ليلة أمس كنت في زيارة لبعض أقاربي في المطرية بالقاهرة، وبعد أن تناولنا الإفطار معا، وفي طريق عودتي وجدت عجبا، السيارات تسير بلا نظام ولا ضابط لها في سيرها سوى عنصر القوة، شارع المعاهدة الجديدة وهو الشارع الذي يربط بين ميدان المطرية وكوبري مسطرد لا يوجد به عسكري واحد، والسيارات تسير عكس الاتجاه، والطريق شبه متوقف، ومسافة 50 مترا تستغرق أحيانا أكثر من ربع الساعة ، والأمر جد عصيب، المارة لا يعرفون كيف يسيرون، المنطقة مكدسة بالمارة والسيارات والسكان والدكاكين وكل شيء، هذا التكدس مهم لتنمية التجارة وزيادة المكسب؛ لكنه ضار من جهات عديدة، وليس هو الشارع الوحيد، فقد انحرفت عنه إلى شارع التروللي، فكان أكثر شبها بصاحبه، وبعد معاناة وصلت إلى شارع الرشاح- وطبعا تم ردمه من سنوات- فكانت صعوبة كالصعوبة السابقة، فالسيارات متداخلة، والتكاتك متزاحمة. دارت في ذهني عدة أمور وأنا أقود سيارتي بين آلاف السيارات وعشرات التكاتك، من هذه الأمور:1- تقنين وضع التوك توك.2- استخدام البلطجية في تنظيم المرور وضبط حركة السير.3- تقليل القيمة المادية لمخالفة السيارات، وتفعيل هذه العقوبة.قد تبدو هذه الأمور غريبة شيئا ما؛ لكن دعونا نناقشها بهدوء.أولا: تقنين وضع التوك توك سيفيد من جهات عديدة، أولها أنه سينضبط في حركته؛ فلن يسير عكس الاتجاه؛ لأنه سيحاسب، وسيسير في الأماكن المرخص له فيها السير؛ فقد صار له رقم ويمكن تسجيل المخالفة المناسبة له. ولا يمكننا أن نطالب بإلغاء استخدامه؛ فقد ضرورة لا غنى عنها حاليا من جهة، وصار مصدر رزق لبعض الناس من جهة أخرى، كما أنه صار حلا من حلول مشكلة البطالة اخترعه الناس وحلوا به بعض مشكلاتهم؛ ومن ثم فقد أصبح واقعا لن نتمكن من تغييره في الفترة القريبة القادمة.ثانيا: استخدام البلطجية في تنظيم المرور أمر في غاية الأهمية؛ لأننا بهذا سوف ننقل البلطجي من حال إلى حال، من حال يضر فيها بالأمن إلى حال يقف فيها إلى جوار الأمن، ومن حال كان فيها بلا عمل غير البلطجة إلى حال يجد لنفسه فيها دورا ووظيفة في خدمة مجتمعه، فنقوم بعملية تأهيل نفسي لشخص خارج على القانون، وتحويله لصالح المجتمع والقانون.في الوقت نفسه سيمارس البلطجي شيئا مرتبطا بحاجاته النفسية وهي السيطرة وإظهار قدرته، ومن ثم نكون قد نقلناه من عمل ضد المجتع إلى عمل لصالح المجتمع، وتم نقله بصورة مرحلية لم تؤثر على إحساسه النفسي، فيسهم ذلك في تأهيله بصورة طيبة.ثالثا: تقليل قيمة العقوبة المالية للمخالفة وتفعيل هذه العقوبة سوف يؤدي إلى إيجاد دخل كبير يمكن منه أن ندفع أجور هؤلاء العاملين الجدد في وزارة الداخلية في قطاع المرور للتنظيم والضبط مما يوفر لهؤلاء العاملين دخلا مناسبا يعيشون به حياة كريمة، ويسمح لهم بالانخراط في صفوف المجتمع. وفي الوقت نفسه لا يدعو المخالفين إلى التهرب من دفع العقوبة على المخالفة التي ارتكبوها, هذا التنظيم وهذا التعاون الجديد بين وزارة الداخلية والبلطجية سيفيد المجتمع من عدة جهات، أهمها:1- تنظيم حركة المرور بصورة تؤدي إلى انسياب الحركة وعدم وقوع قفلات مرورية.2- توفير الوقت على المواطنين، وحفظ أموالهم التي ينفقونها في الطاقة الزائدة بلا فائدة.3- توفير قدر كبير من الطاقة للدولة التي تدفع أموالا طائلة في دعم الوقود.4- تقليل نسبة التلوث، وبالتالي تقديم خدمة صحية نتيجة نقاء الجو بنسبة معينة، فالوقاية خير من العلاج.5- تثبيت الأمن؛ حيث سينشغل البلطجية بتنظيم المرور بدلا من فرض الإتاوات وترويع الآمنين.قد تبدو الفكرة غريبة لكن فوائدها كبيرة، وقد تبدو مثالية أكثر من اللازم لكنها على كل حال يمكن أن تسهم في حل مشكلة المرور والأمن بشكل فعال... تحيا مصر أ.د. حسن محمد عبد المقصود كلية التربية – جامعة عين شمس