعملاء للخارج وكفار، والتي أدت –في الريف على الأخص- لإثارة الشكوك في جبهة الإنقاذ الوطني وأحزاب المعارضة. وتقول الصحيفة إن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون مقياسا لما تبقى من شعبية جماعة الإخوان، وعلى الرغم من تراجع ملحوظ لجاذبيتها، تظل قوية في الريف لكن الدعم الذي تناله هناك سيتقلص لصالح السلفيين المتشددين لو استمر عدم الاستقرار. وينقل عن حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قوله "لو خسر الإخوان الأغلبية في الانتخابات، سينتهي ثقلهم السياسي إلى الأبد، فمن الواضح أنهم ليسوا بديلا للنظام الاستبدادي السابق.