بالأغاني الوطنية والأعلام.. جنوب سيناء تحتفل بالذكرى ال 51 لانتصارات أكتوبر –صور    بأعلام مصر والزي العسكري.. تلاميذ المدارس يحتفلون بانتصارات أكتوبر في بورسعيد -صور    18 جنيها لكيلو البطاطس.. أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق العبور اليوم الأحد    بمناسبة نصر أكتوبر.. فتح جميع حدائق القاهرة بالمجان اليوم    تجدد الاشتباكات العنيفة شمال غزة بين المقاومة وقوات الاحتلال    شوقي غريب يكشف كواليس فشل مفاوضاته مع الإسماعيلي لتدريب الفريق    "الزمالك فاوضنا عن طريق هذا الشخص".. وكيل بلعيد يفجر مفاجأة    عمار حمدي يتحدث عن.. مغادرة الأهلي.. أداء إمام عاشور وحب جماهير الزمالك    إصابة طالب برش خرطوش في مشاجرة بسوهاج    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات تقنين الأوضاع في صحراء الأهرام    البنوك إجازة اليوم بمناسبة ذكرى نصر 6 أكتوبر    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقى السفير السويدي وكبرى الشركات السويدية لدى مصر    أكرم القصاص: كلمة الرئيس السيسى خلال ذكرى نصر أكتوبر تحمل رسائل مهمة    مصر تعلق على دعوة الرئيس الفرنسي لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل    اكتشاف كبير.. اثنان من القتلة شاركا في تدمير الحياة قبل 66 مليون سنة    ميقاتي يشيد بدعوة الرئيس الفرنسي إلى الكف عن تسليم الأسلحة لإسرائيل    منظومة التعليم العالي تشهد تقدمًا غير مسبوق بسيناء بدعم من القيادة السياسية    في ذكري النصر .. تعرف علي استعدادات القوات المصرية لسحق جيش الاحتلال فى أكتوبر 1973    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 6-10-2024 في محافظة الدقهلية    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    "يصعب موقفه".. قرار صارم من حسين لبيب بشأن تجديد عقد زيزو    بمشاركة طارق شوقي.. تكني الإسكندرية تناقش بناء نظام تعليمي مرن    سحب منخفضة شمالًا.. الأرصاد تعلن توقعات حالة الطقس اليوم    مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة في قنا    طرح أغنية "جيش وشعب" ل ريهام عبدالحكيم احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر    القاهرة الإخبارية: صفارات الإنذار تدوى فى مستوطنات شمال غلاف غزة    تجمع نجوم الفن.. 10 صور جديدة من حفل زفاف ابنة علاء مرسي    ابنة شقيق جورج قرداحي تكشف حقيقة مقتله في غارة إسرائيلية على بيروت    «مياه الشرقية» تنظم ندوة لخطباء وأئمة المساجد للتوعية بترشيد الاستهلاك    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية كوم أشفين في قليوب ضمن مبادرة «أنت الحياة»    «الدواء» تحذر من عقاقير غير مطابقة للمواصفات.. بينها واحدا لعلاج نزلات البرد    أطعمة تخلصك من حموضة المعدة.. تعرف عليها    تحرير 112 محضرًا تموينيًا بمركزي القوصية والبداري بأسيوط    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    مفتي الجمهورية: الرفق والحكمة أساس الفتوى.. وملتزمون بالمنهج الأزهري    الكاريكاتير فى قلب الحدث!    قوات الاحتلال تقتحم حي رأس العامود في سلوان وأغلقت مدخل عابود برام الله    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    الدكتور    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    جيسوس: الهلال السعودي قوي بدون نيمار    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بائعة الشاي بالأزهر


د. علي زين العابدين الحسيني الأزهري
لا أستطيع أن أحكي مشاعر الحنان والأمومة، لكني رأيت كما رأى غيري من الطلاب بالجامع الأزهر “أم أحمد” بائعة الشاي، وهذا المشهد اليومي ربما رآه غيري من الطلاب ممن سبقونا في الدراسة، فلا أستطيع تحديد بداية بيعها للشاي بالأزهر، وما قصة ذلك، لكن مشهد الشاي وجلوس الطلاب في حلقات للمذاكرة هو الغالب عليّ الآن.
الأم الفاضلة والعاملة المجدة “أم أحمد” كانت امرأة عجوزاً، بعض شعيراتها الأبيض يتهدل حول رأسها، تربط منديلاً أسود دائماً، لا تمل من المرور على الطلاب ولا الحديث معهم، تشعر منها بطمأنينة وراحة بالٍ، ولسانُ مقالها وحالها عزوفٌ عن الدنيا وزينتها، تحدثك حديث الأم والقلب، وتتابع سير مذاكرتك وأوقات اختباراتك رغم أميتها، فهي لا تقرأ ولا تكتب، لكنها تقوم مقام الأم المتعلمة -وقت غيابها- في السؤال عن أولادها.
