في الوقت الذي يتحدث فيه العالم الغربي عن الحريات والعدالة وحقوق الإنسان يغمض عينيه عن العبودية الجديدة , التي يعاني منها ملايين النساء والأطفال , الذين يتم استغلالهم في تجارة الجنس مما يعيدنا إلى زمن الرق والعبودية ولكن في أبشع صورة فأين الضمير الإنساني لتلك الدول التي تتحدث ليلاً ونهاراً عن حقوق المرأة والحريات بينما تغمض عيونها عن تجارة الجنس ودعارة القاصرين ؟!. من أهم حقوق الإنسان الاعتراف بكرامته الإنسانية وعدم تعرضها للاضطهاد , أو الانتهاك وهذا ما نصت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان , وضمنته قوانين الدول والتشريعات السماوية ويعتبر الاتجار بالجنس البشري انتهاكا صارخا لهذه الكرامة , ولأبسط حقوق الإنسان وبات من الضروري على الدول التصدي لهذه الظاهرة , والتي تعتبر من أخطر الظواهر التي تحتاج من المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود لمحاربتها ,إذ أضحت مشكلة عالمية تؤرق كاهل الدول فهي ليست محصورة في دولة معينة بل معظم دول العالم تنطوي على شبكات , ومافيا تدير عمليات واسعة للاتجار بالبشر واستغلال النساء والأطفال في الدعارة , والسياحة الجنسية وسائر أشكال الاستغلال الجنسي , و تشكل النساء والفتيات القاصرات نسبة 80% ممن يتم المتاجرة بهم , و رغم أن القانون الدولي يجرم الاتجار بالبشر وبكافة أشكاله , وتم سن القوانين والعقوبات الصارمة لمكافحة أشكال العبودية المنتشرة في العديد من دول العالم لكن تبقى الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالبشر , غير قادرة على القضاء على هذه الآفة , ففي كل دقيقة يتم الاتفاق ,أو بيع امرأة , أو طفل للعصابات الدولية والزج بهم في تجارة الجنس حيث يتم استغلال أكثر من مليون طفل سنويا في تجارة الجنس العالمية . وتعتبر ظاهرة الاتجار بالبشر من أكثر أشكال الجريمة الدولية تحقيقا للربح كونها جريمة منظمة ويصعب اكتشافها , إذ أصبحت ثاني تجارة غير شرعية في العالم بعد المخدرات، وأصبحت عابرة للقارات تمتد على خارطة العالم من إفريقيا إلى أوروبا فآسيا فالأمريكيتين , وهناك دول عربية معروفة تعتبر قبلة السياح الراغبين في السياحة الجنسية , وبما تعرضه السياحة الجنسية بما في ذلك دعارة القاصرين حيث تتجاهل السلطات فيها , ما يحدث في الشوارع وفي الفنادق من استغلال للنساء والقاصرين وتغض الطرف عنه بحكم أن السياحة من أهم ركائز الاقتصاد فيها , وتعتبر العائلات الفقيرة والفتيات الطامحات للثراء والخروج من دائرة الفقر من أهم ضحايا العصابات المنظمة حيث تصطادهم بعروض العمل الوهمية في أوروبا أو دول الخليج كخادمات , أو موظفات برواتب محترمة فتقبل الفتاة وعائلتها بهذا العرض للهروب من البؤس والفقر , وما أن تصل الفتاة للبلد حتى تصطدم بالواقع و يتم بيعها لعصابة تمتلك فنادق , أو بيوت دعارة سرية وتجبر بعدها تحت التهديد بالقتل والتعذيب على ممارسة البغاء وبيع جسدها للزبائن , وتعيش في ظل ظروف معيشية صعبة وحياة أقرب ما تكون لحياة العبيد كما في العصور الغابرة. تعتبر العبودية الجنسية من الجرائم المنظمة التي صنفت بأنها من أخطر الجرائم , التي تحتاج تكثيف الجهود وعدم الاكتفاء بصياغة القوانين , حيث أن هذه الجريمة تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وآدميته وكرامته وتحتاج من المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود بين الدول لتطويق هذه الآفة وحصرها وتجفيف منابعها وصولا إلى اجتثاثها من جذورها. د.نوف علي المطيري كاتبة سعودية [email protected]