“أم أحمد” عيناها غائرتان، تتفرسان فينا ونحن جالسون في حلقات، وحولنا أكواب الشاي من صنع يدها، وتسأل الواحد منا تلو الواحد من أي المدن أنت؟، ونتبادل الحديث معها لمدة طويلة، فتنقل لنا وعياً مباشراً، وربما أحياناً بعض المعلومات الدينية، وحكايات مليئة بالأحداث العجيبة، ننتظر قيامها من مكانها بنفاد صبر، بانتظار أن تأتي لنا بأكواب الشاي، وليس مللاً منها، فهي لا تمل.
كل الطلاب الجالسين معها أولادها، ومنهم من هو وافد من خارج البلاد للدراسة في الأزهر الشريف، تنقل إليهم خبرات متعددة، وتدخل عليهم بكلماتها الطيبة، منذ عرفوها وهي ترتدي السواد، أمية تنقل إليهم بكلماتها الطيبة وعباراتها الرقيقة سلوكيات راقية.
لم أسأل نفسي قط في ذلك الحين لماذا يحب الجميع “أم أحمد” بائعة الشاي، ولماذا يحرص جميع الطلاب على السلام عليها بمجرد رؤيتها وحصولهم على دعوات صالحة منها خصوصاً وقت الاختبارات، والشعور بحنان نحوها، وهل هذا الشعور سيستمر معنا لسنوات، أم أنه مجرد شعور مؤقت سرعان ما يزول مع مرور الوقت أو على الأقل بعد الانتهاء من الدراسة، وراودتني هذه الأسئلة وهذا الشعور لسنوات فلم أستطع الإجابة لانقطاعي عن المكان لسنوات لطبيعة عملي خارج البلاد، وجاء الجواب بعد أول زيارة للجامع الأزهر، فتجدد نفس الشعور بعد رؤية “أم أحمد”، فرأيتها على حالتها وعملها، تغير شكلها، وكبر سنها، وأما عملها وجدها واجتهادها وأخلاقها فلم يتغير شيء، رأيتها من بعيد وشعرت نحوها بالشعور الأول شعور الأمومة والحنان، ويا له من شعور وقتها، ويا لها من فرحة غمرتني، كأن طفلاً صغيراً وجد أمه بعد طول انقطاع وغياب، وهنا حاولت مع نفسي التحدي هل ستعرفني “أم أحمد” بعد هذه السنوات، وقد تغير الشكل والملبس، فجئت إليها بلهف أخطو الخطوة بعد الخطوة، ومشاعر الحنان والفرح تغمرني، وطلبت منها بصوت خافض كأساً من الشاي، فسألت كعادتها عن مكان الجلوس فأشرت لها، وذهبت لمكاني حزيناً إذ لم تتمكن هذه المرأة العجوز من معرفتي، وكيف لها أن تعرف وقد تخرج على يديها الكثير من الطلاب والجيل تلو الجيل، ومن أنا حتى تسعفها ذاكرتها بي، وما هي إلا دقائق وقد أتت إلي بالشاي، ونظرتْ إليّ نظرات تلو نظرات حتى عرفتني، بل عرفت لقبي الذي كان يلقبني به الطلاب.
“أم أحمد” امرأة بسيطة استطاعت أن تضع لها في قلوبنا مكاناً، وتمكنت من ترك آثار وسلوكيات راقية عند الطلاب، فكانت أحاديثها مليئة بالخبرة، وقد امتلكت رصيداً من المحبة في قلوب أولادها الطلاب، وتعد نموذجاً فريداً في الحرص على العمل بجد واجتهاد لطلب الرزق، فرغم صغر عملها إلا أنها واظبت عليه طيلة هذه السنين، وارتبط اسمها بالأزهر وطلابه، ومع أميتها إلا أن لها على الطلاب يداً من خير، وأحسب أننا في حاجة ماسة لترك مثل هذا الذكر الحسن على مْن حولنا، ولو كانت أعمالنا بسيطة، أو أهدافنا عادية، فالإنسان مجرد ذكرى.
استطاعت أخلاق وبساطة “أم أحمد” في هذا الوقت ترك أثر في نفسي وغيري من الطلاب استمر معنا رغم مرور السنين، وربما كانت أحاديثها لي لا تزال تعمل في وعيي العميق حتى اليوم.
بقلم:
الشريف د. علي زين العابدين الحسيني الأزهري
باحث وكاتب أزهري
وعضو نقابة السادة الأشراف بمصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.